مفتي الإعدامات

إعدام الشباب في محاكم عسكرية أو محاكم مدنية بإجراءات شكلية لا تستند إلا إلى تقاريرأمنية هو جريمة قتل عمد

 

“لا يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دما حراما”

وكان ابن عمر راوي الحديث يقول: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير محله.

لقد رأينا كيف حرص نظام السيسي على توديع عام 2017 بإعدام خمسة عشر شابا واستقبل عام 2018 بإعدام دفعة جديدة من المصريين مستخدما في ذلك ذراعه القانونية أو قضاء الحاجة الذي كلما عنت للسيسي حاجة قضاها. ثم يأتي دور المفتي ليصدق على قرار القتل، الذي رفضه في أكثر من واقعة ثلة ممن بقيت ضمائرهم حية من قضاة محكمة النقض بما يثبت أن المفتي المعمم والشيخ المطمطم سارع في هوى الحاكم وشارك في سفك الدم الحرام.. وهو يعلم أن المقتول يجيء يوم القيامة متعلقا بالقاتل تشخب أوداجه دما فيقول: أي رب سل هذا فيم قتلني…؟ فهل أعد شوقي علام لهذا السؤال إجابة؟

اعدام الزملاء

لقد سبق أن وافق المفتي على إعدام اثنين من زملائه بتهمة قطع الطريق وهما د. عبد الرحمن البر عميد كلية أصول الدين، و د. عبد الله بركات عميد كلية الدعوة الإسلامية الذي خفف عنه الحكم إلى المؤبد ثم رأى الحاكم بأمره أن يطلق سراحه ويسجنه في بيت.

إن إعدام الشباب في محاكم عسكرية أو محاكم مدنية بإجراءات شكلية لا تستند إلا إلى تقارير أمنية هو جريمة قتل عمد يبوء بإثمها من أمر بها ومن أعان عليها ومن نفذها وكل من رضي بها، كما أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم: “لو ان أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الأَرْضِ اشتركوا في دم مُؤْمِنٍ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ في النار” (رواه الترمذي والطبراني والبيهقي)

وعن العرس بن عميرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فأنكرها كمن غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها”

اللعنة

إن لعنة الدماء المعصومة تحل سريعا وانتقام الله لأصحابها لا يؤجل لأن قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا كما أخرج النسائي من طريق بريدة

قال الله تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)

أما من تولى كبر هذه الإعدامات وظنها تثبت ملكه فلو قرأ التاريخ لعلم أنها مسامير نعشه، التي لم تغن عن سلفه، وهي وقود النار التي تأكل الأرض من تحت قدمه، فإن عجز الناس عن القصاص لذويهم وهو حق مسطور في كل شريعة ودستور، فإن الله غيور، وإنه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته وأرصد له خمسا لم ترصد لغيره إحداها اللعن والطرد من رحمته

 (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه