محمد منير يكتب: جهاد الجوع

عن عبد الفتاح بن السيسى جزاه الله بما فى نواياه، أنه قال، وخير القول قول العسكر: “نجوع من أجل أن نبنى الوطن”. وبذلك رسخ الإمام السيسى فضيلة جديدة، هى فضيلة “جهاد الجوع”. يتبع

 محمد منير*

 
عن عبد الفتاح بن السيسى جزاه الله بما فى نواياه، أنه قال، وخير القول قول العسكر: “نجوع من أجل أن نبنى الوطن”. وبذلك رسخ الإمام السيسى فضيلة جديدة، هى فضيلة “جهاد الجوع “.

تجاوز إمام العسكر عبدالفتاح الحدود الضيقة للعلمانيين والمدنيين الذين حصروا مفهوم الجهاد البشرى فى حدود النضال من أجل رفاهية الشعوب، وكشف عن تدني أهدافهم إلى القاع الدنيوى.

فقد اهتم هؤلاء الماديون بالجسد والمتعة الزائلة والرفاهية، بينما جاءت دعوة الإمام لتطهر الإنسان من كل المتع الزائلة، عن طريق الجوع الذى يسمو بالروح عاليًا ليفصلها عن الجسد، ويطهرها منه، ومن هنا جاء مصطلح العوام “جوعه لحد ما تطلع روحه”.

جاءت دعوة إمام العسكر لتضبط المفاهيم المعوجة التى رسخها أبناء الضلال من هوامش العلماء، والمتمسحين بالعلم، والذين أشاعوا أن سعادة الإنسان لا تتحقق إلا بالرفاهية التى تستند إلى الوسائل الدنيوية المشبوهة، مثل التنمية، والتطوير العلمى، والصناعة، وما غير ذلك من وسائل وهمية صنعها الإنسان الزائل، ونورت دعوة الإمام طريقنا، وطهرتنا من الضلال عندما أكدت أن الجوع هو الوسيلة الوحيدة لسعادة الإنسان ورفاهيته.

علماء الضلال يفسرون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “صوموا تصحوا” بأنه دعوة للصيام المؤقت من أجل صيانة الجسد، وترغيب فى الصيام من أجل أن يشعر الأغنياء بآلام الفقراء والجوعى، وكأن الجوع والفقر مصيبة تصيب البشر! والحقيقة التى ساقها لنا إمام العسكر فى محتوى دعوته أن الجوع غاية ووسيلة .. غاية للكمال، ووسيلة للسعادة .. الجوع عند الإمام هدف فى ذاته.

لقد كشفت لنا دعوة  إمام العسكر عن الضلال الذى عشنا نتغنى به سنوات بسبب المارق بديع خيرى عندما نظم كلماته التى تغنى بها الفاسق سيد درويش قائلاً: “شــــد الحــزام على وسطك غيره ما يفيدك.. لابـــــد من يــــوم برضــه ويعـــدلها ســــــيدك”، وكأن الجوع عدو تربط أحشاءك لتتحمله حتى يأتى فرج الله .. الجوع عند إمامنا السيسي نعمة من عند الله أنعم بها على عباده الصالحين ليطهرهم.

بعد نكسة 1967 التى أصابت الأمة بسبب الإفراط فى المأكل، وقف الرئيس الضال جمال عبد الناصر، وخطب فى الأمة خطبة خداع، طالبهم فيها بالتخلى عن المكسرات والزبيب من أجل التوفير لاستيراد القمح، ضمانًا للحفاظ على توفير الخبز! لو كان هذا الناصر صادقًا لطلب من الأمة ما طلبه الإمام عبد الفتاح بن السيسى من أن تلتزم نهج الجوع حتى طلوع الروح، لكنه كان دنيويًا زائلاً فأزاله الله.

فى فترة الرئيس المراوغ أنور السادات ظهرت دعوة انتهازية مفادها أن تمتنع الأمة عن أكل اللحوم لضررها البالغ على الصحة، وكأن بقية المأكولات من نباتات وفواكه خير للبشر! وكان المراوغ يريد أن يجهض فريضة الجوع بهذه الدعوة المغرضة ليوهم الأمة بأن اللحوم فقط هى المحرمة، وليس كل الطعام، وعلى ما أتذكر أنه فى هذه الفترة ظهر شاعر حرفوش فجومى اسمه أحمد فؤاد نجم، وكان والعياذ بالله من الكافرين بنعمة الجوع، وقال “إحنا سيبونا نموت م اللحمة وانتم عيشوا تكلوا الفول”.

والحق ياسادة أن إمام العسكر لم يقدم فكراً جامداً ، وإنما حمل فكره نوعاً من التسهيل من أجل الضرورة لخدمة الوطن، فاستثنى الفئات من أبناء عمومته العسكر من الجوع حتى لا ينشغلوا عن الدفاع عن الوطن، وأصدره قراره التاريخي بزيادة معاشهم زيادة استثنائية يدفعها المجاهدون الجوعى  كضريبة دفاع 
 وهكذا يا سادة أصبح الجوع فى بلادنا فريضة غائبة وجهادًا.

_______________________________

*كاتب وصحفي مصري

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه