لا عزاء للدواجن

ويوم الفصل عندما يتعرض الوطن لخطر اعتداء خارجي لا يكون في مقدمة الصفوف إلا الضواري.

تبدو دائماً الدواجن أنيقة المظهر منمّقة ولطيفة مسلية دائماً وخفيفة الظل، وهي دائماً مدربة على إطاعة الأوامر وتنفيذ رغبات أصحابها بالترويح عن أنفسهم في لحظات ما، أو الوجاهة الاجتماعية أحياناً بالظهور بمظهر الرفاهية أحياناً أو بمظهر العطوف المحب أحايين أُخري. لا يحب الناس الضواري، فهي مزعجة، قوية، خارجة عن السيطرة طوال الوقت لا تصلح للتسلية ولا يقترب منها إلا هالك، تدافع عن نفسها إذا ما قرر أحدهم التعدي عليها، وهي تفضل الحياة الشاقة مع الحرية في الغابة علي حياة الدعة والكسل في الأسر.

فن الطاعة

 وكما الغابة تسير حياة البشر، تمتلئ حياة البشر بالضواري والدواجن يقرب أصحاب الحظوة والنفوذ الدواجن ذوي الحلل الفاخرة والفساتين الملونة الفاخرة في جو من البهرجة التي تليق بنظره أصحاب الدعوة بالمدعوين والغرض منها، وبينما تعم البهجة الأجواء في المؤتمرات السنوية التي تقيمها السلطة الحاكمة داعية فيها المقربين من الشباب المرضي عنهم المطيعين دائماً ،الذين يجيدون دائماً فن الطاعة ونعمة عدم النظر الا لما تراه السلطة عملاً بمبدأ فرعون “ما أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ”. تلك الحكمة، اعمل بها وسيرضي عنك أصحاب الحظوة، لا تري إلا ما يراه الفرعون ستصبح مدللاً مدعواً دائماً علي الموائد وسيري الخارج (ذلك هو المأرب) أن هناك رئيسا مقربا من الشباب وأن هناك حالة حوار/ديمقراطية/تشاور/مشاركه مجتمعية وأن أولئك القابعين في السجون/المطاردين في المنافي/المترقبين للأسر في الوطن ما هم إلا شرذمة قليلون لا وزن لهم ولا أهمية. تلك الضواري التي ترفض أن تري ما يراه الفرعون ولا يَرَوْن في طريقه سبيل الرشاد تلك الحرية التي يطلبون هي هدم للدولة/عمالة للخارج/تخريب ولا مكان لهم في الوطن وخروجهم أو أمانهم أو عملهم في السياسة شر مستطير ولا سبيل إلا بإخراجهم من معادلة الوطن، فأولئك البشر ضواري لا يجيدون فن الطاعة، ولا يتحملون ان يكونوا أدوات للتسلية، لا يبهرهم ذهب المعز ويواجهون سيفه بشجاعة الأسود، لا يبتغون الا مصلحة الوطن ولو كانت ضد مصالحهم الشخصية المباشرة.

ضريبة الرفض

 وفِي مقابل الرفض تكون حياة الغابة بكل توحشها وقسوتها وتنتهي بهم المياه إما قتيل وإما سجين أو منفي أو مطارد، وفِي أفضل الأحوال مترقب داخل وطنه أياً مما سبق.

في الحقيقة تلك قضية أمن قومي كبرى: لا تقوم الأوطان إلا على الضواري ولا تستقيم الأمور بنهضة على جثث أشجع من فيها وعلى أكتاف أكثر أهلها انتهازية وطمعاً وراء مكسب وقتي على جثة الوطن نفسه، ويوم الفصل، عندما يتعرض الوطن لخطر اعتداء خارجي لا يكون في مقدمة الصفوف إلا الضواري مدافعين بأجسادهم عن ترابهم وأهلهم، وفي السلم هم أصحاب الفكر والرأي والمشورة الصادقة والنصيحة المخلصة.

ولا نهضة ولا نمو، بل ولا وطن وخير من فيه خارج معادلته، فلا صلاح للأحوال بهؤلاء الذين تمتلئ بهم قاعات المؤتمرات الفاخرة، لا خير فيكم إن لم تسمعوها ولا خير فينا إن لم نقلها: أفرجوا عن شباب مصر وردوا إليهم اعتبارهم، فبهم وبهم فقط ستكون لمصر مكانة بين العظماء، ولا عزاء للدواجن.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه