كيف خرجت من سوريا؟

في سوريا وعلى مدار سنوات تجاوزت العشرة ؛ مارس النظام السوري؛ فيها أبشع الجرائم عبر التاريخ لتعدد أشكال الرحيل والسبب واحد.

يعز على المرء فراق وطنه! فمهما حصل على ميزات خارجه سيبقى يفتقد الشعور بالأمان والطمأنينة التي يوفرها له الوطن الأم، بينما هوعلى أرضه محاطاً بأهله وأحبابه.
وليس أقسى على قلب الإنسان من الوداع؛  فكيف إذا كان هذا الوداع  لوطن بأكمله، يرحل عنه حاملاً معه ذكرياته وتاركاً خلفه كل أشياءه الغالية على قلبه حتى التافهة منها.
كيف خرجت من وطنك ؟ سؤال أول ما يتبادر إلى الذهن من أجل الإجابة   عنه  هو أن يجيب الشخص ؛ خرجت طالباً للعلم أو بحثا عن عقد عمل أو ربما سائحاً.
إلا في بلاد القتل والتدمير ستجد إجابات تفطر القلب، فحب الوطن مرتبط بالدرجة الأولى لدى الإنسان بالشعور أن هذا البلد بلده؛ وسعادته في عماره وتطوره وتعاسته في خرابه ودماره فكيف به يودعه مجبراً ويبقى مبعداً على قيد الانتظار؟.

في سوريا وعلى مدار سنوات تجاوزت العشر ؛ مارس النظام السوري؛  فيها أبشع الجرائم في التاريخ لتعدد أشكال الرحيل والسبب واحد.
خرج السوريون من وطنهم منكبين على وجوههم ، بلا هوية محملين بكل أنواع القهر والأسى والحزن،هاربين من الموت الذي حول ترابها إلى قبر جماعي يعج بالجثث.
(كيف طلعت من من سوريا) هاشتاج  أطلقته الصحفية السورية ديمة السيد على صفحتها الشخصية طلبت فيه من متابعيها كتابة قصة خروجهم من وطنهم و بدأت بقصتها.
تقول ديمة:“خرجت من 9 سنين في يوم وليلة بعد ما أخدوا رفقاتي النظام وهددوا أبي ،إجاني تلفون بكرا في طلعة ع تركيا ضبيت شنتة صغيرة لساتها لهلأ عندي ودعت الشام حارة حارة وكل مطرح بحبو،ودعت رفقات الثورة بساروجة،ودعت رفيقة قلبي اللي كنت خاف عليها أكتر من حالي؛ وبالثورة بعدت عنها مشان ماضرها ولا سببلا مشاكل من خوفي عليها،طلعت ورحلتي كتير كانت صعبة ،شفت اشتباكات بالنبك،اشتباكات بجسر الشغور،وبعدين وصلت،وعلى الحدود بكيت بكيت بكيت ،ومسكت الطراب وقلت ياخسارة وعلى أساس أرجع بس تخلص الفيزا ولهلأ ماخلصت، وبحب هالبلد”.

قصة وراء قصة وفي كل قصة غصَّة تحكي أوجاع السوريين المبعدين عن وطنهم الذي ولدوا فيه وتربوا في كنفه ثم ودعوه بكامل الأسى لتبدأ رحلة البحث عن أرض تحتضن جراحهم ومكان يتسع لتربية أطفالهم وبلد لا يقتل فيها من ادعوا أنهم حماة للوطن شعبهم.

توالت القصص في التعليقات التي عبر فيها السوريون عن حزنهم؛  وألمهم لفراق وطنهم وكتبوا الأسباب التي أجبرتهم على الرحيل وتشابهت غالبية التعليقات بأنهم خرجوا بحقائب سفر صغيرة معتقدين أنهم سيعودون بعد شهر أو أقل ومازال الشهر لم ينته بعد.
وعن من ذاقوا طعم الاعتقال المر في سجون النظام، ثم خرجوا منه بمعجزة ما ،كتب أحمد محمد: “طالعوني من المعتقل بصفقة تبادل و زتونا بشارع بغداد،و أخدوني أصدقائي تهريب على بلدي وقررت مغادرة سورية فخرجت باتجاه الرقة وبعدها إدلب و 7 محاولات لحتى استطعت العبور على تركيا،تركت كل شيء في منزلي حتى رصيدي بالبنك تركته،خرجت بزوجتي وأولادي والحمدلله وكان هذا في سنة 2015 ومازلت حيّاً ببقايا إنسان.
ولم يقتصر الهروب من الموت على الكبار فقط فمن بين القصص كتبت (نوره) “طلعت مرتين منها أول مرة مع جدي الله يرحمه، بس ما تحملت ورجعت على سورية، تاني مرة أهلي حجزولي بدون ما أعرف وطلعت غصب؛  وبليلة سفري كانت قايمة مجزرة الخالدية تاني يوم الصبح كانت الأرض دم وعلي أساس تلغى رحلتي وأنا أدعي ما تلغى .. وسافرت بدون أهلي كان عمري ١٦ سنة”.

خرج السوريون من وطنهم منكبين على وجوههم ، بلا هوية محملين بكل أنواع القهر والأسى والحزن،هاربين من الموت الذي حول ترابها إلى قبر جماعي يعج بالجثث.

أما عن أولئك الذين اضطروا للرحيل جسداً؛  ومازالوا يعيشون في سوريا روحاً كتب الصحفي محمد بيطار على صفحته مستخدماً نفس الهاشتاغ : “يا ريت عم اقدر اطلع ..بعدني هنيك بالشام أنا “.
وبما أن لكل بداية نهاية ولكل فراق لقاء لم يكتب السوريون عن قصص خروجهم مجبرين فقط بل عبروا عن أحلامهم وآمالهم  في العودة المنتظرة إلى وطنهم؛  آملين أن يبكوا فرحاً لا حزناً.
عن ذلك كتب (أبو يزن)”أصعب شي إنك تطلع مكسور الخاطر تطلع غصب من عنك والطلعة مو متل الرجعة يعني مالك بشغل أو سياحة بأي وقت ممكن بتحب بترجع إن شاء الله منرجع رجعة عز”.
قصة وراء قصة وفي كل قصة غصَّة تحكي أوجاع السوريين المبعدين عن وطنهم الذي ولدوا فيه وتربوا في كنفه ثم ودعوه بكامل الأسى لتبدأ رحلة البحث عن أرض تحتضن جراحهم ومكان يتسع لتربية أطفالهم وبلد لا يقتل فيها من ادعوا أنهم حماة للوطن شعبهم.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها