هل نحن أمام مصالحة فلسطينية حقيقية؟

إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" ومحمود عباس أبو مازن الرئيس الفلسطيني
إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" ومحمود عباس أبو مازن الرئيس الفلسطيني

لا يخفى على أحد حالة التفاؤل المشوب بالحذرالتي انتابت الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة المحاصر والذي يتشوق لإنهاء ملف الانقسام الفلسطيني لتتحسن أوضاعه المعيشية التي وصلت لأسوأ حال

زار وفد حماس القاهرة وفاجأ الجميع بحل اللجنة الإدارية والتي كانت موضع الخلاف بين حماس والرئيس محمود عباس حيث لقي ذلك القرار ترحيبا حتى على مستوى دولي وألقت حماس بتلك الكرة في ملعب السلطة التي مازالت حتى هذه اللحظة تراوح مكانها دون أي خطوات تجاه ما قدمته حماس وبالذات الإجراءات العقابية التي اتخذها الرئيس عباس تجاه غزة .

مارثون المصالحة الفلسطينية بدأ بتوقيع عدة اتفاقيات بداية من فبراير شباط 2007 وصولا لأوائل عام 2009 ومن ثم فبراير 2012 إلى عام 2014 في قطر ومن ثم الشاطئ عام 2016 وطبعا كانت هناك رعاية مختلفة لسباق الخصمين من سعودية لمصرية لقطرية إلخ من هذه الدوامة التي لم تأتِ بنتيجة.

لكن هل هناك مصالحة حقيقية يمكن أن تؤتي ثمارها هذه المرة ويعود للشارع الفلسطيني بريقه من جديد ؟

الإجابة على هذا السؤال تجعلنا نفند كل الأطراف وأنا هنا تعمدت قول ذلك فليست فتح وحماس طرفي الانقسام فقط ولكن هناك أيضا أطراف أخرى ساعدت في تطور هذا الانقسام بل ودعمته بكل ما أوتيت من قوة حتى يقوى كما حالنا اليوم.

أولا حماس هي أكثر الأطراف تشوقا للمصالحة فالأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة تحت حكمها أحرجها كثيرا ولم تعد تتحمل أنين الناس بل إن مرحلة عض الأصابع أيضا لم تعد مجدية في مثل هكذا حالات لكن في الوقت ذاته تحاول حماس أن تنسجم مع الواقع وأن تحافظ على المصالحة بالقدر الأكبر التي ستدفع ثمنها من الحكم طبعا لكن في ظل اختبار مهم وهو أن تخرج بأقل الخسائر الممكنة أهمها ملف الموظفين.

ثانيا حركة فتح التي أصبحت اليوم بقطبين معلومين وهما الرئيس عباس والنائب محمد دحلان ولا يخفى على أحد الانقسام الواضح في تلك الحركة التاريخية بالإضافة أن الخصم اللدود دخل المشهد الغزي عبر بوابة حماس ويتحضر للدخول للمشهد الفتحاوي بشكل كامل كونه في نظر الكثيرين من أبناء فتح هو المخلص والموحد للحركة مدعوما بالدعم الخليجي الذي يكرمه وينعم عليه في ظل انسداد الأفق السياسي للرئيس عباس في شتى الملفات وأهمها المفاوضات التي توقفت ولم يتوقف معها بناء المستوطنات والتغول الإسرائيلي وسياسة التهويد بالقدس.

ثالثا إسرائيل التي لم يكن أحد يوما ما مستفيدا من الانقسام الفلسطيني بقدر ما استفادت منه هي في حين أهل البيت مشغولون بمشاكلهم الداخلية لكن اليوم وبعد عدم تمكن إسرائيل من تمكين سياستها في إدارة الحصار على القطاع ووصولها لقناعة أن الأوضاع الانسانية الصعبة التي يعيشها السكان هناك  قد تفجر مواجهة جديدة مع إسرائيل هي غير معنية بها أصبحت اليوم تتطلع لأمر واحد وهو إنهاء مشكلة الغزيين عبر بوابة المصالحة حتى يبقى الهم الأكبر لديهم هو فقط الأمور الحياتية وأن لا يلتفتوا للمواجهات العسكرية التي إن حصلت ستعيدهم لمربع المعاناة من جديد ولقناعة راسخة عند إسرائيل بذلك هي تريد أن يكون هناك حل في غزة.

رابعا مصر وهي أكثر الدول المستفيدة من رعاية المصالحة الفلسطينية وخاصة النظام الحاكم بها والذي وجد نفسه برعاية هذا الملف وغيره من الملفات قد استعاد دوره الإقليمي كيف لا وحماس وضعت ملف المصالحة في الملعب المصري بل وأكثر من ذلك أيضا وهو ملف الجنود الإسرائيليين لديها ومازالت حماس تصر على أن أي حل أو صفقة يجب أن تكون من البوابة المصرية لذلك يتطلع النظام الحاكم في مصر بأن يخرج بنتائج للعالم أهمها المصالحة وثانيها صفقة الأسرى.

في النهاية هناك اليوم مصالح من إتمام المصالحة للجميع وأهمهم أمريكا التي تريد أن تحيد هذا الملف لصفقة القرن كما يصفها البعض فينشغل الفلسطينيون بأوضاعهم وتحسين أحوالهم الاقتصادية وتبقى إسرائيل في أمن وأمان وينتهى هذا الملف دون أن تمس إسرائيل بضرر كي تكمل أمريكا باقي خططتها بالمنطقة وقد انتزعت هذه الشوكة الصغيرة التي تسبب لها وخزا كلما سارت في اتجاه ما .

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها