ليالي إشبيلية الحزينة

ما إن انتهت مباراة الأربعاء الماضي بين إشبيلية وبرشلونة والتي مُني فيها الفريق الأندلسي بالخسارة بثلاثية نظيفة حتى أيقن محبو الفريق أنه لن يعيش أوقاتاً ليست بالطيبة.

إشبيلية كان يقدم مردوداً طيباً منذ بداية الموسم مع تولي الأرجنتيني خورخي سامباولي، الذي تولى القيادة خلفاً للإسباني “أوناي إيمري” الذي حقق المجد بحصوله على لقب الدوري الأوربي مع الفريق لثلاث مرات متتالية قبل انتقاله لقيادة باريس سان جيرمان.

ورغم المستوى المميز للمدرب الأرجنتيني  – صاحب لقب كوبا أميركا مع شيلي عام 2015 – بالإضافة لامتلاكه لاعبين على مستوى عال ، ناهيك عن المؤازرة الكبيرة  من جانب جماهير ملعب رامون سانشيز بيزخوان، لكن ما مّر به كبار الأندلس طوال الموسم شأن، وما يحدث لهم منذ بداية شهر مارس / آذار الماضي شأن آخر!

فلم يهنأ البلانكيروخوس – نسبة للون الزي الأبيض والأحمر-  بفوزه على أتلتيك بلباو، حتى بدأت الأزمات تحل بهم سواء داخل الملعب او خارجه.

داخل الملعب لم يحقق إشبيلية أي فوز له منذ السادس من مارس / آذار الماضي .. 6 لقاءات لم ينعم فيها جمهوره ولاعبوه بفرحة الفوز، في سابقة لم تحدث منذ بداية الموسم كان أخرها الخسارة أمام برشلونة بثلاثية وقبلها الخروج أمام ليستر سيتي الإنجليزي من دوري أوربا.

نتائج الخروج الأوربي والانخفاض المفاجئ في معدلات الأداء جعل إشبيلية يحتل الآن المركز الرابع ما يهدد مشاركته في أي بطولة أوربية الموسم القادم .

لكن .. هذا الانهيار في النتائج الأندلسية لم يأت بين يوم وليلة، ولكنه جاء بشكل طبيعي، خاصة مع التغييرات التي تحدث داخل أروقة راموس سانشيز بيزخوان.

بوادر هذه التغييرات بدأت مع إعلان برشلونة عن تفاوضهم مع المدرب سامباولي لقيادة البلاوغرانا خلفاً للويس انريكي الذي أعلن عن رحيله مع نهاية الموسم.

ورغم نفي سامباولي لهذه الأخبار من الأساس مؤكداً تمسكه بالبقاء في إشبيلية، إلا أنه منذ حينها، والفريق يقدم مردوداً سيئاً قياساً بما قدمه قبلها، وأسفر عن النتائج سالفة الذكر، والذي صرح بعدها أن اللاعبين يمرون بفترة من الإحباط، وهو ما سيحاول علاجه للعودة لمتعة الجماهير.

كان هذا سببا ، لكن التغيير الأكبر بين الجدران الأندلسية يكمن في رحيل المدير الرياضي للنادي رامون رودريغيز والشهير بـ “مونشي” والذي تعاقد  معه نادي روما الإيطالي ، ما يعتبره الكثيرون بأنها صفقة ذئاب العاصمة الأولى لهذا الصيف.

ولمن لا يعرف مونشي فهو عمل مع إشبيلية طيلة 17 عاما بدأت منذ عام 2000   قام خلالها بتطوير قطاع الناشئين في النادي بالإضافة لاكتشافه العديد من المواهب وتقديمها للفريق الأول حيث يطلقون عليه لقب “كشاف المواهب ” ويكفي أن تعلم أن مونشي هو من اكتشف نجوما أمثال راموس ونافاس وأنطونيو رييس وألبرتو مورينو وغيرها من الأسماء الكبيرة ، بالإضافة لاستقدام لاعبين بمبالغ زهيدة ثم بيعهم بمبالغ طائلة مثلما فعل مع داني ألفيش .

سياسة مونشي نجحت مع إشبيلية فنجح النادي في حصد 9  ألقابا مختلفة في تلك الفترة بعدما غابت الألقاب عن النادي لقرابة 58 عاما، من بينها خمسة ألقاب لمسابقة الدوري الأوربي “اليوروبا ليغ”، ليصبح أكثر أندية القارة العجوز تتويجا بهذا اللقب، إضافة للفوز بكأس ملك إسبانيا مرتين وكأس السوبر الإسباني مرة واحدة، ومثلها لكأس السوبر الأوربي.

إدارة إشبيلية ستواجه تحدياً كبيراً، ربما يكون التحدي الأكبر منذ وقت طويل. هذا التحدي يكمن في إيجاد بديل قوى لمونشي ومن ثم الحفاظ على لاعبيه المستهدفين من كبار الأندية الأوربية.

ليالي إشبيلية الآن تذكرنا بأغنية العظيمة فيروز ” ليالي الشمال الحزينة ” لكن هذه الليالي انتقلت من الشمال إلى جنوب إسبانيا حيث يقطن كبير الأندلس نادي إشبيلية .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها