اعتقلوه فقد التزم الصمت !

الداعية سلمان العودة

استبشر الشيخ خيرا في حل خلاف بين السعودية وجارتها قطر فتوجه بدعاء إلى الله لتوفيق الحكام للصالح العام، ما أغضب حكام السعودية واعتبر تدخلا وتشكيكا في الحكمة والإرادة السامية.

شنت المملكة العربية السعودية حملة اعتقالات في صفوف الدعاء وكبار علماء الدين، ولم تعجز المملكة من توجيه تهمة تشكيل خلية استخباراتية للتجسس على المملكة لصالح العدو، ولم تتردد في تبيين أن معظم هؤلاء ممن ينتمون إلى الفكر الإخواني الإرهابي الذي يزعزع أمن المنطقة.

بدأت الحملة باعتقال الشيخ سلمان العودة والشيخ عوض القرني وطالت شعراء مثل زياد بن بخيت، وبدأ نشطاء السعوديين بنقل أسماء المعتقلين تباعا، وأعلن عن حملة تضامن مع من اعتقل.

وسرعان ما بدأت تتكشف أسباب بعض الاعتقالات، وذكر النشطاء أن الشيخ سلمان العودة، استبشر خيرا في حل خلاف بين السعودية وجارتها قطر فتوجه بدعاء إلى الله لتوفيق الحكام للصالح العام، مما أغضب حكام السعودية واعتبر تدخلا وتشكيكا في حكمة والإرادة السامية لهم.

ولم يكن حال الشاعر زياد بن نحيت أفضل حالا، فقد أخطأ التقدير عندما اعتقد بأن تأييده لقرارات محمد بن سلمان ونظمه الشعر في مديحه يسمح له بإبداء رأيه، والتعليق على ما يجري من ردح إعلامي تقوم به بعض وسائل الإعلام المحسوبة على دول الحصار، وطلب تحكيم العقل وترك المهاترات الإعلامية؛ فكان مصيره مصير العديد من الدعاة، والتهمة أنهم جزء من خلية استخبارية تسعى إلى زعزعة امن الدولة. ولم يكن حال الدعاء والعلماء بأفضل حال، فهم من لم يقدروا الموقف بشكل سليم، فقد ذكر النشطاء من داخل المملكة بأن وفودا من قصر الملكي زارت معظم الدعاء والشيوخ، وطلبت منهم إصدار تصريح أو بيان أو تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي يهاجم بها دولة قطر، وأن جميع من رفض التدخل في الخلاف الخليجي بطريقة تزيد من الهوة، وتشعل الساحة بمزيد من الخلافات والتعصب، اعتبر خائنا يعمل لصالح دولة قطر وحلفائها المفترضين الإخوان المسلمين، وقد تم اعتقاله.

وتأتي هذه الاعتقالات ضمن تغييرات تشهدها المملكة السعودية على الصعيد الداخلي مثل عزل ولي العهد محمد نايف وتعيين محمد بن سلمان مكانه وليا للعهد، مما تسبب في شرخ داخل آل سعود طال وأعقب ذلك حملة اعتقالات في صفوف الأمراء أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية.

وعلى الصعيد الداخلي تشهد المملكة حراكا ثوريا ضد حكم آل سعود، وهناك دعوات شبابية للخروج إلى الساحات العامة وتشكيل اعتصامات، احتجاجا على مقدار الترف والبذخ الذي يحياه آل سعود، وتتعامل مع مقدرات المملكة على أساس أنها ملك خالص للأسرة الحاكمة، في حين تجد في المملكة أناسا لا تجد مكانا تنام به، وآخرون يأكلون من القمامة، مما زاد الوضع الداخلي تأزيما.

وعلى الصعيد الإقليمي، أنهك الجيش السعودي في الحد الجنوبي في حربه ضد الحوثي باليمن، وبشمال يواجه خطر التمدد تنظيم الدولة، وتشارك في قصف مواقع التنظيم في سوريا، ومع كل يوم يزيد التلاسن الطائفي بين المملكة ودولة إيران، ويزداد التوتر، ويصل إلى التهديد بشن حرب إقليمية بين البلدين، وتعتبر الخلافات داخل البيت الخليجي الأخطر على المملكة، فالتوتر القائم مع قطر يهدد مجلس تعاون الخليجي.

مع كل هذه التغييرات لم يكن من الصدفة زيارة أمير سعودي -ترجح العديد من المصادر أن يكون الأمير محمد بن سلمان شخصيا-  إلى إسرائيل، في حين تناقلت بعض المصادر الإعلامية بين البلدين أن الهدف هو التنسيق لردع الخطر الإيراني، والاستفادة من الخبرات بين البلدين في مكافحة الإرهاب.

وتبقى الحقيقة الغائبة، أن إسرائيل هي دولة المرحلة في جميع النزاعات الداخلية، فهي تنشط في دعم الحكومات ضد خصومها المعارضين، وتقدم خبراتها العسكرية وتشارك في تسليح وتدريب هذه الدول، وتنشط في دول أخرى بدعم المعارضة المسلحة وتقديم خبراتها العسكرية والتدريبية ضد حكوماتهم، وفق لمصالح دولة الاحتلال.

وعليه وفي ظل الوضع المتأزم داخل المملكة، لا نستبعد أن يكون هدف الزيارة هو شراء الأسلحة التي تستخدم في قمع المتظاهرين، وتدريب الجيش السعودي على فض المظاهرات وأساليب القمع التي يتقنها الجيش الإسرائيلي. ويذكر أن تغييرات مصيرية بدأت تطرأ على سياسة الحكم في المملكة، منها توجيه تهم الإرهاب لحركات المقاومة الفلسطينية، وذلك لصالح الحليف الجديد إسرائيل، وما خفي تكشفه الأيام.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها