هل الأنفاق هي سلاح حماس الإستراتيجي؟

الصواريخ هي سلاح حماس الإستراتيجي وليست الأنفاق التي سيتم إنشاء الجدار لأجلها.

لقد بات من الواضح التطور الحاصل لدى المقاومة الفلسطينية من خلال التكتيك وتقدير الموقف السليم والاستخدام الأمثل للموارد وتوظيف التخصصات في المعركة.

 لم تعد تلك المقاومة العشوائية التي تعمل وفق هوى معين أو كلما لاحت فرصة، ولم تعد تلك المقاومة التي كانت إسرائيل تستطيع التغلب عليها بتوجيه الضربات المباشرة بكل سهولة.

لقد وجهت المقاومة للجيش الإسرائيلي ضربات موجعة، غير أن المعروف عن الأخير الاستفادة من أخطائه؛ فمع كل تطور للمقاومة كان الجيش الإسرائيلي ولا يزال يطور من وسائله ودفاعاته لكبح جماح أخطار تلك التطورات وفق منحنى يتزايد مع تزايد نمو أداء المقاومة.

فمثلا سلاح المدرعات عند الجيش الإسرائيلي والذي يعتبره الجيش أهم الأسلحة والركيزة الأساسية له بالمعركة تطور هذا السلاح مع تزايد الأخطار المحدقة به بعد امتلاك المقاومة أسلحة جديدة ونوعية، ففي السابق لم يكن التدريع الخاص بالدبابات والمدرعات كبيرا مقارنة بما هو موجود من سلاح مع المقاومة آنذاك حتى استطاعت الأخيرة امتلاك الأسلحة النوعية والموجهة؛ لكن مقابلها طورت إسرائيل أجيال دباباتها وصولا لميركافا 4 التي تتميز بالقدرة على التغلب على هذه الأسلحة الموجهة بأنظمة الدفاع الإيجابية لها كنظام تروقي الذي يدمر المقذوفات قبل وصولها للدبابة فضلا عن التدريع القوي لها.

الحاجة للأنفاق

الأنفاق هي أحد التطورات التي جرت على تكتيك المقاومة في القتال ضد الجيش الإسرائيلي والذي جاء كاستفادة من حزب الله اللبناني الذي استخدم هذا التكتيك في قتال إسرائيل، ونجح فيه من خلال الاختفاء عن منظور الطائرات وأنظمة الرؤية الحديثة في الدبابات التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي، وتمكنت المقاومة حينها من توظيف هذا السلاح في البدايات لتنفيذ العمليات الهجومية أو التفجيرية ضد مواقع وتحصينات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة ونجحت بذلك في إيقاع خسائر فادحة لم تكن بالحسبان.

بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بسبب تزايد الأخطار على المستوطنين الجاثمين على القطاع ومع الحروب التي شنها الجيش على القطاع استخدمت المقاومة الفلسطينية الأنفاق لعدة استخدامات منها ما هو معد لإطلاق الصواريخ ومنها للعمليات الهجومية والإنزال خلف الخطوط ومنها للعمليات الدفاعية والقتال داخل القطاع.

عندما فشلت إسرائيل استخباراتيا في كشف هذه الأنفاق وخاصة التي تسببت بعمليات هجومية ناجحة في الحرب الأخيرة على قطاع غزة مثل عملية ناحل عوز وعملية أبو مطيبق وغيرها أدركت خطورة هذه الأنفاق وبالتحديد الممتدة داخل الخط الفاصل.

بدء التفكير لديها بإيجاد حلول من خلال البحث المتواصل عن هذه الأنفاق من خلال الحفارات التي استمرت بالعمل في محيط أغلب المواقع الاسرائيلية والتي لم تأت بأي نتيجة حتى الآن وصولا للإعلان عن عزم الاحتلال بناء جدار إسمنتي على طول الحدود مع قطاع غزة للقضاء على الأنفاق.

الجدار

كما أعلنت إسرائيل فإن الجدار الذي ستبنيه سيقضي على سلاح حماس الإستراتيجي وهو بعمق 40 مترا تحت الأرض وبطول 6 أمتار فوقها وسيمتد على طول القطاع بمسافة 64 كيلو مترا وتكلفته ستصل لثلاثة مليارات شيكل .

إن استمر العمل بهذا الجدار وفق هذه المعلومة فالتقديرات تشير أنه سيكون ناجحا في كشف عدد من الأنفاق الممتدة داخل الخط الفاصل؛ لكن بالعودة لعنوان المقال هل هذه الأنفاق هي سلاح حماس الإستراتيجي؟

وفق اعتقادي فإني لا اعتبر أن إسرائيل قد وصلت أو سحبت -كما تقول- سلاح حماس والمقاومة الإستراتيجي فلو فحصنا -بشكل منطقي- بعد الحرب الأخيرة على القطاع والعمليات التي نفذها المقاومة مستخدمة هذه الأنفاق، وتصريحات الاحتلال بخطته الجديدة خلال أي حرب قادمة بإجلاء المستوطنين في المستوطنات المحاذية للقطاع خلال 6 ساعات نجد أن هذه الأنفاق رغم أهميتها في المعركة لن تكون ناجعة أو مؤثرة سوى بالعمليات المبادرة فقط قبل انطلاق الحرب والمعركة وبالتالي سيكون هذا الاستخدام الوحيد لها حسب اعتقادي أو حسب ما يكون متاحا خلال المعركة .

اما الركيزة المهمة والاعتماد الأكبر سيكون على الأنفاق الموجودة داخل القطاع، وهي الأنفاق الدفاعية والأنفاق المستخدمة لإطلاق الصواريخ وهنا مربط الفرس الصواريخ.

إن أهم سلاح تمتلكه حماس اليوم هو الصواريخ والتي توفر عليها الكثير من العناء في المعركة، وتتسبب بإحداث أكبر قدر ممكن من الأذى بالخصم وهو ما شهدناه بالمعركة الأخيرة لدرجة تحدي القسام الواضح بعدم قدرة القبة الحديدة التي صنعتها إسرائيل من إسقاط صواريخ المقاومة بمدياتها المختلفة.

التجارب الأخيرة على صواريخ المقاومة والتي كانت بشكل دوري بعد الحرب الأخيرة على القطاع تثبت بشكل قوى أن المقاومة لا تزال تطور من إمكانات هذه الصواريخ التدميرية، وأيضا تطوير قدرتها على تجاوز القبة الحديدية حتى تكون بمثابة عامل مؤثر خلال المعركة.

إذن الصواريخ هي سلاح حماس الإستراتيجي وليست الأنفاق التي سيتم إنشاء الجدار لأجلها، وإن كان الاحتلال قد برع في استغلال الحدث لإحداث صدمة وخيبة أمل للخصم؛ لكن نذكره بخط بارليف الذي تباهى به وبقوته وتمكن الجيش المصري حينها من تجاوزه بخراطيم المياه.

اعتقد أن المقاومة الفلسطينية لن تعجزها الوسيلة، ولن يقف هذا الجدار الذي وضع كترسيم لحدود دولة محتلة ولفصل قطعة من الأرض وهي قطاع غزة عن باقي فلسطين حائلا أمام تطلعات شعب لا يزال يحلم بالعودة لأرضه وللصلاة بقدسه دون شروط أو قيود.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه