الفساد المقنن في تونس

 

عندما تقام مناظرات للتشغيل والتوظيف في شتى المجالات وينتظر العاطلون النتائج فتخرج مفاجئة لهم دون المأمول عبر اللعب في الأسماء وتزوير النتائج، أليس هذا فسادا مقننا.

عندما تبعث مبادرة (قرض تحسين مسكن) ويتم التلاعب في الملفات المقدمة وأتحدث عن السيدة (ن-خ) التي تم إقصاء ملفها أكثر من مرة. فحملت نفسها وذهبت للسيد معتمد قابس المدينة، وقتها كان السيد فتحي رابح وقالت له باختصار: “ارحموا عزيز قوم ذل “. ليذهب السيد المعتمد على عين المكان ويعاين الحالة ويسارع بالبحث عن الملف الذي وجده ملقى في أحد الأدراج، أليس إخفاء ملف (ن-خ) إقصاء لها من منحة قرض تحسين مسكن، أليس ذاك فسادا مقننا.

عندما تفتح ملفات الفساد في الدولة بالمحسوبية، حيث تتم المحاسبة حسب المصالح الحزبية وبالتالي معاقبة بعض دون بعض وغض النظر عن فساد البعض ولعلّ آخرها رفع التجميد عن أموال وممتلكات صهر المخلوع مروان مبروك بالاتحاد الأوربي بطلب من يوسف الشاهد رئيس الحكومة. أليس هذا فسادا مقننا.

عندما تقدم دولة صديقة على إسناد منحة وبناء مساكن اجتماعية مجانية لمواطنين من جهة الكاف الشمال الغربي للبلاد التونسية بعد الفيضانات لكن الوزارة باعت المساكن بقيمة 50 مليون تونسي للمواطنين. حيث فاجـأ أحد المواطنين وزير التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية محمد صالح العرفاوي أثناء حفل تسليم 50 مسكنا بحي المنجم في ساقية سيدي يوسف التابعة لولاية الكاف وخاطبه ” أنتم تتحدثون عن هبة يعني المواطن لم يدفع شيئا لكن الامر ليس كذلك فالمسكن تكلف عليه 50 الف دينار “.
وبين فيديو تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي تشنّج الوزير ووالي الكاف منور الورتاني الذي أجاب بطريقة غير مهذبة ” تو اسكت الكلام ياسر ما نحبوهش هذا يتكلم أكثر ما يسمع “.
وردّ المواطن على الورتاني “تحبوني نغادر ؟؟،فجأبه العرفاوي “غادر غادر اقصد ربي”.
وجاء التصريح أثناء وجود سفير الدولة المانحة حيث تم انجاز هذه المساكن على أثر اتفاقية كانت كلفتها الجملية 1.1 ميلون دولار وهي عبارة عن هبة أعلنت عنها منذ فترة ،أليس هذا فسادا مقننا.

عندما يتم الاقتطاع من الأجور بغرض وضعها في صندوق خاص بالتنمية وما الضامن للموظف أن هذا المال المقتطع ذاهب لمستحقيه؟ وهل سيتم الاقتطاع من أجور الحكومة وأعضاء مجلس النواب. لأن المواطن يعيش أزمة عدم ثقة بينه وبين الدولة أليس هذا فسادا مقننا.

عندما يصبح الإعلام في خدمة الأحزاب وأجندات حزبية ضيقة على حساب جراح وأزمات المواطن البسيط ووفق اجندات داخلية وأخرى خارجية قذرة أليس هذا فسادا مقننا. والمحاسبة فيه حسب الوجوه والمعاقبة تتم حسب هوى السلطان أليس هذا فسادا مقننا.

عندما يتم محاسبة الفرق الصغرى في كرة القدم حتى لمجرد خطأ بسيط ويغض الطرف على الفرق الكبرى وعندما تميل كفة الحكم في المباريات للفرق الكبرى والغنية على حساب الفرق الصغرى والمحدودة الدخل أليس هذا فسادا مقننا.

لقد أصبح الفساد في بلادي مستشرٍ  وينهش البلاد والعباد والاقتصاد، وذلك بمعرفة مسبقة من الحكومة. أتعلمون لماذا لأن الثورات عندما تنتصر يتم تصفية وتطهير الإعلام والقضاء ونحن في تونس تأخرنا بل فسحنا المجال لهما للعب بالمشهد حتى الوقوف خلف الثورات المضادة.

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها