من أنت؟!!

من أنت لكي تهدد شعباً اعتاد الصمود، من أنت لكي تهدد شعباً احترف تدمير جلاديه، من أنت لكي تهدد شعباً اعتاد اللعب مع الطغاة وهزيمتهم، من أنت لكي تهدد شعباً اتخذ من الصبر ذخيرة يكسب بها معاركه ضد من تكبر وعلا في الأرض

هو شعب مصر أيها الفاشي الغبي الذي انهارت تحت أقدامه كل أوهام الطغاة والمتكبرين بكل أسلحتهم وجبروتهم.

يا صاحب ذاكرة السمكة تعالى أذكرك ببعض من ذاكرة الأوطان والشعوب..

الله هو الحق ومن يقف في وجه الحق فقد وقف متحدياً الله

عندما حاج نبي الله موسى فرعون ليؤكد له أنه لا معبود سوى الله، لم يرتدع فرعون بل أعماه طغيانه ورد باستكبار مهددا نبي الله موسى «لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المَسْجُونِينَ» والطغيان يمنع صاحبه من إعمال عقله وتدبر الكلمات، من أنت وأين بطشك وقمعك بجانب قمع فرعون الذي وصفه الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم «إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَة مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» ]القصص[

ومع كل هذا البطش والقمع والظلم كانت نهاية الطاغية وأتباعه وأنصاره ومريديه مهما كانت قوتهم وهى النهاية التي وثقها المولى في كتابه الكريم كمصير محتوم لأي طاغية أو أي مؤيد لطاغية «فَاستخفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ» ]الزخرف[

وكان مصيره الطرد

من أنت بجانب الطاغية الأوغندي عيدي أمين الذي لم يقل ضحاياه عن نصف مليون قتيل صاحب ألقاب فخامة الرئيس المشير الحاج الدكتور عيدي أمين دادا، وكان مصيره الطرد والتشرد منفيا خارج بلاده في عدة دول حتى مات نسيا منسيّا في السعودية.

من أنت؟!!… لا تتصور أنك سلعة نادرة أو شخصية مميزة فأنت حلقة صغيرة من حلقات الطغاة الذين قدرهم الله سبحانه وتعالي للعالم منذ أن خلقه ليكونوا عبرة واختبارا للبشر، وربما لأكثر من حكمة إلهية لا نعلمها… أنت حلقة من حلقات الطغاة الذين بشر الله عباده الصالحين بنهاياتهم المأساوية دائماً فأصبحت حتماً محتوماً على كل طاغية مهما طال به الزمن أو كثُر.

من أنت بجانب «جايوس» حاكم روما في بدايات التاريخ الميلادي والذي أعلن نفسه إلاها وكان يعشق الشر والقتل حتى إنه قال: «أنا أسرق بصراحة، ولا أرتاح إلا بين الموتى»، هذا الطاغية المجنون الذي دفع بلاده إلى مجاعة لكي يذكره التاريخ وكانت نهايته الحتمية القتل بطريقة بشعة على يد حراسه.

من أنت بجانب نيرون الذي قتل أمه ونكل بأصدقائه العسكر وأحرق بلده وعذب شعبه وسجن ضباطه، وكانت نهايته الموت منتحراً هروباً من انتقام ضحاياه.

من أنت ؟!! وما هى قوتك بجانب قوة العدل الجبار الذي بقرار بسيط جدا منه أنهى حياة جبار روع المسلمين أعواما طويلا… أبو طاهر القرمطي زعيم قرامطة البحرين الذي قتل حجيج بيت الله وترك جثثهم تتعفن وهاجم مكة وسرق الحجر الأسود وقتل المصلين وهو يتلو آيات من القرآن ساخراً، وعندما وصل إلى أعلى درجات الجبروت والقوة متصوراً أنه قضى على الإسلام أصابه القادر بمرض الجدري وقضى عليه وزال كل ملكه وآثاره.

شاوتشيسكو

من أنت بجانب طاغية رومانيا نيكولاي شاوتشيسكو الذي حكم بلاده بالشرطة السرية والسجون والمعتقلات ونهب هو ورجاله ثروات البلاد بحجة سداد الديون وكمم الأفواه بحجة توفير الأمن والأمان وقتل المتظاهرين من أبناء شعبه وهم يتظاهرون ضد سياسات التجويع والافقار والسلب والنهب والديكتاتورية، ففر الطاغية وزوجته «إلينا» التي كانت تشاركه الحكم والنهب ولكنه وقع في يد شعبه وتم إعدامه بعد محاكمة شعبية له ولزوجته رميا بالرصاص، ولم ينفعه كل حلفائه وأصدقائه في الخارج ومات كالكلب.

وبمناسبة تعبير الكلب أتذكر حادثاً في نفس السياق… في الخامس من سبتمبر (أيلول) عام 1981 كنت أجلس أنا وصديق لي من الإسكندرية نستمع إلى خطاب أنور السادات أمام مجلس الشعب عقب قيامه بأكبر حملة اعتقالات لكل المعارضة المصرية بكل أطيافها، وفي الخطاب هاجم السادات كل المعارضة واتهمهم بالعمالة والخيانة وعندما تعرض للشيخ أحمد المحلاوي إمام وخطيب مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، الذي أشتهر بانتقاده لشخص السادات، قال عبارته الصادمة «أهو مرمي زى الكلب في السجن»، وهنا قفز صديقي السكندري من مكانه وقال بشكل تلقائي «السادات اتقتل»… اندهشت وسألته عن سر انفعاله، وخاصة أنه يحمل وجهة نظر تتعارض مع الإسلام السياسي فقال لي «ولكني أحمل منهجا في التفكير ولطالما وصل الشخص لهذه الحالة من الجبروت التي تجعله يقف علنا أمام شعبه ليصف أحد زعماء المعارضة مهما كان اتجاهه بالكلب، ويتفاخر بإلقاء معارضيه في السجون، فهذا لا يعني إلا معنى واحدا وهي أنه مقدم بسرعة شديدة على نهايته وغالبا ستكون نهاية مأساوية» وبعد شهر بالتمام من خطاب السادات، قُتل السادات على يد ضباط في قواته المسلحة التي كان يحتمي بها… من أنت بجانب السادات قائد العبور وحرب التحرير وثورة التصحيح والعلم والإيمان، وعندما أخذته العزة بالإثم وطغى على شعبه واستكبر مات مقتولاً وخرج شعبه فرحا مهللا مكبرا رغم ما يُعرف عن المصريين من كراهيتهم للشماتة في الموت، ولكن كراهيتهم للطغيان والظلم أقوى.

من أنت لكي تهدد شعباً اتخذ من مشاهد الطغيان مادة للسخرية من جلاديه… ألا تتعظ من التاريخ؟!!… أتمنى ألا تتعظ فتبوء بقدر الله الذي وعد به كل طاغية، وهو حتمي لا مفر منه قد يراه البعض قريباً وقد يراه البعض بعيداً، ولكنه قادم لا محالة… إنه قدر الله ولا مفر من قدر الله.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه