قررت أن أعلم أولادي منزليا

البداية دائماً محيرة، عندما يقرر الأهل أن يكون لهم دور في تعليم أبنائهم سواء تعليم منزلي كامل، أو تعليم تكميلي، بالإضافة إلى المدارس فإن أول المشوار يكون الحيرة والارتباك.

ترسل لي الكثير من الأمهات يسألن عما يفعلن مع أطفالهن في أعمار مختلفة، وما هي المهارات اللازمة لهم، وما هي المعلومات التي يحتاجونها، ودائماً ما تكون خطوة البداية لهن صعبة ومربكة.

لا أخفيكم سراً، عندما بدأت مع أطفالي عانيت أيضاً من هذه الحيرة، لم أكن أعرف من أين أبدأ وإلى أين سأنتهي؟ وكنت حقاً بحاجة إلى المساعدة.

لذلك سأخبركم بتجربتي وما حدث معي .. بعد اتخاذ قرار تعليم أولادي منزلياً لم أكن أعلم بالضبط ما الذي سأفعله خاصة أن لدي طفلين وأعمارهم وميولهم مختلفة بالطبع وكيف ستسير الأمور لا أعرف.

في البداية أخذت أتجول في المدونات والمواقع العربية والأجنبية لآخرين يقومون بالتعليم المنزلي أو يقومون بعمل أنشطة لتنمية مهارات أطفالهم، والحقيقة أنه على الرغم من الأفكار الجميلة التي كنت أستفيد فعلا منها إلا أنها كانت تزيد من إرباكي وارتباكي وإحساسي بالعجز لأني أرى نشاطاً هنا وفلسفة هناك وتطبيقاً هنا ومعلومة هناك، ولم أكن قد كونت خيطاً يربطهم أو يرتبهم في ذهني، وكان هذا طبيعياً لأن ما هو معروض هو جهد متراكم وهذه صورته النهائية و أنا ما زلت في بداية الطريق.

شمرت عن سواعدي وجلست لأخطط، كان الأمر يبدو صعباً لذلك تهربت منه مراراً حتى جاء الوقت وبدأت التنفيذ.

اتفقت مع زوجي أن يأخذ الأولاد في نزهة خارج المنزل لأستطيع التركيز، وأحضرت أوراقي وأقلامي وجهاز الكمبيوتر وتوكلت على الله وبدأت.

من أين بدأت؟ من عند أطفالي، نعم فإن أي أم تعرف أطفالها جيدا، تعرف ما يجيدوه، و ما لا يجيدوه، ما يسألوا عنه دوماً وما يعرفونه جيداً، ما لديهم به شغف وما لا يهمهم كثيراً، ومن هنا دائماً تكون البداية.

أول خطوة في التخطيط هي أن تحددي ما هي المواضيع أو المواد التي تريدين عرضها علي أطفالك تبعاً لسنهم و لكل الاعتبارات المختلفة الأخرى حسب كل أسرة و كل طفل. بالنسبة لي في عامي الأول من التعليم المنزلي و كانت أعمار أبنائي وقتها 3 و 5 سنوات و نصف، قررت أن أبدأ بنظام منتسورى، و الذي تنقسم فيه المواد إلى 5 مواد رئيسية و هم (مهارات الحياة العملية -مهارات حسية -اللغة -رياضيات -الثقافة العامة) و أضفت إليهم الدين، والموسيقي والرسم والرياضة بالتبادل.

ثم بدأت تحت كل قسم فيهم أحدد في نقاط مرقمة بداية من أطفالي كما ذكرت فنظرا إلى جداول مراحلهم العمرية (تجدوها بالقليل من البحث على الإنترنت)، وحددت ما يعرفون وما يحتاجون إليه كي يبدأوا من عنده وكتبت عناوين المواضيع مرقمة.

ثم قسمت هذه المواضيع على عدد شهور السنة الدراسية الخاصة بنا والتي نحددها تبعاً لظروفنا وظروف إجازاتنا وقسمت المواضيع على عدد الشهور ثم قسمت مواضيع كل شهر علي 4 أسابيع، فأصبح لدي خطة للسنة كاملة وحدتها الأسبوع.

أخذت خطة الشهر الأول وبدأت في البحث عن أنشطة تخدمها، وهكذا أصبح البحث في المدونات والمواقع غير مربك ولا محير إذ أن هناك نسقاً وخيطاً يربطه.

ثم اشتريت احتياجاتي لتنفيذ هذه الأنشطة لمدة شهر واحد وبدأنا، وما إن تبدأ حتى تبدأ الصورة تتضح على أرض الواقع، تستطيع أن تحدد ما كان مناسباً وما لم يكن، ما يمكن الاستمرار فيه وما يحتاج تعديل أو تبديل وهكذا نعدل كل شهر ونرتب للشهر الذي يليه ونمشي في خطتنا بمرونة، فلو تجاوزنا في أسبوع ولم نتبع الخطة نحمل الباقي على أسبوع آخر وما نجده غير مناسب نحذفه، وإذا كان لديهم طاقة كبيرة في وقت ما فمن الممكن أن ننهي جدول أسبوعين في أسبوع، و نأخذ راحة الأسبوع الذي يليه وهكذا.

أما بالنسبة للأطفال الصغار في عمر السنتين وأقل أو أكثر قليلاً فالخطة الأساسية لهم تكون اللعب ثم اللعب ثم اللعب، هذا ما يحتاجونه بالفعل حتى الأطفال الأكبر يحتاجون اللعب بشكل كبير؛ لكن في السنوات الأولي تكون الحاجة للعب أكبر، لذلك يكون التركيز في هذه الأعمار أكثر على المهارات الحسية التي تتعامل مع حواسهم وتنميها ومهارات الحياة العملية التي تعلمهم ما يحتاجونه فعلا في حياتهم، وكل ذلك في إطار من الألعاب والحكايات المناسبة لسنهم.

ولا ننسى حاجة أبنائنا الدائمة للقاء أطفال آخرين وتكوين صداقات سواء كان ذلك بتكوين مجموعات لعب أو الاشتراك في أي أنشطة أو رياضة جماعية أو ما شابه من أنشطة.

أكثروا من اللعب في حياة أطفالكم وكونوا مرنين، ضعوا نسقاً ولو بسيطا وخطة ولو كان محتواها قليل، و ستجدون وقتها الإنجاز خير حافز للتطوير والتوسع وذلك خير من انتظار الخطة المثالية التي لن تأتي أبداً.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها