بين فرحة التحرر وغصة الملاحقة!

فصائل المقاومة الفلسطينية تتوعد الاحتلال الإسرائيلي

على المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام أن ترفض الإفراج عن الجنود الإسرائيليين المعتقلين لديها إن لم يكن ثمن حريتهم تبييض السجون الإسرائيلية.

في الثامن عشر  من شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام ألفين وأحد عشر،أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن ألف وسبعة وعشرين أسيرا فلسطينيا ؛ مقابل إفراج المقاومة الفلسطينية عن الجندي الإسرائيلي المعتقل لدى المقاومة”جلعاد شاليط”؛في صفقة عُرفت واشتُهرت بصفقة “وفاء الأحرار”.

وقد عمّتْ الأفراح أرجاء معبر رفح الحدودي مع جمهورية مصر العربية التي رعتْ الصفقة،فيما كان كبش الفداء لتحرر الأسرى الفلسطينيين وتمريغ أنف”إسرائيل”الشهيد أحمد الجعبري مهندس الصفقة،الذي اغتالته الطائرات الحربية الإسرائيلية بعد نحو عام من إبرام الصفقة، في جريمة تعكس تربص الاحتلال الإسرائيلي بكل فلسطيني وحر يعمل من أجل نصرة الأسرى وتحررهم.

 

فرحيل الجعبري شهيدا بعد أن أدى فريضة الحج،يشير إلى الألم الذي أحاط بملف الأسرى المحررين ضمن الصفقة،لاسيما في الضفة المحتلة حيث تعمد الاحتلال إعادة اختطافهم واعتقالهم من وسط بيوتهم وأحضان ذويهم،بل وأمعن في ملاحقتهم والتضييق عليهم، ووضع أسماءهم ضمن قوائم ما يُسمى”بالإرهاب”..

كما يحدث الآن مع الأسيرة”أحلام التميمي”الذي تعيش مرحلة التفريق الممنهج بينها وبين زوجها الذي كان أسيرا مثلها وهو الأسير المحرر نزار التميمي؛نزار الذي أجبر على الإقامة في قطر بعد أن أبلغته السلطات الأردنية بأن بقاءه في الأردن بجانب زوجته المحررة “أحلام” غير مرغوب فيه!

لتعيش الزوجة بعد إبعاده عنها عالم المطالبات والمناشدات بأن يتدخل الحقوقيون لإعادة زوجها لها، فبين الأردن حيث تقيم وبين قطر حيث يقيم، ملاحقات لا تخفت وتيرتها تطالب بتسليمها للولايات المتحدة الأمريكية،في مسعى من قبل الاحتلال الإسرائيلي لإعادة اعتقالها من جديد..!

تجسد التميمي معاناة ليس فقط المرأة الفلسطينية المحررة،بل قضية الإنسان برمته،الذي يُعتقل، وبعد أن يتحرر، يُلاقي نصيبه من التعذيب المدروس،إما بالتصفية الجسدية كما حدث للأسير مازن فقهاء ،الذي اغتيل عبر عملاء الاحتلال في غزة، وهو واحد من أخطر المطلوبين لديه.

على المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام أن ترفض الإفراج عن الجنود الإسرائيليين المعتقلين لديها إن لم يكن ثمن حريتهم تبييض السجون الإسرائيلية

والمبعدين ضمن شروط صفقة التبادل من نابلس “جبل النار” إلى “غزة هاشم”.!

فمن المآخذ التي تُسجل ضد صفقة وفاء الأحرار على أهميتها،أنها لم تكفل الدفء للمحررين ولذويهم لاسيما في الضفة المحتلة،حيث يجري اعتقالهم بين الحين والآخر،ومداهمة بيوتهم،وخطفهم، واستدعائهم،وتهديد أمنهم،وحياتهم.

وأيضا في غزة حيث يتم زرع العبوات الناسفة في أماكن وجودهم كما حدث مع الأسير المحرر توفيق أبو نعيم الذي لم يسلم هو وأمنه من حملات الملاحقة والتفجيرات التي طالته شخصيا وطالت عددا من المراكز الشرطية والأمنية..

في مسعى يهدف منه الاحتلال إلى زرع الفتنة،وخلط الأوراق،وإشعار المحررين بالغصة،وحرمانهم من نشوة الفرح بالتحرر، خاصة وأن أغلبهم حصلوا على مراكز سيادية وأصبحوا من المهيمنين في صناعة القرار سواء في غزة أو الضفة، بل وحتى أولئك الذين أُبعدوا إلى دول الشتات،لم يُستثنوا من صناعة القرار الفلسطيني،الأمر الذي يربك حسابات الاحتلال،الذي يرد على ذلك بإعادة استهدافهم وملاحقتهم أينما وُجدوا..

ومع كل ما سبق فإنني أجزم في ذكرى صفقة وفاء الأحرار التاسعة،بأنه يحق لغزة رأس السلام والحرب في العالم برمته أن تفخر، ويحق لها في ذات الوقت أن تطالب بشقيقات للصفقة، لاسيما وأن لديها أربعة جنود إسرائيلين،أسرهم أبطال مقاومتها، بينما كانوا في بطون دباباتهم ينهشون أجساد الآمنين الفلسطينيين، ليصبح الاحتفاظ بهم لدى المقاومة ورقة من ورقات المناورة والتفاوض، من أجل ليس إبرام صفقة وفاء جديدة، بل من أجل أن يتم عبرهم نسف السجون الإسرائيلية والإفراج عن كل الأسرى الفلسطينيين والعرب دون شرط أو قيد أو تمييز..

فعلى المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام أن ترفض الإفراج عن الجنود الإسرائيليين المعتقلين لديها إن لم يكن ثمن حريتهم تبييض السجون الإسرائيلية وإزالتها على طريق تحقيق حلم الفلسطينيين بتحرير أرضهم وقدسهم.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها