إسرائيل اذ تبيع الغاز لأصحابه!

بدأت إسرائيل في تصدير الغاز إلى الأردن ومن بعدها مصر رغم الرفض الشعبي

انقلبت الآية وتحولت الأوردة التي كانت تغذي الاحتلال الاسرائيلي بالغاز إلى شرايين تصدره للدول العربية المجاورة.

هذا “التحول التاريخي” كما سماه وزير الطاقة الاسرائيلي يعلن بداية مرحلة جديدة تعزز فيها إسرائيل نفوذها في المنطقة ليس كلاعب مهم في سوق الطاقة فحسب، بل كقوة تمتلك فائضًا يؤهلها في مرحلة لاحقة لمزيد من التأثير على المواقف والقرارات السياسية لدول الجوار.               
الضخ الذي بدأ بحسب إعلان شركة الكهرباء الوطنية الأردنية “نيبكو” يستمر تجريبيًا لمدة ثلاثة أشهر، بإمداد من حقل ليفاثيان في البحر المتوسط، ولتكتمل فصول المفارقة الهزلية فإن مصر ستستورده من إسرائيل بعد الأردن بأيام قليلة؛ وهي التي كانت تصدره لكليهما. 

لمن القرار؟ 

الغضب الشعبي الواسع الذي اشتعل في الأردن عقب هذا الإعلان يترجم جزءا من الضمير العربي الذي يرى ويسمع معاناة الفلسطينيين بعد نهب ثرواتهم وبيعها بينما يمرون بواحدة من أقسى أزماتهم وأسوأ فترات البطالة في صفوفهم حيث يعاني منها ربع الفلسطينيين ونصف الغزيين.
التظاهرات الشعبية في الأردن شكلت ضغطًا على الأحزاب والقوى السياسية وإحراجا لمجلس النواب الذي كان قد تعهد بمواجهة مع الحكومة في حال أصرت على تطبيق اتفاقية استيراد الغاز الموقعة مع إسرائيل؛
لكن حتى الآن وبعد أيام من بدء ضخ الغاز فإن هذا الغضب الشعبي والوعود البرلمانية لم يثمرا عن أي تغيير على العمل بالاتفاقية التي تمضي فيها الحكومة قدما متجاهلة كل هذه الأصوات والمطالبات الشعبية. 

ماذا عن غزة؟

وبينما كان نتنياهو يعلن متفاخراً أن بدء تصدير الغاز لدول الجوار سيجلب لخزينة إسرائيل مليارات الدولارات فإن غزة التي لا تبعد كثيرا عن حقل غاز ضخم قبالة شواطئها ما زالت ترزح تحت سطوة فقر وقهر لم تعهدهما من قبل حيث يصنف 70‎%‎ من سكانها بأنهم غير آمنين غذائيًا.
شهد أهل غزة افتتاح زعيمهم الراحل ياسر عرفات لأول حقل غاز قبالة شواطئهم عام ألفين، وتأملوا أن تتحول غزة إلى سنغافورة ثانية تشبهها في الرفاهية والتطور لكنها لم تلبث أعوامًا قليلة حتى غرقت في ظلام دامس لم تخرج منه حتى يومنا هذا، بينما تعزز إسرائيل وجود قواتها البحرية حول الحقل المنقذ الذي تطل عليه غزة بكل فقرها ووجعها عليه.

إسرائيل إذ تسابق الوقت 

الإعلان الإسرائيلي عن بدء التصدير الفعلي للأردن ومصر تزامن مع التوقيع على اتفاقية ثلاثية مع قبرص واليونان لبدء تصدير الغاز إلى أوربا، فيما يبدو بأنه طموح غير محدود لدولة الاحتلال التي تعيش عصرًا ذهبيًا سياسيًا واقتصاديًا بتحول صارخ في مواقف دول الإقليم من العداء أو الجفاء إلى طلب الود واستجداء الرضى ما فتح الباب أمامها لتطلق العنان لمطامعها التي تتجاوز أسواق الطاقة في الشرق الأوسط إلى أبعد من ذلك بكثير.

أسئلة عالقة 

أسئلة كثيرة تبقى عالقة بلا إجابة أمام هذه التطورات السريعة في المنطقة؛ فما الذي يدفع الدول العربية لتحدي إرادة شعوبها والمضي في اتفاقيات تتحدى الرأي العام في بلدانهم؟، وكيف تشتري الدول العربية ما تعلم يقينًا أنها سيجعلها ضحية لارتهان المواقف والسياسات؟، والأهم من هذا كله، هل شراء الغاز المسروق ضمن هذه الشروط والأسعار هو لمنفعة اقتصادية أم إن لهم فيها مآرب أخرى؟!

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها