قطر تحت حصار العار

لا ينكر إلا جاحد وقوف دولة قطر وشبكة قنوات الجزيرة مع الثورات العربية ومع كل المعارضين للنظم العربية.

عندما قال الرئيس المصري المخلوع حسنى مبارك أثناء زيارته المبنى القديم الذى تشغله  قناة الجزيرة في الدوحة عام 2010 : ” هي دي علبة الكبريت اللي عاملة كل الهيصة دي!؟” ، لم تكن هذه المقولة إلا تعبيرا عن الغيظ المكتوم من تلك القناة التي بدت له صغيرة الحجم مقارنة بتأثيرها الكبير، ومقارنة أيضاً بمبنى الإذاعة والتلفزيون المصري “ماسبيرو” الذي يعمل فيه ما يقارب من 50 ألف موظف، ما بين إعلاميين ومعدين ومذيعين وموظفين وفنيين وغيرهم، ومع ذلك فإن تأثير “الجزيرة” العربي والعالمي يفوق جميع الفضائيات والقنوات التلفزيونية، إذ كانت تحظى ولا تزال بنسبة مشاهدة عالية.

فوبيا الجزيرة

الجزيرة التي تأسست في ١ نوفمبر ١٩٩٦، لتتوسع بعد ذلك في سلسلة قنواتها ، والتي اهتمت بالرأي والرأي الآخر باتت تؤرق مضاجع الحكام ، الذين يرون فيها عدوا لسياساتهم ضد شعوبهم وكاشفة عن انحيازهم  للعدو الصهيوني حتى جاء الربيع العربي بثوراته؛ فكانت قناة الجزيرة ودولة قطر في القلب منه تساعد الشعوب وتكشف زيف الحكام ، ونقلت  الثورات العربية من الميادين إلى كل بيت ، كل ذلك لم يجعل الثورات المضادة في الدول العربية تنسى لقطر والجزيرة هذه المواقف التي ساعدت على نجاح بعض الثورات العربية حتى حين .

قطر والجزيرة ومساندة ثورات الربيع العربي

لا ينكر إلا جاحد وقوف دولة قطر وشبكة قنوات الجزيرة مع الثورات العربية ومع كل المعارضين للنظم العربية ، ولكن يبقى وقوفها مع جماعة الإخوان وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) هما الموقفان  اللذان اعتبرتهما الدول المعادية لثورات الربيع العربي ذنبا لا يغتفر ، فكيف لقطر أن تحاول أن تتبنى سياسات بعيدة عن هذه الأنظمة؟

وكيف لقطر أن يكون لها نهج مختلف وقرارات منفردة وتسمح لبعض قيادات حركة حماس وجماعة الإخوان بالوجود على أراضيها، وكذلك كيف لها أن تقف مع ثورة تونس وثورة مصر وثورة ليبيا وثورة سوريا وثورة اليمن ، وتنسى أن هناك دولا وحكومات ترى في مناصرة الشعوب خيانة ومصادقة الأعداء منتهى صلة الرحم؟

وقد فشلت محاولة القطيعة الإماراتية السعودية مع دولة قطر الشقيقة عام 2014 نظرا لتبنى قطر وقنوات الجزيرة موقفا مساندا لثورات الربيع العربي ، وموقفا كاشفا لما حدث من عزل للرئيس المصري محمد مرسى وتقويض الشرعية لأول رئيس مصري يأتي وفق انتخابات شفافة شهد بنزاهتها القاصي والداني ، ولم تفلح هذه القطيعة في تغيير موقف الدوحة ؟

ترمب يحدد خريطة العمل

ولكن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ، والذى ألقى فيها محاضراته على رؤساء ودول العالم العربي والإسلامي في الرياض عن الإسلام والإرهاب ووصفه حركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية (حماس) بالإرهاب وهو ما ترفضه قطر ولا يعبر عن موقفها ، وفى ظل صفقة القرن التي لا نعرف عنها شيئا ،  بالإضافة لعقد صفقات مع السعودية بحوالي 450 مليار دولار في سابقة هي الأولى من نوعها ، تغير الموقف فكان لابد من محاولة تطويع قطر بكل السبل .

ولم تكن محاولة اختراق موقع الوكالة القطرية وبث بيانات كاذبة منسوبة لأمير قطر إلا بداية إشعال عود الثقاب لإشعال الأزمة الخليجية –  القطرية ، ورغم نفى القيادة القطرية ما نسب إليها وأن ما حدث اختراق للوكالة جار السيطرة عليه ، إلا أن السيرك الإعلامي كان قد نصب للدوحة وأميرها، ولأمر دبر بليل فقد قامت السعودية ومصر والأمارات والبحرين بحجب الجزيرة والمواقع القطرية وغيرها من المواقع بالحجة المعروفة وهى دعم الإرهاب لتستمر كرة اللهب في الاشتعال حتى فوجئ الشعب العربي بقطع أربع دول لعلاقاتها مع قطر بينهما ثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي ، بالإضافة إلى مصر وهى الدولة التي كانت علاقتها بقطر شبه مقطوعة على المستوى الرسمي .

حصار العار

وأقسى ما صدم الشعوب العربية أنهم لأول مرة يرون موقفا موحدا من بعض الدول العربية ولكنه موقف مخزٍ فبدلا من قطع علاقتهم بإسرائيل أخذتهم العنترية وفعلوها مع الدوحة!!

وحصار قطر البرى والجوي والبحري ومنع السفن من الوصول كلها من أعمال الحرب والرسالة هي أنه غير مسموح لأي دولة أن تختلف وترفض تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء المقاومة وكل ذلك بدعم امريكي؛ ولكن ما حدث ضد قطر أكبر من مجرد اعتراض علي تقارب قطر مع حماس والإخوان.

ومع ذلك نجد أن القيادة القطرية تتعامل مع الأزمة بحكمة تحسد عليها فهي لم تهدد مصر بتسريح ما يقارب من 300 ألف مصري يعملون في قطر، ولم تمنع -كما قال الصحفي القطري عبد الله العذبة- الغاز عن أبي ظبي التي تعتمد في ثلث الغاز على الدوحة،  وقال إن الدوحة تترفع عن إيقاع الضرر بها رغم قطعها الأرحام.

“وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه