جهود أمريكية لتطبيع العلاقات الإسرائيلية – السودانية

أبرمت كل من الإمارات والبحرين اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل برعاية أمريكية

بقدر ما يأمل الرئيس الأمريكي في تحقيق إنجاز دبلوماسي آخر قبل تشرين الثاني/نوفمبر، فإن اندفاع السلام هذا قد يكون بعيداً عن عمقه.

ظل السودان يتعامل مع أزمة اقتصادية متدهورة لأعوام، من دون أي مؤشرات تعكس علامات انتعاش قريب الأمد .

في الشهر الماضي، بلغ معدل التضخم في البلاد قرابة 170٪ ، وهو ما تزامن مع استمرار السقوط الحر للجنيه السوداني،  وإعلان الحكومة حالة الطوارئ الاقتصادية.

كان تصنيف الولايات المتحدة للسودان دولة راعية للإرهاب، محركًا مهمًا للمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ فترة طويلة، حيث تم تقييد الاستثمار الأجنبي في السودان وتجارته مع الدول الأخرى إلى حد كبير.

في الأشهر الأخيرة، ضاعف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جهوده لتسهيل معاهدات السلام بين إسرائيل والدول العربية، وهي دفعة يُنظر إليها على أنها مكون رئيسي في حملة ترمب لإعادة انتخابه.

مظاهرات في السودان – أرشيف

 

في الأسابيع الماضية، قامت كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ونال ترمب الكثير من الفضل في تحقيق ذلك.

في حين أن الاجتماع في أبو ظبي يبدو تمهيدًا لاتفاق سلام ثالث مع إسرائيل في ربع قرن، ربما لا تزال هناك مجموعة من الشكوك تقف في طريق ثمارها.

وبقدر ما يأمل الرئيس الأمريكي في تحقيق إنجاز دبلوماسي آخر قبل تشرين الثاني/نوفمبر، فإن إندفاع السلام هذا قد يكون بعيداً عن عمقه.

لن يكون ترمب قادرا على تسليم حزمة المساعدات الهائلة التي يطلبها السودان؛ سيحتاج إلى موافقة الكونغرس على ذلك، وهو أمر من غير المرجح أن يحدث قبل الانتخابات الأمريكية.

من غير المؤكد ما إذا كان السودان سيقبل بصفقة مع إسرائيل من دون تعهد واشنطن بتقديم مساعدة مالية كبيرة.

ويبقى أن نرى كيف ستتفاوض الأطراف المختلفة على تفاصيل صفقة محتملة في أيام قادمة. كواحد من الدوافع الرئيسية للتقارب بين البلدين الخليجيين وإسرائيل هو العداء المتبادل تجاه إيران.

والسودان  الذي لا يشاركه مخاوفه الإقليمية، ليس في عجلة من أمره للتوصل إلى اتفاق التطبيع.

في غضون ذلك، يشكل السودان المفكك إلى حد كبير عبئًا على جهود التطبيع. المجتمع في السودان مجزأ للغاية على أسس إقليمية وعرقية، ويعرض الحكومة لمعارضة محتملة من العديد من الجماعات.

على مدار الشهرين الماضيين ، أصدرت الحكومة السودانية أيضًا تصريحات متناقضة بشأن نيتها تطبيع العلاقات مع إسرائيل

منذ وقت ليس ببعيد، كان السودان لا يزال في أيدي حاكم قديم يتغاضى عن انتشار الفساد والعنف. لكن حركة احتجاج شعبية سادت، ما أدى إلى استيلاء الجيش على الخرطوم.

في أعقاب جولات محادثات السلام، توصلت الحركة المدنية السودانية إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع الجيش، وتم إنشاء مجلس انتقالي يدار بشكل مشترك. جزء لا يتجزأ من الاتفاقية هو إدراج الانتخابات العامة المقرر إجراؤها بعد انتهاء ولاية المجلس.

منذ ذلك الحين، كان هناك إجماع بين المؤسسة الحاكمة على ضرورة التعاون مع إسرائيل، لكن توقيع اتفاقية رسمية لا يزال يعتبر من المحرمات من قبل شريحة واسعة من المجتمع السوداني.

ففي فبراير/شباط الماضي، عندما اتخذ الفريق عبد الفتاح البرهان خطوة غير مسبوقة للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ خرجت موجات من الاحتجاجات إلى البرهان في العاصمة السودانية الخرطوم وذلك لتعلن عن رفض الصفقة مع إسرائيل بشكل ينبع من الأوساط الإسلامية؛  لكن شرائح أخرى من المجتمع كانت أيضاً غاضبة إزاء ما اعتبرته قراراً أحادياً.

على مدار الشهرين الماضيين، أصدرت الحكومة السودانية أيضًا تصريحات متناقضة بشأن نيتها تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

على الرغم من العقبات الهائلة؛ فإن الطريق إلى التطبيع كان ممهدًا بشكل جيد طوال التاريخ الحديث للعلاقات الإسرائيلية السودانية.

بدأت الطائرات الإسرائيلية التحليق فوق السودان وازداد الاتصال بين المسؤولين الأمريكيين والقادة السودانيين ، ما يشير إلى تكثيف الجهود للمساعدة في تحقيق اتفاق إسرائيلي سوداني.

وقد ظهرت أولى بوادر التعاون بين البلدين منذ أربعة عقود مضت، في الثمانينيات ، في محاولة نقل اليهود الإثيوبيين من الدولة المنكوبة بالحرب، حيث نقلتهم إسرائيل جواً عبر السودان.

وكانت وسائل الإعلام الأمريكية قد أوردت في ذلك الوقت، النقاش الذي جرى بين الزعيم السوداني السابق جعفر نميري وأرييل شارون، وزير الدفاع آنذاك في إسرائيل، حول الموضوع.

ومع ذلك، استمرت الأعمال العدائية المتبادلة في العقد الماضي؛  واعتبرت إسرائيل في ذلك الوقت أن السودان يشكل تهديدا أمنيا لأنها اشتبهت في أن إيران تستخدم السودان قناة لتهريب الذخائر برا إلى قطاع غزة.

في عام 2009، قالت مصادر إقليمية إن طائرات إسرائيلية قصفت قافلة أسلحة في السودان. لكن منذ إطاحة عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، نأت الخرطوم بنفسها عن إيران.

وقد ظهرت أيضًا العديد من الإشارات التي تُظهر الإيماءات الودية بالتزامن مع الاجتماع التاريخي بين نتنياهو والبرهان في فبراير/شباط.

وبدأت الطائرات الإسرائيلية التحليق فوق السودان وازداد الاتصال بين المسؤولين الأمريكيين والقادة السودانيين، ما يشير إلى تكثيف الجهود للمساعدة في تحقيق اتفاق إسرائيلي سوداني.

لن يكون من المدهش سماع أخبار البلدين اللذين يعلنان عن صفقة بناء على طلب من الحكومة الأمريكية، حيث إن ترمب، الذي يأس من الحصول على اليد العليا في حملته الانتخابية، مستعد للذهاب إلى أقصى حد لتسهيل ذلك.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها