الانتخابات الأمريكية تكشف عن أخطر مركز أبحاث أمريكي

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب(يمين) والمرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن
الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب(يمين) والمرشح الديمقراطي للانتخابات الأمريكية جو بايدن

ظهور مراكز البحث والتفكير لاعبا مهما في مجتمع صانعي الإستراتيجية الأمريكية يشير إلى مدى تأثير هذه المجموعة المنظمة من المؤسسات في بيئة صنع الإستراتيجية الأمريكية.

المتابع للمشهد السياسي الأمريكي وطبيعة صناعة القرار فيه؛  يرى بوضوح أن مؤسسات ومراكز البحث والتفكير”think tanks” قد أصبحت جزءاً  لا يتجزأ من منظومة صناعة القرار الأمريكي.
 فمن بين العديد من المؤثرات يبرز الدور الكبير الذي تقوم به مراكز البحث والتفكير في صناعة الإستراتيجية الأمريكية للأمن القومي .
وتعتبر الأبحاث والدراسات العلمية الرصينة من أهم الركائز التي يعتمد عليها السياسيون ومتخذو القرارات في دول العالم المتقدم.
 حيث تساهم في رسم وتخطيط السياسات العامة للدول، وذلك انطلاقاً من قناعة تلك الدول بأهمية دراسة القضايا والمعضلات السياسية بشكل علمي منهجي للخروج من الأزمات .
وفيما يلي سنرصد أبرز واخطر مراكز الأبحاث التي تصنع السياسة الأمريكية ، ونسلط الضوء على توجهاتها وداعميها ومدى تاثيرها :
 معهد بروكينغز : تأسس هذا المعهد عام 1916 , ومقره في العاصمة واشنطن، ويحتل المركز الأول بين «مراكز الفكر» في أمريكا والعالم ؛ ويُعد أحد أكثر مراكز الفكر تأثيرًا في السياسات الأمريكية ، والتوجه العام للباحثين فيه يميل لليبرالية  وإلى الحزب الديمقراطي .

 

 

أسهم  معهد بروكينغز؛  في إنشاء الأمم المتحدة ومشروع مارشال ومكتب الميزانية التابع للكونغرس.

 إضافة إلى دوره في السياسات المؤثرة للإصلاح الضريبي المستند على الخارج وإصلاح الرفاهية والمساعدة الخارجية.
أما رئيس المعهد فهو “جون آلن” ونائب الرئيس التنفيذي فهو الدبلوماسي المعروف “مارتن إنديك”.
وأما المراكز التابعة للمؤسسة فهي : مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط، ومركز بروكينغز الدوحة: مقره في قطر ، المبادرة الأمنية في القرن الـ21 .
أما تمويله فقد بلغت ممتلكات مؤسسة بروكينغز قيمة 258 مليون دولار في نهاية العام 2004. والممولون الأساسيون هم : شركة فورد وشركة غايتس والسيناتور ديان فينشتاين وزوجها ريتشارد بلوم، ومصرف أمريكا وإيكسون موبايل ومؤسسة ماكآرثر وشركة كارنيغي والحكومة الأمريكية والمملكة المتحدة واليابان وقطر والصين.

 مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي : تأسست المؤسسة عام 1910، ومقرها في العاصمة واشنطن، وهي المؤسسة الفكرية الدولية الأقدم في أمريكا،فقد تاسست على يد “أندرو كارنيغي” بعد تقديمه هبة بقيمة 10 ملايين دولار.
وتمتد مؤسسة «كارنيغي» بفروعها الخمسة في واشنطن وموسكو وبيروت وبكين وبروكسل ،  ولا تُحسب المؤسسة على انتماء سياسي بعينه.
وتنشر المؤسسة (نشرة الاقتصاديات الدولية وبرو-إت-كونترا بالروسية، وشهرية بصائر الصين بالصينية ونشرة السياسة النووية ومجلة صدى باللغة العربية)

ظهور مراكز البحث والتفكير لاعبا مهما في مجتمع صانعي الاستراتيجية الأمريكية يشير إلى  مدى تأثير هذه المجموعة المنظمة من المؤسسات في بيئة صنع الإستراتيجية الأمريكية.

مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية : تأسس المركز عام 1962 , ومقره في العاصمة واشنطن , ويُعد المركز في المرتبة الأولى من بين مراكز الأبحاث الدولية في العالم، لناحية اهتمامه بالمسائل الأمنية والدولية،  وقد حلّ في المرتبة الرابعة بين عموم مراكز الأبحاث العالمية،  ويضم باحثين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري .
ويتضمن مجلس الأمناء كثيرين من المسؤولين الحكوميين السابقين الرفيعي المستوى من بينهم : (هنري كسنجر وزبيجنيو برجنزكي وويليم كوهين وجورج آرجيروس وبرنت سكاوكروفت) .
كما يضم المجلس شخصيات بارزة في مجالات المال والعقارات والأكاديميا والإعلام.
أما التمويل : فقد كان لدى المركز عائدات بقيمة 33.2 مليون دولار ، للسنة المالية 2012؛  وأنفق المركز 33.1 مليون دولار للعام 2012 .
 أشهر باحثيه 🙁 هنري كسينجر وزبيجنيو برجنزكي وويليم كوهين،  وجيمس أل. جونز وجيمس أر. تشيسنجر وهارولد براون وجون ألترمان وأنطوني كوردسمان ورايموند دابيوس وأندرو كوتشنز وولتر لاكور وجيمس أندرو لويس) .

مؤسسة راند : تأسست المؤسسة عام 1948ومقرها في كاليفورنيا،  وقد بدأت مشروعاً مموّلاً من سلاح القوات الجوية الأمريكية، ومن ثم قامت شركة فورد بتمويلها بشكل كامل.  وتعمل المؤسسة بالتعاون مع الحكومة الأمريكية ومع حكومات أخرى أو مع هيئات دولية أو أهلية .
وتملك بالإضافة إلى مقرها في كاليفورنيا 9 مقرات حول العالم، أحدها في قطر . وإيراداتها لعام  2019  بلغت 345 مليون دولار أمريكيّ .
ومنذ خمسينيات القرن الماضي، ساعد معهد راند- في تغذية القرارات السياسية  للحكومة الأمريكية بشأن مجموعة من القضايا مثل مواجهة الأسلحة النووية الأمريكية – السوفييتية والثورة الرقمية والعناية الصحية الوطنية.
ومن كبار الباحثين في راند : هنري هاب آرنولد (جنرال في سلاح الجو الأمريكي) وكنث آرو (اقتصادي حائز على جائزة نوبل) وروبرت أومان (عالم رياضيات حائز على جائزة نوبل) وصامويل كوهين (مخترع القنبلة النيوترونية في العام 1958)
وأندرو مارشال (إستراتيجي في الشؤون العسكرية) وآلن نيوول (مختص في الذكاء الصناعي) وغيرهم الكثيرين.
والجدير ذكره أن 32 حاصلاً على جائزة نوبل، خصوصاً في الاقتصاد والفيزياء، كان لهم علاقة أو ارتباط على نحو ما بمؤسسة راند خلال تاريخهم المهني.

مجلس العلاقات الخارجية : تأسس المجلس في عام 1921 , ومقره في نيويورك؛ وأيضا مكتب في العاصمة واشنطن , ويعد أحد أكثر المراكز تأثيرًا في السياسة الخارجية في أمريكا، ويقدم استشارات للهيئات الحكومية والمخابراتية الأمريكية .
والمجلس لا يمكن تصنيفه على أي من الحزبين الديمقراطي أو الجمهوري ، ويتكون من أكثر من 000 5 عضو جلهم من طبقة رجال الأعمال والسياسة.  وينشر المجلس مجلة نصف شهرية وهي مجلة الشؤون الخارجية الشهيرة  ويصدر المجلس المجلة الشهيرة أيضا فورين أفيرز؛ والتي تعنى بشؤون السياسات الدولية .

ظهور مراكز البحث والتفكير لاعباً مهماً في مجتمع صانعي الإستراتيجية الأمريكية يشير إلى  مدى تأثير هذه المجموعة المنظمة من المؤسسات في بيئة صنع الإستراتيجية الأمريكية.

أما التمويل؛ فلدى المجلس ميزانية تشغيلية بقيمة 60 مليون دولار , وهبات تصل قيمتها إلى 300 مليون دولار.
وتاريخيا ساهم باحثوه في صياغة استراتيجية خطة مارشال والحرب الباردة، ومن عام 1945 إلى عام 1972 كان أعضاء هذا المجلس يشغلون 40 -50% من كبار مسؤولي السياسة الخارجية في الإردارات الأمريكية المتلاحقة .

وفي الختام إن ظهور مراكز البحث والتفكير لاعباً مهماً في مجتمع صانعي الإستراتيجية الأمريكية يشير إلى  مدى تأثير هذه المجموعة المنظمة من المؤسسات في بيئة صنع الإستراتيجية الأمريكية.
وفي هذا السياق يقول  الباحث الأمريكي ريتشارد هاس :” من بين العديد من الجهات التي تمارس التأثير في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية، تعد مراكز البحث ودراسة السياسات الأكثر أهمية والأقل حظوة.”
ويتجلى تأثير هذه المراكز – ومدى خطورتها – على توجهات التفكير الإستراتيجي الأمريكي تجاه كثير من القضايا، كمشروع مارشال والحرب الباردة وقضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومحاصرة إيران وحلفائها  وأيضا أكثر دلالة على تاثيرها تغير التوجهات الأمريكية نحو الصين في عهد ترامب ومحاولة إحتوائها بشتى الطرق .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها