فيبروميالجيا وأفتخر(٢)!

صورة أرشيفية

هل تعلم أن مشاعر الألم .. الإحباط.. الحزن .. هى أكبر معلم: هى المشاعر التى نستمد منها قوتنا، نراجع عن طريقها أنفسنا، ننظر إلى ذاتنا الداخلية لتفحصها عن قرب بشكل أكبر.

لماذا أفتخر؟ هكذا كان تساؤلها عندما قرأت العنوان فى الجزء الأول من الحلقات في حديثنا عن الفيبروميالجيا.

تسألت وتعجبت لأنها مصابة بالفيبروميالجيا، وهل الألم فخر حقا؟

نعم يجب أن نفتخر،نفتخر بأنفسنا،بإنجازاتنا، رغم كل هذا الألم إلا أنك ما زلت مستمرا

رغم هذا الألم وهذا الصراع النفسى الدائر بين نفسك القديمة ونفسك الجديدة..

صراعاتك اليومية فى العمل،فى مهام المنزل، صراعك بين أنك تريد أن تنجز عدة أشياء فى جدولك اليومى كنت تقوم بها بمنتهى السهولة قديما لكنك الآن لا تقوَى على إنجاز ربعها.

صراعاتك فى علاقاتك مع من لا يفهمون طبيعة مشاعرك، ولا يتقبلون ألمك..

لكنك يا عزيزى يجب أن تدرك شيئا هاما فى البداية، قبل أن تطلب من الآخرين تحمل ألمك وتقبله، يجب أن تتقبل  نفسك أولا، تتقبل مرضك، تتقبل التغير الذى حدث فى حياتك.

ستظل تعانى ما دمت لم تتقبل الفكرة بعد، ستظل صراعاتك مستمرة مادمت لم تتقبل فكرة أنك أصبحت شخصا آخر: ليس شخصا عاجزا، بل شخصا جديدا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

هل تعلم أن مشاعر الألم ..الإحباط..الحزن ..هى أكبر معلم: هى المشاعر التى نستمد منها قوتنا نراجع عن طريقها أنفسنا، ننظر إلى ذاتنا الداخلية لتفحصها عن قرب بشكل أكبر،
عندما تتقبل أنك صرت شخصا جديدا ستتقبل فكرة المرض، مشكلة من يعانى من هذا المرض أنه لا يصدق فى البداية أنه مريض لعدة أسباب منها:

  • عدم التشخيص الصحيح
  • عدم وعيه عن المرض فى البداية وقد يظن أنه مجرد إرهاق عادى
  • عدم وعى من حوله بالمرض وعدم تقبلهم لمرضه
  • كذلك بسبب عدم تصنيفه على أنه عجز أو إعاقة

وفى مجتمعنا بما أنك لست عاجزا أو أنك غير مصاب بمرض عضال أو بمرض معروف على الأقل فأنت لست بمريض.. ..هذه مجرد أوهام فى رأسك، أو أنك تتدلل عليهم حتى تجذب الانتباه لك ويتم الاهتمام بك.

  
هل تعلم أن مشاعر الألم ..الإحباط..الحزن ..هى أكبر معلم هى المشاعر التى نستمد منها قوتنا نراجع عن طريقها أنفسنا، ننظر إلى ذاتنا الداخلية لتفحصها عن قرب بشكل أكبر

لذلك تنتاب المريض حالة كبيرة من الإنكار فيظل متخبطا بين مشاعر الإحباط تارة ومشاعر الألم تارة أخرى.

يجب أن تتقبل يا عزيزى هذا الشخص الجديد بكل تفاصيله، ألمه وإحباطه، سعادته ونجاحه

هذا الشخص الذى يصر على المثابرة والإنجاز حتى وهو فى أضعف حالاته،لهذا يجب أن تفتخر بإنجازاتك الصغيرة جدا التى تولد من رحم الألم  الذى صرت تتعلم منه يوما بعد يوم .

والآن يجب أن نسأل أنفسنا لماذا نصاب بالإحباط؟ من أين تأتى تلك المشاعر؟
تأت المشاعر عادة من الأفكار التى تدور فى رؤوسنا ونكونها نحو أنفسنا نحو الآخرين.

سواء  كانت تلك المشاعر إيجابية أو سلبية كما يطلق عليها تلك المشاعر لا تشعر بها هكذا فجأة عندما تستيقظ من النوم بلا أى مقدمات بل لها أساس وجذور ..كيف؟

مع تراكم المواقف والأحداث اليومية التى تمر بها، والتى تتمثل فى عدم قدرتك على إنجاز مهامك مثل السابق، تتكون لديك فكرة أو عدة أفكار سلبية عن نفسك مثل: لقد أصبحت عاجزا، لقد صار سنى ستين وأنا ما زلت فى الثلاثين!

لا ترهق كاهلك بمهام عديدة فى وقت واحد..فقط حدد مهمة واحدة وقم بالتركيز عليها
واسأل نفسك قبلها :هل هذه المهمة لها أولوية الآن فى حياتى أم لا،

أنا موظف فاشل، زوج أو زوجة فاشلة، لن يتقبلنى شريكى وأنا مريض..

أنا أب فاشل وهكذا..
أحب أن  أخبرك أنك تقتل نفسك بالبطئ وأنت تردد هذه الأفكار.

هناك مقولة تقول: “أنت ما تفكر فيه” .. إذا فكرت بأنك عاجز حقا فستصبح هكذا.

تلك الأفكار تولد مشاعر  مثل: الإحباط والألم النفسى وتدريجيا تتغير صورتنا عن ذواتنا تماما فنصبح حقا مثلما نردد كل يوم.

وبالتالي ستجد أنك صرت تغضب كثيرا ولأتفه الأسباب ..

صرت تتعارك كثيرا حتى مع أقرب الناس إلي أن  تنزوى تماما وتعزف عن التواصل ..

تترك عملك أو تزهد فى دورك كزوج أو زوجة،أو تتكاسل عن أداء دورك كأب أو أم؛

لأنك لم تعد ترَ أنك الشخص الكفء لذلك.

إذن ما العمل؟

الحل هنا هو أن تغير فكرتك عن نفسك يجب أن تحترم ألمك، وأن تحترم طبيعتك الجديدة وخاصة وقت الهجمات.

أولا: لا تطلب من نفسك أن تكون هذا الشخص القديم وإلا فأنت تقتلها.

ثانيا: عدد إنجازاتك الصغيرة حتى ولو كان إعداد كوب من الشاى، أو ابتسامة فى وجه صديق.

ثالثا: ردد مع نفسك بعض الجمل الإيجابية مثل: أنا موظف متميز فى كذا، أنا أب متميز، أنا إمرأة جميلة: أستطيع تنسيق ألوان ملابسى بشكل مبهج،أحب الطبيعة والتأمل فيها، ممتن لله وممتن لنفسى بكذا.

عندما تغير أفكارك السلبية تجاه نفسك، وتحولها إلى أفكار إيجابية ستتغير مشاعرك إلى مشاعر إيجابية؛ فبدلا من أن تصاب بالألم أو الإحباط ستجد أنك تشعر بالامتنان ..الحب..السعادة..السكينة..او الراحة النفسية ..

وبذلك ستتغير ردة فعلك مع من حولك وسيتحول العراك المستمر انزواء إلى تواصل حقيقى يملأه الدفء والحب تدريجيا .

رابعا :لا ترهق أهلك بمهام عديدة فى وقت واحد..فقط حدد مهمة واحدة وقم بالتركيز عليها

واسأل نفسك قبلها :هل هذه المهمة لها أولوية الآن فى حياتى ؟

إن لم أقم بها ماذا سيحدث؟ وإن قمت بها ماذا سيحدث لصحتى ؟

وأخص بالذكر هنا السيدات، أعلم أنك كنت فى السابق تغيرين مكان الأثاث كثيرا ..

العزائم فى بيتك وخاصة فى رمضان لا تنتهى ..

قد تقومين بتنظيف الشقة كلها فى يوم واحد، وغسل الستائر وفى بعض الأحيان غسل السجاد، إسألى نفسك يا عزيزتى .السجاد أم صحتى ؟!

أما أوقات الهجمات ..

إن كنت لا تعمل فلا تفعل أى شئ سوى الاسترخاء فى فراشك فقط اللهم إن كان شيئا بسيطا تستطيع إنجازه وأنت جالس أو مضطجع..

وإن كنت مضطرا للخروج إلى العمل استخدم إجازاتك خلال العام للراحة وقت الهجمات أو حاول أن تقلص مهامك فى تلك الفترة قدرالمستطاع.

وأخيرا ..أختم معك بهمسة فى أذنك: أنت شخص متميز ناجح..أتعلم لماذا؟ لأنك ما زلت تثابر رغم ألمك. دمت دوما بخير.

لمطالعة الجزء الأول من المقال:

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها