كيف يرى الله مستقبلنا ؟!

لو استطعنا جمع جميع العوامل في ” الكون ” مثل خلايا كل الكائنات البشرية وذرات كل الأجسام، وامتلكنا بيانات تلك العوامل واستطعنا تحليل تلك البيانات دون خطأ فإننا سنرى المستقبل.

الإيمان بالله ليس درجة واحدة، هو درجات تزداد فتصل لدرجة لو رأي الإنسان بعدها الله ما ازداد يقينا ! وتقل فيشك الإنسان في الله وفي رسله وفي كتبه وفي شرعه وفي كل ما يغيب عن عين البشر .

وإيمان الرجل الواحد بالله ليس ثابتا في كل الأوقات فهو يزيد بالطاعة ويقل بالمعاصي ” هكذا يؤمن جمع كبير من أهل السنة على الأقل ” وهذا الإيمان نفسه ليس واحدا في كل فروع الإيمان الستة :

الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره

فقد يوقن الإنسان بالله عين اليقين فيما يحتاج إيمانه بقضاء الله وقدره مزيدا من التعزيز !

كيف هو إذا إيمانك بالله ؟!

كيف هو إيمانك بأن الله يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان سيكون ؟

كيف هو إيمانك بأن الله يرى مستقبلنا كما يرى ماضينا ؟! هل لاتزال تتساءل

” كيف يرى الله مستقبلنا “؟! بأي وضوح وبأي طريقة ؟!

لو ان فراشة في طرف الكرة الأرضية الآخر ضربت الهواء بجناحيها فإن حركة الهواء المتولدة من الضربة قد تبدأ سلسلة من الأحداث تكبر شيئا فشيئا لتسبب عاصفة في الطرف الآخر من الأرض !! هذا المثال الذي يبدو متطرفا هو أشهر قصة فيما بات يعرف ب ” نظرية الفوضى ” ومثال الفراشة المتطرف يمكن فهمه في إطار مجموعة من الأمثلة الأبسط مثل حجر الدومينو الصغير جدا الذي يُسقط بوقوعه حجرا أكبر وتستمر هذه المتوالية الهندسية في التحرك حتى تسقط ربما جدارا ضخما !

الخلاصة أن حدثا متناهي الصغر في مكان بعيد قد يكون له تأثير كبير جدا في أماكن متفرقة

“نتذكر الرجل الذي اشترى بيضة وقرر والبيضة في يده أن يصبر عليها حتى تفقس دجاجة يربيها ثم يبيعها ويشتري بثمنها كتاكيت صغيرة يربيها ثم يستمر في ذلك حتى يبيع دجاجا كثيرا ومن الثروة المكتسبة يتزوج ويشتري بيتا ويسافر العالم ثم فجأة تسقط البيضة من يده قبل أن يعود إلى بيته ! “

هذا الحدث البسيط المتمثل في سقوط البيضة تسبب في منع سلسلة كبيرة من الأحداث !

إذا سقطت حدوة الحصان وقع الجواد على الأرض وفقد حياته وبسبب سقوطه تم أسر الفارس وبعد أسر الفارس لم يقو الجيش على الحركة فسقطت المدينة بسبب … ضياع الحدوة !

إذا كان حدث متناهي الصغر قادر على تغيير أحداث كبيرة فكيف يمكن معرفة ما يدور في المستقبل ؟

نشرة الأحوال الجوية قد تكون مثالا ممتازا لشرح كيفية ” التنبؤ ” بمستقبل الطقس

حتى نتمكن من ” توقع ” درجات الحرارة وسرعة الرياح وكثافة السحب والأمطار لابد في البداية من معرفة جميع العوامل المؤثرة في الطقس ومن ثم جمع بيانات تلك العوامل وأخيرا تحليل العلاقة بينها والخروج بالتنبؤ !

ثلاثة عوامل قال من وضعوا ” نظرية الفوضى ” أننا لو امتلكناها سنرى المستقبل كما نرى الماضي !! نعم سيتحول المستقبل إلى ماضٍ ينتظر الحصول ، مجرد تحصيل حاصل ! هذه العوامل هي

١- معرفة جميع العوامل المؤثرة في القضية .

٢- جمع بيانات تلك العوامل بدقة شديدة .

٣- امتلاك قدرة ” حاسوبية ” هائلة قادرة على تحليل تلك البيانات وربطها .

– ولما نجحنا في جمع تلك العوامل الثلاثة بشكل جزئي فيما يتعلق بالتنبؤ بالطقس

استطعنا أن ” نتنبأ ” بحالة الطقس بينما “نظرية الفوضى” تقول أنه لو نجحنا في جمع ١٠٠٪ من العوامل المؤثرة في الطقس ونجحنا في جمع ١٠٠ ٪ من بيانات تلك العوامل وإذا نجحنا في بناء نظام تحليل حاسوبي وإداري لا يخطئ أبدا فإن توقعاتنا للطقس ستكون سليمة ١٠٠ ٪ .

وعليه وبناءً على هذه النظرية فإننا لو استطعنا جمع جميع العوامل في ” الكون ” مثل خلايا كل الكائنات البشرية وذرات كل الأجسام ومقياس الطاقة في كل متر من ” الكون ” وامتلكنا بيانات تلك العوامل واستطعنا تحليل تلك البيانات دون أي خطأ فإن المستقبل سنراه كما نرى الماضي دون أي انحراف !

لو وصلت معي في القراءة الى هذه النقطة ولم تترك المقال لطوله فاقرأ معي قول الله تعالى

{..وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } سورة الأنعام !

هل عرفت كيف يرى الله مستقبلنا !

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها