وما زالت كائنات البحر حائرة مشردة

وعاد العلجوم وفرقته أقوى من الأول، يتغذى على الأسماك والسرطانات علنا بعد أن نجح فى تقسيمهم إلى فريقين يتبادلان الاتهامات بالخيانة والعمالة.

 دعونا نتسلى قليلا ونحن وسط معركة البقاء في مصر، فالنفس يلزمها راحة واسترخاء لكى تستطيع مواصلة حرب البقاء.

عندما قرأت ما حكاه بيدبا الفيلسوف لدبشليم الملك عن قصة العلجوم وسرطان البحر والأسماك التواقة للحرية، ضمن ماكان يحكيه فى كتابه “كليلة ودمنة”، استقبلت الحكاية استقبالا مختلف الحكمة والهدف، فأنا مثل كل البشر يختلط عندي واقعي بأي منتج أتلقاه ليفرز منتجاً جديداً، وهذه طبيعة التطور والتجديد فى الدنيا.

ولنعد لقصة العلجوم وسرطان البحر والأسماك، كما أصبحت داخلي بعد اختلاطها بالواقع الضبابي الذى أعيش فيه.

العلجوم يا سادة هو ضفدع الطين ونوع منه يتغذى على الأسماك، وهو علجومنا الذى نروى قصته عن بيدبا الفيلسوف والمختلطة بواقعي..

أصابت الأسماك حالة من الحرية والرغبة فى التخلص من سيطرة سادة البحر الذين يتغذون عليها، ومن بينهم الحلقوم، وحكم نفسها بنفسها، وكان ضمن الثائرين سرطانات البحر التى أجادت تنظيم نفسها تحت قيادة موجه واحد، وهو السرطان العام الذى يأتمرون بأمره، وعندما علم الحلقوم بحال أهل البحر ورغبتهم فى الثورة وانتزاع حريتهم وتطبيق العدالة الاجتماعية، ادعى المرض والوهن ولبس ثوب الزهد والورع، واستدعى قائد فرق السرطانات ليناقشهم فى أمر ثورة كائنات البحر.

الرغبة في التوبة

وكانت مفاوضات ودية أبدى فيها العلجوم إعجابه بسرطانات البحر، وبتنظيمهم وبدورهم فى الثورة، وألمح فى إشارات واضحة إلى أحقيتهم فى حكم عالم البحار، ثم أخبرهم برغبته التوبة وحماية الأسماك، وكشف للسرطان العام عن مؤامرة خارجية سمعها عن الإنسان الصياد الذى يعد خطة لصيد الأسماك بوسائل تكنولوجية جديدة، تسمح له بالقضاء على كل الأسماك، وأنه يمتلك خطة لحماية الأسماك من الفناء.

هرع سرطان البحر إلى المجتمع السمكي، وعرض عليه الأمر وعرض رغبة العلجوم فى التوبة، وعرض معاها خطته لحماية الأسماك، وهي أن يصطحب العلجوم كل يوم 5 سمكات ليخفيها فى مكان آمن بعيدًا عن الصياد المتأمر إلى أن ينقل كل مجتمع الأسماك إلى هذا المكان.. وبدأ فى تنفيذ الخطة، وكان يأخذ كل يوم 5 سمكات إلى مكان مجهول يأكلها، ويعود ليطمئن مجتمع الأسماك أنها فى المجتمع الجديد.

ظل العلجوم ينفذ خطته عدة أيام، ثارت خلالها شكوك السرطان العام للسرطانات البحرية، فراقبه وشاهد جريمته، وقبل أن يسارع لإبلاغ المجتمع البحري عن هذه المصيبة، بدأ يفكر ويقنع نفسه أن العلجوم يفعل ذلك لحماية ثورة المجتمع البحري من بعض الأسماك المتآمرة  على الثورة، والتى تنافس السرطانات فى الوصول لسدة الحكم، وقال لنفسه لابد للثورة من ضحايا، وأغمض عينه عن جريمة العلجوم التي اكتشفتها بعض الأسماك، واكتشفت أيضا دور السرطان المتواطئ، فبدأت هجوما مضادا على مجتمع السرطانات وعلى تحالفهم الجديد مع العلجوم.

علم العلجوم بما يحدث، فدعا السرطان العام ورجاله إلى مفاوضات للخروج من المأزق، وجذبهم إلى ميدان بعيد، وبدأ العلجوم ورجاله في الهجوم عليهم، وأكلهم تحت مسمع ومرأى من الأسماك التي كانت تحت تأثير صدمة وقوع الكثير من أبنائها ضحايا لمؤامرة العلجوم والسرطان، فتركوا العلجوم يقضى على السرطانات على أمل حفظ الجميل لهم، وحكم مجتمع البحر بما يضمن الأمن والأمان.

وأوصت السرطانات ضحية المؤامرة أبناءها بالانتقام لها من من قام بهذه المؤامرة ومن من صمت عليها.

عاد قوياً

وعاد العلجوم وفرقته أقوى من الأول، يتغذى على الأسماك والسرطانات علنا بعد أن نجح فى تقسيمهم إلى فريقين يتبادلان الاتهامات بالخيانة والعمالة، ويرفضان التوحد لمواجهة العلجوم الذى اقترب من القضاء عليهما..

وما زالت كائنات البحر حائرة مشردة والعلجوم فى صعود.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه