القلم أكبر من المنشار

 

مائة يوم تمرّ على اغتيال جمال خاشقجي. مائة يوم تمرّ ولا نعلم أين جثته، وجثمانه لم يوارَ الثرى.

اغتيل في إسطنبول وصدى الجريمة وصل واشنطن، بل زعزع المشهد هناك وأشعل السجال داخل أرجاء البيت الأبيض بين ترمب ووكالة الاستخبارات الأمريكية والمجلس الجديد.

مائة يوم من غياب الصوت الناصح في السعودية، أفرزت وأنتجت أن القلم أكبر من المنشار وأن حبره أغلى من صاحب المنشار.

مائة يوم وأقلامنا لم تهدأ وحبرنا لم يجف من الكتابة عنك، لأنك المعلم والملهم.

 مائة يوم والأصوات لم تخفت وهي تطالب بالعدالة لجمال خاشقجي، وتطالب بجثة جمال خاشقجي، وتطالب بمحاسبة من أمر ودبر ونفذ وأقدم على جريمة قتل خاشقجي.

ويطل علينا المشهد من السعودية بمسرحيات سمجة ورديئة الإخراج، نقصد تلك المحاكمات التي تقام في السعودية، ليس فيها واضح ومعلوم، لا من يحاكم ولا أسماء المحكومين حتى اسم المحكمة، والله إنه الضحك على الذقون.

مائة يوم ونحن نقلب القنوات والصحف والمواقع بحثا عما تبقى من جمال خاشقجي.

مائة يوم ولا جلاء للحقيقة. مائة يوم ولم يخفت وهج وبريق القضية بل ازداد إشعاعا من القنصلية في إسطنبول إلى كل العالم.

ما عدى الرياض التي تغرد خارج صرب المجتمع الدولي وما يحيط بالقضية. ما عدا الرياض التي تحاول وحاولت بشتى الطرق والسبل تسويف القضية والتستر أو حتى إقفالها عبر التذبذب في التصريحات إن كان من سياسييها أو إعلاميها أو محلليها، حتى قضاؤها الشائخ ليس الشامخ (من الشيخوخة) الذي يرقص رقصة المذبوح في ظل تشبث المجتمع الدولي ومن قبله تركيا والمنظمات الحقوقية والصحفية بالعدالة في ملف جمال خاشقجي.

ما عدى الرياض فهي توشحت بالأفراح والمراقص وصفقت للفنانين ومن زارها من مغنين ومهرجانات حتى ديار صالح أو ديار ثمود لم تسلم ومدينة رسول الله لم تسلم.  كل ذلك في سبيل صرف الأنظار عن جريمة مقتل جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول بطريقة بشعة اهتز لها العالم، وباعتبار من أمر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لابد من خلق أي شيء لإخماد لهيب القضية مهرجان ثقافي فعاليات اقتصادية وإعلامية كلها ترهات. ولابد من إسكات من ينادي بالعدالة لجمال ولأسرة جمال. إضافة إلى ملف الناشطات المعتقلات والمعتقلين والمغيبين في سجون الرياض والمختفين قسرا. لكن سيبقى القلم أكبر من المنشار والحبر أغلى من أمر بقتل خاشقجي وإن غدا لناظره لقريب.

   

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها