ولي الأمر …. صنم

أصبح مصطلح (طاعة ولي الأمر) من الأصنام الحديثة التي تعبد من دون الله.

الولاية العامة لمن أخذها بحقها وأدي حق الله فيها ترفع صاحبها  أعلى الدرجات وتحله أكرم المنازل…..

لذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأصناف السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله بقوله: “إمام عادل” (رواه البخاري). وجعل طاعته من طاعة الله والرسول؛ لأنه المنوط به تطبيق شريعة الله وسنة رسوله، ‏قال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) النساء / 59

تربية الرسول

 لكن المتأمل للآية الكريمة يرى أنها أمرت بطاعة الله، وثنت بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عطفت طاعة ولاة لأمر على طاعة الله ورسوله، أي أطيعهم ما أطاعوا الله ورسوله، وهذا الذي ربى عليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لما قال : (انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) وهم يعرفونها من ميراث الجاهلية! فبدت دهشتهم واستفسروا عما بدا لهم مناقضا لما رباهم عليه ولم ينقادوا بلا فهم أو يستسلموا بلا وعي حتى بين لهم صلى الله عليه وسلم أن نصرة الظالم تكون بحجزه عن ظلمه وكف أذاه عن الناس…

ولما تولى أبوبكر رضي الله عنه  أمر المسلمين وأصبح خليفة عن الرسول الكريم خطب مبينا حدود طاعة ولي الأمر فقال :أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم .

ثم جاء عمر بن الخطاب، الخليفة الثاني رضي الله عنه، وأراد أن يطمئن على فهم الرعية لحدود طاعة ولي الأمر وهل لو ترخص في شيء  سيطيعوه فيه؟

فجاءه الرد الحاسم : لو ملت قومناك وعدلناك؛ فسر بردهم وأعجب……

فإن من أولويات الحاكم العادل تحصين المجتمع ضد الفساد والاستبداد، وهذا أصل عام من أصول الملة وقواعد الدين (إنما الطاعة في المعروف )رواه البخاري. ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

الصنم

ثم خلفت خلوف لم يعرفوا من أوامر القرآن إلا طاعة ولى الأمر وإن أدار ظهره للقرآن وحارب أهله ،أو تنكر للسنة وسجن الدعاة إليها حتى أصبح مصطلح (طاعة ولي الأمر) من الأصنام الحديثة التي تعبد من دون الله، وغدا شرك القصور متفوقا على شرك القبور، وسدنة هذا الصنم عصابة ممن امتهنوا العلم وباعوا دينهم بدنيا صاحب القصر ….

ولله در القائل:

أمتي كم صنم مجدته      لم يكن يحمل طهر الصنم!!

بل أصبح مصطلح (ولاة الأمر ) محصورا في أئمة الظلم وحكام الجور الذين لا يعرفون معروفا ويرتكبون كل منكر معتمدين على انتشار الجهل وتزييف الوعي؛ فتم تلويث المصطلح واستعماله لتبرير ما يرتكبه الحاكم اليوم وإن دعا إلى نقيضه غدا فهو أدرى بالمصلحة وأعلم بالمنفعة! ! بل ‏رفعوه  إلى منزلة الملهم الذي لا يسأل عما يفعل ولا يخطأ ولا يعارض أو ينتقد …. وهو أقبح درجات النفاق سواء كان بمقياس العقيدة أو موازين السياسة

وخلاصة الأمر أن :

‏ولاة الأمر أُجراء جعلهم الناس أمراء…..لسياسة الدنيا وحراسة الدين بموجب عقد أبرمته الأمة ، لهم بموجبه حق الطاعة في المعروف ما حافظوا على العهد والعقد.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه