الإرهاب لا دين له

في حقيقة الأمر نجد أن الإرهاب هو في حد ذاته جريمة ترتكب في حق الإنسانية ومهما كانت الدوافع لمن يرتكب الجرم فقد صنفه القانون مجرما وبغض النظر عن جنسه او لونه او جنسيته

العالم بأكمله المتمثل بالدول وما تمتلكه من إمكانات ماديه وعسكرية واستخباراتيه وإلكترونية، كل هذه الطاقة والقوة سخرت لمحاربة الإرهاب، وأصبحت كل دول العالم تتحدث عن الأولويات والمهام، ألا وهي محاربه الإرهاب وهنا نتساءل هل من المعقول أن كل هذه القوة والإمكانات لم تستطيع هزيمة الإرهاب؟

وهل الإرهاب بهذه القوة والامكانات حتى يستعصي على العالم كي يهزمه ويقضي عليه؟

ولماذا لم يجمع العالم على تصنيف وتعريف للإرهاب وللأعمال الإرهابية؟

في حقيقة الأمر نجد أن الإرهاب هو في حد ذاته جريمة ترتكب في حق الإنسانية، ومهما كانت الدوافع لمن يرتكب الجرم فقد صنفه القانون مجرم وبغض النظر عن جنسه أو لونه أو جنسيته؛ فالقانون يصنفه كمجرم.
لقد شهدنا اتفاقيات ومواثيق بين دول العالم لمكافحة الجريمة ومكافحة غسيل الأموال ومحاربة الفساد الإداري والمالي والتهرب الضريبي، والقرصنة الإلكترونية، والقرصنة البحرية والملاحية ومحاربة المخدرات وتهريبها ومحاربة الاتجار بالبشر والأعضاء البشرية، كل هذه الجرائم وغيرها أجمع العالم على الوقوف صفا واحدا من أجل محاربتها والقضاء عليها ولم يتم تصنيفها وحصرها في فئة أو جماعه أو دولة أو ديانة بل اتفق الجميع على تصنيفها ظاهرة دولية سيئة تنافي قوانين الإنسانية وتضر الإنسانية في جميع نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية.

فهل نعتبر أن هذه الظواهر والجرائم نوع من أنواع الإرهاب لأنها تلحق الضرر بالإنسانية كما يفعل الإرهاب الذي يلحق الضرر بالإنسانية ويخالف قوانينها الأرضية والسماوية بأفعاله التي ينكرها كل إنسان حر وكريم ومؤمن بالحق الإنساني بالعيش على هذه الأرض.

ومن هنا يتضح لنا أن وراء ظاهرة الإرهاب أهداف ومصالح تخدم أشخاصا وجماعات ودولا، وأصبحت بعض الدول تتخذها شماعة لتغطية عجزها وفشلها في إدارة منظومة الحكم وعدم الوفاء بالالتزامات تجاه شعوبها.

كما شهدنا دولا وأنظمة استخدمت ظاهرة الإرهاب شماعة من أجل القضاء على أحزاب وأشخاص معارضين لنظام الحكم.

كما استخدمت دول أخرى ظاهرة الإرهاب من أجل السيطرة والنفوذ على مناطق ودول أخرى من أجل تحقيق أهداف ومصالح أمنيه وإستراتيجية تخدم هذه الدول، وكذلك من أجل التدخل في شئون دول أخرى والاعتداء عليها ونهب مقدراتها وثرواتها وبالمقابل تضر بالدول المستهدفة وبمصالحها وتسلب الحق الإنساني لشعوب هذه الدول.

كذلك شهدنا جماعات تحاول خلق واقع جديد بالقوة وتستخدم الدين والفكر كواجهة لتحقيق مصالحها وأهدافها على حساب مصالح الأمه بأكملها.

لقد ظهرت جماعات كالقاعدة وداعش والحشد ومليشيات سعت إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وألحقت الفساد والتدمير في الأرض متلبسه بلباس الدين ومستخدمة شعارات دينية وهي بعيده كل البعد عن مبادئ وقيم الدين وشريعته السمحة ونهجه المعتدل والوسطي.

إذن هل نستطيع القول بأن الإرهاب صنيعة أشخاص أو جماعات أو دول، وأنه مجرد أداه بيد هؤلاء من أجل تحقيق أجندات وأهداف ومصالح تلك الدول والجماعات والأشخاص.

أوأنه نتيجة الغلو والتطرف والفكر الضال وعدم تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية في المجتمع أوأنه نتيجة خلل في منظومة الحكم الذي يودي إلى خلل في كل مجالات الحياة.

أوأنه نتيجة مؤامرات داخلية وخارجية الهدف منه محاربه الإسلام وتشويه صورته وخلق نظرة سيئة وسلبيه عنه أمام العالم.

ولذلك يجب أن تتحمل الأمه الإسلامية المسئولية تجاه كل دعوات الغلو والتطرف ومحاولة الخروج على تعاليم الشريعة الإسلامية ومواجهة تلك الجماعات بكل الوسائل حتى لا تكون ذريعة أمام العالم لإلصاق التهم بحجه أنهم جزء من مجتمعنا مما جعل العالم يقصر الإرهاب على فئة ومنطقة معينة وأصبحت كل عملية إجرامية تحدث في أوربا وأمريكا أو في دول أخرى يتم التعامل معها كعمليه إرهابية، وأن مصدرها المسلمين.

يجب على العرب والمسلمين أن ينقلوا للعالم نظرة إيجابية ترقى إلى مستوى المبادئ والتعاليم والقيم الحميدة التى نادى بها الإسلام وجعلها منهاجا وشريعة، وأن أي فكر أو فئة أو جماعه تنهج غير ذلك أو تدعي أنها تمثل الأمه فيجب مواجهتها ومحاربتها حتى لا تكون ذريعة أو مطيه لأعداء الأمه والعالم الحر والإنساني.

أيها العالم الإنساني دعونا نتفق ونجمع بأن الإرهاب لا دين له وأنه جريمة وظاهرة دولية لا ترتبط بدين ومنطقه معينة يجب أن نتفق ونجمع أن كل ما يحدث الضرر بالإنسانية، ويخالف قانون السلام والحياة الكريمة على الأرض هو إرهاب علينا جميعا مواجهته ومحاربته وفق القانون والعدالة من أجل العيش بسلام وأمان ولا شيء سوى السلام.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها