شهوة الهدم (١)

الجيش المصري فجر المنازل في سيناء بعد تهجير أهلها

منذ أن تحدث عن طفولته وأقرانه الذين كانوا يجهزون عليه، مما جعله يضمر رغبة عميقة لاضطهاد الضعفاء والفقراء على وجه الخصوص حين تمكن.

لا يستند عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر،  في قراراته إلي معلومات،  ولا يؤمن بالتخطيط ولا دراسات الجدوى؛  وإنما ينحاز إلي الفهلوة والفتاكة في محاولات تمديد بقائه في الحكم.

إنه يحاول إعطاء سامعه إنطباعا يوحي بعشوائية التفكير في إدارة الدولة  لكن الحقيقة غير ذلك فهو يخطط لأهداف أخري بعيدة؛ وكامنة في نفسه.

منذ أن تحدث عن طفولته وأقرانه الذين كانوا يجهزون عليه، مما جعله يضمر رغبة عميقة لاضطهاد الضعفاء والفقراء  على وجه الخصوص حين يتمكن.  

قوات أمن مصرية في أحد شوارع العريش عاصمة محافظة شمال سيناء-أرشيف

 

فمنذ أن ظهر  السيسي على سطح الحياة العامة، مديراً المخابرات الحربية مع ثورة 25 يناير 2011؛  فأمر بقتل الثوار وإضطهاد الفتيات وسحلهم في جوانب ميدان التحرير (ميدان الثورة المصرية) وإجراء كشوف العذرية وتعرية جنودة للفتيات في الميدان، الأمر الذي يعد أشد و أفجر ألوان لامتهان للمرأة المصرية التي ظلت مصونة العفاف دائماً في الضمير المصري .

انطلق السيسي بنهم شديد عقب انقلابه الفاضح على الرئيس المنتخب والتجربة الديموقراطية الوليدة، في 3 يوليو تموز 2013 ليرجع بمصر إلي الوراء بعيداً بعد ثورتها المبهرة للعالم في 25 يناير  كانون الثاني.

أنطلق إلي غزة يخنقها بالسور العازل البغيض في عمقه وارتفاعه ليمنع عنها كل أسباب الحياة وكأنه يعاقبها هو أيضا.

وكأنه ينفث عن حقد دفين والحجة؛ إغلاق الأنفاق ومنع الارهاب ملبياً مطالب إسرائيل لتحقيق أمنها بحصار غزة والإجهاز على شعبها بالسور العازل.

والمجري المائي المالح الملاصق للسور،  والذي أحال مياهها الجوفية مِلحاً أٌجاجاً لا يصلح لشرب ولا لزراعة.

إنها الشهوة الدفينة في نفسه بإعتصار الفقراء ومن لا نصير لهم إلا الله . ثم يقفز إلي رفح المصرية فيزيل منازلها الملاصقة لرفح الفلسطينية،  بعمق ½ كم في البداية ثم يمد الإزالة والهدم إلي مسافة 5 كم من خط الحدود مع غزة.

ثم يمتد حسب تصريح موقع اليوم السابع في  1 مايو أيار  2017؛  إلي مناطق الجورة و التومه والشيخ زويد ، منطقة كندا الملاصقة للشريط الحدودي لغزة (27 منطقة حددتها القوات المسلحة).

وحسب تقرير وزارة الداخلية تم قتل 200 من أبناء سيناء وبصور بشعه بدعوى أنهم إرهابيون دون تحقيق وكأن النيابة ليست هنا ..

 منذ أن تحدث عن طفولته وأقرانه الذين كانوا يجهزون عليه، مما جعله يضمر رغبة عميقة لاضطهاد الضعفاء والفقراء  على وجه الخصوص حين تمكن.  

لقد دمر الجيش المصرى مناطق فى سابقة خطيرة حُفرت هوةٌ عميقة بينه وبين شعبه.

فأزال كل ما على أرض سيناء ،خاصة الشريط الحدودي لغزة من عمار وبشر ماحياً كل آثار الحياة ، ٢٠ الف فدان مزروعة بالزيتون والموالح والفواكه المتميزة دوليا، ومهجراً لأهلها، وطارداً لهم خارج مناطقهم وبيوتهم ومساجدهم ومدارس أولادهم .

وبصورة مستفزة في وقائع غير مسبوقة دون إنذار مسبق واقتحامات عاجلة للهدم والتدمير بين مواطنين بسطاء عزل لا يملكون إلا توثيق هذه الوقائع بالصور  لجيشهم وحامي بلادهم.

وبمعداته الضخمة وقوته المعروفة يدمر بيوتهم ومساجدهم؛  ومدارس أبنائهم ،ويصفي وجودهم ويهجرهم إلي أماكن لم يألفوها؛ وأرض لم يسكنوها داخل سيناء وخارجها.

غاب الإعلام والبرلمان والمنظمات المدنية لأن الجيش منع كل ذلك حتي يخفي الجريمة التي ما زالت مستمرة بتهجير قطاع كبير من الشيخ زويد وبئر العبد إلي أماكن مؤقتة على وعد بإعادتهم ولم يتحقق من ذلك شئ.

وإدعاء بتعويض هزيل لم يتحقق. مُنع الإعلامُ من متابعة الجريمة باوامر عسكرية صارمة.

استفز ذلك الطرد والابعاد منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة فوثقته في تقرير طويل لها فى 22 مايو أيار  ٢٠١٨ بأقوال ومعاناة الذين كانوا أصحاب الأرض والزرع والبيوت وغربتهم وعذابهم بعدها.

وقد غاب الإعلام والبرلمان والمنظمات المدنية لأن الجيش منع كل ذلك حتي يخفي الجريمة التي ما زالت مستمرة بتهجير قطاع كبير من الشيخ زويد وبئر العبد إلي أماكن مؤقتة على وعد بإعادتهم ولم يتحقق من ذلك شئ.

فخرجوا يتظاهرون ويطالبون بإعادتهم لبيوتهم ، وأظن ذلك لن يتحقق لأن صفقة القرن بدت ملامحها والتجهيز لها على قدم وساق.

وبدا واضحاً في مشروع التطبيع الجاري الآن بين الإمارات والبحرين وإسرائيل بدعم من أمريكا وواضح أن سيناء جزء من المشروع.

وأن تهجير أهالي سيناء من منازلهم ومدنهم وقراهم لم يكن بسبب الإرهاب؛  كما قيل ولكنها الأهداف البعيدة التي يخطط لها السيسي وينفذها فريقه المعاون، الذين بدورهم يطرحون على الشعب شيئا وما يدبرون له شئ آخر.

إنها صفقة القرن التي سلم السيسي من أجلها تيران وصنافير وأفقر الشعب المصرى بالديون بتريليونات الجنيهات، وحرمانه من حقوق غازه فى المتوسط بعد أن أسقط ثورته وكبل إرادته.

إن حماية سيناء من الأرهاب لن تتحقق بغير التنمية فى رأى كل الخبراء لحماية بوابة مصر الشرقية من أى عدوان عليها.  

إن إخلاء سيناء وإفقارها مطلب لا يحقق إلا المصلحة الإسرائيلية ،وهو مايبدو متوافقا مع مايريده السيسي وفريقه… أنها شهوة الهدم التى يخفيها وتظهرها صفقةُ القرن و داعمو إسرائيل فى المنطقة.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها