مجنون الملك

يحكي الكاتب، من خلال رواية مجنون الملك، قصة والده محمد بنبين الذي كان مسلي الملك الحسن الثاني لسنوات،  حيث رافقه إلى آخر لحظات حياته

مجنون الملك هو آخر انتاج أدبي لماحي بنبين، الكاتب المغربي ذي الأصول المراكشية، وهو كاتب متعدد المواهب.

كان ماحي بنبين في بادئ الأمر أستاذا للرياضيات، قبل أن يتحول إلى فنان تشكيلي، نحات وأخيرا كاتب رواية، حيث نشر أزيد من عشر روايات باللغة الفرنسية، لعل أهمها نجوم سيدي مومن، التي ترجمت إلى أكثر من عشر لغات وتم تحويلها من طرف المخرج نبيل عيوش إلى فيلم سينمائي بعنوان” خيول الله”.

يحكي الكاتب، من خلال رواية مجنون الملك،  قصة والده محمد بنبين الذي كان مسلي الملك الحسن الثاني لسنوات، حيث رافقه إلى آخر لحظات حياته، وهو ما يصفه الروائي بدقة شديدة حتى يخيل للقارئ أنه كان حاضرا معهما: «وقف سيدي هنيهة أمام ركام من الهدايا التي لم يكن له قط لا الوقت ولا الرغبة في فتحها. هذا البهرج الزائد لم يكن يعطيه أية متعة. المكان الذي سيذهب له في القريب لا يحتاج فيه إلى كل هذا»،  في الواقع، لهذا تفسير وهو ما قاله الكاتب نفسه خلال لقاء تلفزيوني بإحدى القنوات الفرنسية، حيث أكد أن أخاه من أبيه كان يسجل يومياّ، فور عودة أبيه من عند سيده،  في شكل فيديو، كل ما كان يدور بين المؤنس والسلطان،  وقد أمضى هو ما يقرب من ثلاثة أشهر في الاطلاع على محتوى التسجيلات، قبل أن يتوقف عن ذلك لأنه لا يرغب في سرد مُلح بل يطمح إلى سبر أغوار نفس شخصيته الرئيسية،  فالعمل في النهاية عمل تخييلي وليس تسجيلا لأحداث.

حكايات وحكايات

الكتاب يزخر بالعديد من الحكايات الطريفة عن البلاط الملكي،  كيف كان الملك يعامل حاشيته ووزراءه،  وهو لا يخلو من نكت عن طبيعة معاقبة الخدم المخطئين وكذلك بعض المسؤولين الكبار أحيانا بطريقة مذلة.

شهرزاد الملك الحسن

دور والد الكاتب كان يتلخص في الآتي: تسلية الملك خاصة ليلا كي ينام،  وهو في ذلك يشبه إلى حد ما شهرزاد والدور الذي كانت تلعبه بالنسبة لشهريار. ولكي يقوم بالمهمة المنوطة به على أحسن وجه،  ويستحق رضى الملك،  يتسلح بقصص الشعراء وأبطال الروايات خاصة منها الخرافية التي كان يمضي ساعات في قراءتها واستيعابها وما كان يتردد في تمليحها لتحظى باستحسان الملك،  وهو في ذلك يتنافس مع مجموعة من المسلين الآخرين يذكر منهم على سبيل المثال رجلا شديد القِصر وعلى جانب من الدمامة كان الملك يحتفظ به هو وآخرين أمثاله درءا للعين،  على حد تعبير مجنون الملك.

يضيف هذا الأخير أنه كان أكثر ثقافة ومعرفة منهم أجمعين: « كان لي أن أختار بين دخول محتشم على رؤوس الأصابع أو دخول مدو أفرض من خلاله منذ الوهلة الأولى وضعي كرجل أدب،  متعاليا على تفاهة بقية البهاليل.”

يختم الكاتب قصته بمشهد مؤثر يصف فيه عودة الأخ الذي قضى عشرين عاما في غياهب سجون الحسن الثاني السرية،  التي أقيمت مباشرة بعد فشل انقلاب أوفقير،  وقد شارك المسكين فيه مضطرا لا بطلا.

مجنون الملك  رواية جميلة مكتوبة بلغة فرنسية رصينة وسلسة،  فيها الكثير من الإبداع،  تقع في 147 صفحة من الحجم المتوسط،  وقد صدرت عن دار نشر الفنيق. قراءة ممتعة.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها