الغرب بين أردوغان وبشار

متى سيصل الغرب إلى مستوى الحقد والغضب من بشار الأسد كما وصل حقده وغضبه من رجب طيب أردوغان؟ متى سيبدأ الغرب برؤية الوجه الديكتاتوري الحقيقي لبشار عوضاً عن إمطارنا بتصريحات عن خوفهم على الشعب التركي من ديكتاتورية أردوغان؟ متى سيمل الغرب من العبث بسيادة تركيا ورئيسها ويبدأ بإعادة النظر في الإستبداد في سوريا؟ لماذا لا يحرص الغرب على حرية التعبير في سوريا كحرصهم “حسب وصفهم” على حرية التعبير في تركيا؟ لماذا يهاجم الغرب الدواعش في بلادنا ويسمحون لدواعشهم المتمثلة بزعماء الأحزاب اليمينية المتطرفة ليس فقط بالتجول بحرية وإطلاق الوعيد والإتهام للمسلمين, بل بالترشح أيضاً للانتخابات في بلادهم؟.

تكثر الأسئلة عن ازدواجية المعايير التي يتبناها الغرب تجاه بلدان منطقتنا, وهي سياسة أخذت أوجه متعددة، شهدنا جميعا تصاعد التوتر بين تركيا وعدد من الدول الأوربية منها ألمانيا والنمسا وهولندا إلى درجة دفعت الأخيرة إلى منع وزيرين تركيين من دخول أراضيها, وهو مشهد قلما نشاهد مثله في المسرح السياسي، وسبب زيارة الوزيرين كان ببساطة رغبتهما بلقاء الجالية التركية في أوربا لشرح التعديلات الدستورية التي سيصوت عليها الشعب التركي بنعم أو لا منتصف أبريل المقبل.

وصف القادة الغرب أردوغان بالديكتاتور في عدة مناسبات, ورفضوا التعديلات الدستورية الجديدة التي أقرها البرلمان التركي, هذا كله وتركيا لم يسمح لها بعد بالإنضمام للاتحاد الأوربي بعد، بمعنى آخر, بأي حق تسمح الدول الغربية لنفسها بالتدخل في شؤون تركيا الداخلية؟

المشهد الآخر في المسرح الآن هو تعامل الغرب مع بشار الأسد وهو جار لأردوغان، معظم الدول الأوربية قطعت علاقاتها كلياً مع نظام بشار الأسد, ومنهم هولندا نفسها التي لا يوجد لها تواجد دبلوماسي أو تواصل سياسي مع بشار الأسد.

والغرب عانى ويعاني من موجات اللجوء التي تسببت بها براميل بشار المتفجرة والميليشيات التي استقدمها من أرجاء الأرض لتواجه الشعب السوري بشراسة, وهو بحسب الدول الغربية دكتاتور قتل مئات الآلاف من شعبه، فلماذا يكتفي الغرب بوصف بشار وما يفعله بشار والتنديد به؟ ومتى يحن القادة الغربيون على المواطن السوري ويبدأون باتخاذ إجراءات رادعة لحمايته من دكتاتورية بشار كما يحاول جاهداً “كما يدعي” حماية الشعب التركي من دكتاتورية أردوغان؟ أليس الأولى أن يضغط الغرب على بشار على الأقل بنفس مستوى الضغط الذي يمارسه على أردوغان؟

المتابع للمشهد التركي الغربي, لا يسعه إلا أن يقارن بين موقف الغرب من أردوغان وموقفه من بشار، بشار الذي تسبب بتهجير الملايين واستقبلهم أردوغان, بشار الذي دمرت طائراته وطائرات حلفائه مدناً كاملة في سوريا, وأردوغان الذي حقق نقلة نوعية في جميع المجالات في تركيا على الرغم من حسد وضيق عين الغربيين، بشار الذي جلب جيوشاً أجنبية لمواجهة الثوار في سوريا, وأردوغان الذي يسعى لحماية بلاده من أي تدخل أجنبي، بشار الذي باع مناطق شاسعة من سوريا لقوى أجنبية, وأردوغان الذي يسعى للحفاظ على وحدة الأراضي التركية.

يبدو أن بشار لم يخطئ حتى الآن خطأً يستدعي تصعيداً غربياً ضده, ويبدو أنه لم يتجاوز أي خطوط حمراء كتلك التي تجاوزها أردوغان, فاستخدام الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية والأسلحة المحرمة دوليا ضد المدنيين في سوريا ليس تجاوزاً لأي خط أحمر، لكن إجراء تعديلات على دستور وضعه انقلابيون في تركيا من المتوقع لها أن تدفع بعجلة النمو هو ليس فقط خط أحمر, بل عدة خطوط حمراء لا يجب السكوت عنها بأي شكل، بعد فشل مساعي الانقلابيين في تركيا, هل هي مصادفة أن يتفق الانقلابيون والغرب على تدمير الديمقراطية التركية؟. 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها