الثورة والانتخابات وسنينها!

من حق خالد على – أو غيره – أن يرشح نفسه أمام السيسي ولا حجر عليه في ذلك، ولمن شاء أن يدعمه فليدعمه وأيضا لا حجر على أحد في ذلك.

وليس من حق أحد أيا من كان الدخول في النيات وتخوين هذا أو ذاك بناء على مواقفه المختلفة، ولا يجوز السب والقذف في حق من اتخذ موقفا مغايرا لما تتبنى. والتحلي بالخلق الحسن حتى عند الخصومة من الشيم الكريمة التي لا يختلف عليها أحد.

أعتقد أن هذه بديهيات ومسلمات لن يجادلني في صحتها أحد.

وأيضا لن يختلف كثيرون معي في انسداد أفق التغيير الديمقراطي في مصر الآن واستحواذ السيسي وأعوانه على كل مقاليد الأمور وتحكمهم فيما يسمونه “انتخابات” من الألف الي الياء وأن ما يدعي (الهيئة الوطنية للانتخابات) ما هي إلا هيئة صورية لا تملك من أمرها شيئا وأن من يدير العملية الانتخابية فعليا هي الأجهزة الأمنية والمخابراتية.

وبالتالي وبعدما رأينا من تصريحات السيسي الدالة على تشبثه بشدة بكرسي الحكم، كل ذلك يعني أنه لن يغادر ولن يترك مكانه سواء كان ذلك بانتخابات أو بغيرها.

وبالرغم من ذلك نجد دعوات توجه للقوى الثورية أو المعارضة لحكم العسكر تطالب بالتكتل وراء مرشح واحد – وليكن من يكون – لمنافسة السيسي وحشد كل الجهود والأصوات وراءه لتحقيق أحد أمرين: إما الفوز على السيسي أو إظهار حجم الرفض الشديد لحكم السيسي.

ولهؤلاء أقول:

بادئ ذي بدء، نحن لا نرى انتخابات ولا مناخا مواتيا للعملية الانتخابية، فهناك قانون طوارئ ومعتقلات وحبس للصحفيين وإغلاق للصحف والقنوات، وهذا المناخ بكل أشكاله ومحدداته لن ينتج عنه إلا تزوير ممنهج، تزوير ناعم وليس خشنا.

كما أننا لا نرى من المرشحين الذين طرحت أسماؤهم صاحب شخصية مجمعة لكل القوى ولا يُختلف عليه حتى لا تتشرذم القوى وتضعف فاعلياتها أكثر، أو حتى لديه من الشعبية والظهير الشعبي الذي يستند عليه ويحقق نتيجة مقبولة.

ولن يكون لهذه الدعوات من نتيجة إلا إعطاء شرعية لنظام فاقد لها من يوم مولده إلى الآن، وستعمل أبواقه الإعلامية ليل نهار على التغني بالفوز الساحق الماحق الذي حققه السيسي قاهر الأعداء بسبب شعبيته الطاغية وحب الناس له.

بل سيترجم الأمر على أن نتيجة الانتخابات تعبر عن رفض الشعب لثورة يناير، لأن أصحاب دعوات المشاركة يحاولون الترويج أن فلان أو علّان، الذي سنتكتل وراءه، يعبر عن ثورة يناير ومطالبها، مما سيعنى أن المسرحية الانتخابية ستكون صراعا بين ثورة يناير والثورة المضادة، وستنتهى بانهزام ثورة يناير، كأن التصويت كان استفتاء على الثورة والثورة المضادة.

فاعتبروا يا أولى الألباب واتعظوا واتقوا الله ولا تساعدوا الانقلاب في وأد ما تبقى في أذهان الناس من صورة جميلة لثورة يناير، ولا تعطوه شرعية يبحث عنها ليحتج بها أمام الناس كافة.

اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها