حلم شاب بوطن مستقل

ماذا لو ان دولتنا التي لم ترغب يوما فينا ولم تفرح بقدومنا إليها وسعت في دفننا أحياء، لو انها وهبتنا قطعة منها نجتمع فيها نحن الشباب ونهاجر منها إليها ؟!

دائما أتساءل وتراودني هذه الفكرة، وأحيانا أخبر بها بعض أصحابي فينالني بعض السخرية والوصف بالجنون.

الفكرة هي ماذا لو ان هذه الدولة التي تخلت عنا نحن الشباب أبناؤها كما تخلى ذاك الأب عن أطفاله في صغرهم وحال ضعفهم وهم أحوج ما يكونون إليه والذين لم يكن قدومهم إلى هذه الدنيا رغبة منه فيهم ولكن على كره منه وغلبة أمر بعد أن لم يفلح في العزل، ليعود إليهم بعد ما اشتد عودهم مطالبا إياهم بما لم يقدمه لهم يوما من النفقة والرعاية.

كذلك دولتنا التي وضعت سياسة تحديد النسل ولم تشأ قدومنا إلى هذه الدنيا من خلاله في الوقت الذي تشجع فيه دول أخرى على تحسين النسل وزيادة الإنجاب إيمانا منها ويقينا بأن أعظم ثروة بيد الدول يمكن استثمارها لتقوم عليها الحضارة هي الشباب النابض بالحياة.

ماذا لو ان دولتنا الموقرة التي لا يزال تاريخها موغلا في الحضارة والتي مر على تأسيس نسختها الحديثة  أكثر من نصف قرن لم يزد فيه أبناؤها إلا بؤسا وحرمانا ومنها إلا جحودا وخذلانا.

والتي أعيتنا وأعييناها، وحبستنا فلا هي أطلقتنا ولا تركتنا نأكل من خشاش الأرض، بل بذلت ما في وسعها لتفتح علينا أبواب الجحيم قبل أوانها وتركتنا معذبين في الأرض ثم حطمت كل أمالنا واغتالت كل أحلامنا لتموت أروحنا قبل مفارقتها الجسد.

ماذا لو ان دولتنا التي لم ترغب يوما فينا ولم تفرح بقدومنا إليها وسعت في دفننا أحياء، لو انها وهبتنا قطعة منها نجتمع فيها نحن الشباب ونهاجر منها إليها ولا نسألها بعدها شيئا؟ ماذا لو انها فعلت ووهبتنا كما وهبت لعليسة أرضا لا تعدوا ما حاز جلد ثور أو كالتي وهبتها أمريكا للأميش أو التي وهبت لرهبان ايطاليا؟

 لتتركنا فيها نحيا بسلام فقط نحن الشباب الذين أثقلنا كاهلها ولم تعد قادرة على حملنا، فلا هي تزعجنا ولا نحن نرجو منها شيئا أو نطالبها…سنزرع أرضنا بأيدينا ولو كانت بورا ستنبت لو كانت صحراء ستخصب فلا أظنها إذا تعهدناها تكون جاحدة ولا أظن السماء تمسك عنا القطر، سنأكل ما نزرع ونلبس ما نخيط ونركب ما نصنع ونبني حضارتنا بأيدينا نحن الشباب…ولن تكون هناك ضرائب تثقل كاهلنا ولا نهب لثروتنا ولا قوانين تكبلنا.

أترانا إذا اجتمعنا وعملنا سويا ألن نفلح؟!أترانا يكون حالنا أسوأ؟!

أترانا بعد نصف قرن لن نبني دولة قوية معتمدة على ذاتها مقررة لمصيرها؟

أتراها تكون دولتنا أسوأ حالا من هذه الدولة التي ننتمي إليها؟!

أترانا إذا فتحت لنا السبل ومهدت لنا الطرق لن ننجح؟!

أترانا يبقى بيننا فقير أو بائس؟!

بلى، إذا اجتمعنا نحن الشباب وعملنا سويا وخططنا سنبني أعتى الأمم ونشيد أعظم حضارة وأقوى دولة ولن نخضع لأحد فنحن نأكل ما نزرع ونلبس ما نخيط وليس لأحد سلطان علينا وكل ثروتنا لنا فقط…فهل لدولتنا الموقرة أن تهبنا أرضا لكي نرحل؟

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها