الآخر

متظاهرون كتبوا بالطلاء الأحمر عبارة "دولة قتل النساء" على جدار القصر الرئاسي في المكسيك

“اطردوا هذه الفئة، اقتلوا تلك الأقلية، اقمعوا أولئك النسوة، انتزعوا هؤلاء المارقة من بينكم..”

والكثير من خطابات الكراهية تُطلق في أنحاء العالم كل يوم؛  لأن البشر أجناس وأعراق مختلفة ولذلك فهم لا يطيقون العيش معا.

النزعة العنصرية متغلغلة جدا في نسيجهم البشري والفكري إلى الحد الذي أطبق على أعينهم فلم يعودوا يرون إلا غبشا أسود؛ يعزلهم في جماعات محددة ومحدودة تشترك في نفس الفكر والمنطق “الأعوج”.

العنصرية القبلية والطائفية والطبقية والجندرية وغيرها من الأيديولوجيات يتخذها البعض حُجّة ليُقصي الأخر.

ولن تنتهي هذه القائمة السوداء، فالعالم مشبع بما يكفي من العنصريات المقززة والمعادية للآخر؛  والتي تؤكد معنى أن الانسان كائن شرير سادي وكافة الحروب والمصائب تنبع منه وحده والطبيعة بريئة منه.

مظاهرات واسعة إثر مقتل أمريكي أسود على يد رجل شرطة

 

الكره والحب نقيضا بعضهما؛ ولكنني أختلف مع ذلك وأؤمن بأن الكره والتقبّل هما نقيضا بعضهما؛ ليس عليك أن تحبني، ولكن عليك أن تتقبلني كما أنا!

من غير  خلفيتي الدينية أو البقعة الجغرافية التي أنتمي لها أو حتى جنسي أو عرقي الذي أنحدر منه أو ما هي القضايا التي أؤمن بها.

المشكلة لدينا: فخطابات الكراهية مُلقوها يفتقدون حس التحاور والنقاش؛  وبالتأكيد تقبل الأخر .

ولذلك فهم أصحاب عقول دوغمائية متشددة ومتطرفة لا تقبل إلا بالخضوع والقبول لمبادئهم مهما كانت.

للأسف فمادام يعتقد بأنه من جنس متفوق وأعلى شأنا سيظل يحترق بنار الحقد ويظل أعمى البصيرة ضاربا بمعتقدات الأخر عرض الحائط.

شخصيا، لست من الذين يتفاعلون بمواقع التواصل بشكل مباشر؛ ولكنني من حين لأخر أتصفح بعجل وكل ما الاحظه فيها؛ يكشف مدى شيوع التعصب بين الأفراد.

مواقع التواصل الاجتماعي الآن عرّت الفكر الجامد والمتطرف وأصحاب المعتقدات الرافضة للاختلاف والتي تقصي وتنبذ من يجاهر بآرائه المعارضة.

كل ما هنالك هي مضاربات شفهية وقذف بأعراض و عراكات بالألسن؛  وخطابات تُحرض على العنف والكراهية اتجاه الأخر ومازال هناك الصراع  الجندري الذي يرفض تفوق الآخر عليه.

وصراعات لن تنتهي بعد حقيقة، لا أعتقد بأن الأفراد هم من يعانون من هذه المشاعر المضطربة وحدهم بلا تدخل ولكن الإعلام هو من وجههم بداية ولقنهم ليروا الآخرين عبيدا؛ وهم بهذه الترهات يزدادون ضخامة وعنصرية.

النزعة العنصرية متغلغلة جدا في نسيجهم البشري والفكري إلى الحد الذي أطبق على أعينهم فلم يعودوا يرون إلا غبشا أسود؛ يعزلهم في جماعات محددة ومحدودة تشترك في نفس الفكر والمنطق “الأعوج”.

يقول أستاذ اللسانيات والفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي: “طالما أن عامة الناس لا يعلمون أو غير مبالين أو تم تحويلهم إلى النزعة الاستهلاكية أو الكراهية والانشغال بإقصاء بعضهم البعض، عندها يمكن للأقوياء أن يفعلوا ما يحلو لهم، وسوف يُترك أولئك الباقون على قيد الحياة للتفكير في نتائج واقعهم.”

من حق الآخرين أن يختلفوا مع معتقدات الأخر أو آرائه؛ ولكن ليس من حقهم مهاجمتهم لها ولاتباع مذاهب أو سياسات تختلف عن نهجهم.

لأنه ببساطة وكما يُقال: الاختلاف لا يُفسد للود قضية، أو هذا ما يجب أن يجري.

واقعيا، ليس هناك حل جذري لوقف هذه الخطابات المُقصيّة والتي تنبذ المختلف، لأن أغلب هذه الأفكار تمت برمجتها بعقول بعض المجتمعات.

وسيحتاجون جهودا كبيرة وحقيقية ليكسروا الأغلال من أذهانهم ويتعلموا بشكل ذاتي وجدي بأن اتخاذ القرار وتبني سياسية ما، هي حق مشترك وان الحوار لغة الحضارة ولغة ترسم ملامح البيئة التي يدافع عنها بشراسة.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها