حرق الأوراق

                                         

تعقدت مشكلة سد النهضة الذي تقيمه أثيوبيا على النيل الأزرق بعد توقيع السيسي في 23/3/2015 على الاتفاقية الاطارية التي صادرت حقوق مصر التاريخية والقانونية وحصتها المائية 55.5 مليار متر مكعب سنويا ثم الدخول في مفاوضات عبثية تحقق لأثيوبيا ما تريد وهي تقوم ببناء السد حتى إعلان السيسي في الأمم المتحدة بوصول المفاوضات الي طريق مسدود.

لقد كانت مصر والسودان تملكان أوراقا كثيرة تحقق حلولا هادئة مأمونة العواقب للمشكلة منها اللجوء الي القانون الدولي كما يري الدكتور/ أحمد المفتي والتمسك بالاتفاقيات التاريخية التي وقعتها أثيوبيا ومنها مثلا اتفاقية سنة 1902 والتي وقع عليها الملك الاثيوبي / مينليك وحصل فيها علي منطقة بني شنقول مقابل عدم المساس بالنيل الأزرق وعدم إقامة أي إنشاءات عليه تمس حقوق مصر والسودان التاريخية إلا أن السيسي والبشير بتوقيعهما علي هذه الوثيقة أهدرا هذه الورقة الهامة ولم يستمع السيسي لمساعديه بعدم التوقيع عليها لأن ذلك سيتسبب في مشكلات كبيرة وهو ما حدث الآن .

كان السيسي منتشيا بنفسه حين وقع على الوثيقة وكأنه حقق نصرا دون أن يدري (وربما كان يدري) أنه يسقط مصر في مأزق تاريخي غير مسبوق.

إضاعة الوقت:

حصة مصر من مياه النيل هي 55.5 مليار متر مكعب يشرب منها مائة مليون مواطن ويزرع منها الفلاحين (57% من شعب مصر) يعيشون على 8 ملايين و500 الف فدان ويقدمون 65% من احتياجات مصر الغذائية ويستثمرون أكثر من 70 مليار جنية في ثروة حيوانية (عدد 19 مليون رأس ماشية) غير الثروة السمكية والنقل.

وصلت الأزمة الى الساحة الدولية بعد أن استثمرت إثيوبيا الوثيقة في التهرب من أي استحقاق تجاه مصر والسودان وإضاعة الوقت (6 سنوات) وهي مستمرة في بناء السد لتصنع واقعا تجبر به مصر والسودان على قبول كل ما تمليه عليهم من تصرفات تهدد امن مصر المائي وأمانها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

تماهي السيسي وفريقه المفاوض مع المراوغة الإثيوبية بفرض صمت كامل حول ما يجري في المفاوضات وغموض مريب لا يقطعه إلا صور من التطمينات غير المقنعة وروج لها إعلام فقد ضميره وهو يعمي الشعب المصري ويسوغ الغموض الذي فرضه السيسي فلم يظهر أحد من الوفد المفاوض يوما ليطلع الناس على شيئ مما يجري بل حتى أخفيت أسماؤهم وامكانياتهم العلمية والخبرية ومدى تناسق الفريق في انجاز المهمة الخطيرة على الشعب المصري.

سحب التوقيع

كان يمكن للسيسي وفريقه بعد أن وصلت المفاوضات الى طريق مسدود أن يسحب توقيعه على الوثيقة ويوقف المفاوضات (فيما يرى دكتور/ عبدالله الأشعل المرشح السابق لرئاسة الجمهورية ومساعد وزير الخارجية الاسبق) وأن يلجأ الى الامم المتحدة والمحكمة الدولية بشكوى يتهم فيها إثيوبيا بإبادة الجنس المصري وأن يطلب إعادة التفاوض وفقا لقانون سنة 1997 المسمى اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية وفقا لرأي الدكتور / أحمد المفتي الخبير الدولي وعضو الوفد السوداني في المفاوضات والمستقيل احتجاجا على اللجوء الى التفاوض وفقا للاتفاقية الإطارية بين الدول الثلاث والبعد عن اتفاقية 1997 التي تضمن الحقوق المصرية السودانية فيما استمرت إثيوبيا في رفض كل المطالب المصرية حتى حين اللجوء الي الولايات المتحدة كوسيط رفضت أثيوبيا ذلك وقبلت فقط ان تكون امريكا والبنك الدولي مراقب ليس له الحق في طرح حلول أو التوسط عند الخلاف والأنباء الواردة بعد فشل مفاوضات واشنطن قبلت مصر والسودان التفاوض مرة أخري وصياغة اتفاق جديد تشهد عليه أمريكا والبنك الدولي وخطورة هذا الاتفاق أنه يؤكد علي إلغاء ما سبق من اتفاقيات وتلك خسارة هائلة وسقوط آخر للإدارة المصرية التي تحرق أوراقها بنفسها فضلا عن أمان السد الذي صرح كثير من الخبراء بأنه ليس مأمونا.

 

 

 

                                                                                           

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها