عمر عبد الرحمن وجه الشرق الأوسط!

جاءت هذه الكلمات على لسان “لين ستيوارت” محامية الدكتور عمر عبد الرحمن الأمريكية.

“كان الشيخ عمر وجه الشرق الأوسط للمستضعفين، ويرجع ذلك إلى قدرته الهائلة على قيادة وإلهام الناس في وقت المحن الكبيرة.

 لقد جاء إلى الولايات المتحدة لجمع التضامن لقضيته القومية المشروعة التي أسيء فهمها عمدا، وأسيء استخدامها لإعادة توجيه التعاطف مع سياسات قمعية في الداخل للوطن العربي والخارج “الغرب”. لقد أسيء استخدام مظهره وحركاته الشخصية من قبل الحكومة الأمريكية بتعمد واستمرارية، على الرغم من أنه قضى ما يقرب من ربع القرن في السجن لم يتخلَ فيها أبدًا عن مبادئه في أن الناس لهم الحق في الحريات الأساسية من دون طغيان”

جاءت هذه الكلمات على لسان “لين ستيوارت” المحامية الأمريكية للشيخ عمر عبد الرحمن ، والتي تم الحكم عليها بالسجن لمساعدتها في تهريب وصية الشيخ من السجن.

إنه الشيخ عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية الذى كان يقضى عقوبة السجن مدى الحياة في سجن ولاية نيوجيرسي، بتهمة التحريض على جرائم ضد الولايات المتحدة بعد فراره إليها بسبب مطاردة نظام مبارك له، وتوفى في سجنه ليدفن في مصر حسب وصيته .

عمر عبد الرحمن، ظلمه عبد الناصر ، وتم استبعاده من التدريس في عهده. وفى عهد السادات ، تمت مطاردته لأنه كان من المطلوبين بسبب خطبه ودروسه التي كانت هجوماً على الفساد والظلم وتطالب بتطبيق الشرعية الإسلامية ، واتهم بإصدار فتوى أدت إلى اغتيال الرئيس السادات بعد أن عارضه لسنوات، وتمت محاكمته في قضية اغتيال السادات أمام المحكمة العسكرية ومحكمة أمن الدولة العليا، وحصل على البراءة في القضيتين وخرج من المعتقل في  أكتوبر/تشرين الأول 1984.

إنه الشيخ الضرير الذى ظلمه الجميع وتاجر به الجميع أيضا، بداية من استغلال تيار الجماعة الإسلامية لاسمه وشهرته وجعله زعيما له، مثلما فعل الضباط الأحرار مع اللواء محمد نجيب.

ومثلما استفاد الضباط الأحرار من نجيب استفاد شباب الجماعة الإسلامية من شهرة الشيخ عمر وأزهريته، فقد كان معظمهم طلابا في الجامعة أو حديثي التخرج، فكانوا يقدمونه على أنه أمير الجماعة الإسلامية، ومفتيها، وبعد اغتيال السادات والقبض على معظم القيادات، دارت معركة فقهية وتنظيمية بين قيادات تنظيم الجماعة الإسلامية اشتهرت بمعركة ” الأسير والضرير” ، بعد أن حصل الشيخ على البراءة في القضيتين وترافع مرافعة مشهورة سجلها فيما بعد في كتابه ” كلمة حق “. اختلف الشباب والقادة في المعتقلات في اختيار الزعيم فقد كان البعض يرى أن الشيخ عبود الزمر ضابط الاستطلاع المسجون هو الزعيم للجماعة، فيما رأى أخرون أن الدكتور عمر عبد الرحمن هو الأفضل ، فدارات معركة فريق الشيخ يقول لا ولاية لأسير أي عبود الزمر ، وفريق الأخير يقول لا ولاية لضرير والمقصود الدكتور عمر .

هكذا كان الشيخ عمر مسؤولا روحيا عن جماعة لم يشارك في تأسيسها، ولم يخطط لها، ولا يعرف شيئا عن هياكلها

ولم يترك الأمريكيون الفرصة من دون الاستفادة من حماسة شباب الجماعة الإسلامية للجهاد في أفغانستان ضد الروس، فقامت المخابرات الأمريكية بالاستفادة من فتاوى الشيخ عمر في ضرورة الجهاد، وسهلت سفرهم للجهاد في أفغانستان لإضعاف الاتحاد السوفيتي، ولقى الدكتور عمر الغدر والخيانة بعدما هاجر للولايات المتحدة فارا من الملاحقات الأمنية في مصر عبر السودان، فلم تمر شهور قليلة على وجوده على أراضيها حتى تم الزج به في السجن بتهمة التحريض على الإرهاب، وتم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، في الوقت نفسه كان أتباعه من الشباب في مصر يملأون المعتقلات والزنازين،  وحتى الذين ذهبوا للجهاد في أفغانستان تم استقبالهم في السجون.

وكانت تظهر على السطح بين الحين والآخر دعوات للإفراج عن الشيخ أو سجنه في مصر، ولكنها لم تجد صدى لدى نظام مبارك الذى كان يخشى جماهيرية الشيخ والذى كان “يتعيش” وقتها على مزاعمه بمحاربة الإرهاب.

وفي 29 من يونيو/حزيران 2012 تعهد الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي في أول خطاب له في ميدان التحرير أمام المتظاهرين ببذل الجهد والعمل على تحرير الشيخ عمر عبد الرحمن، من سجون أمريكا   

وبدلا من تحرير الدكتور مرسى للشيخ عمر وقعت أحداث 30 يونيو بعدها بعام تحديدا ليتم سجن أول رئيس منتخب في مصر ليصبح سجينا مثله مثل الشيخ عمر

 

كانت تهمة الشيخ عمر التي سجن بسببها هي التحريض علي العنف وارتكاب جرائم ضد الحكومة الأمريكية، منها التحريض علي تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993، والدليل الوحيد هو معلومات ضابط مصري من جهاز أمن الدولة يدعى عماد سليمان،  تم زرعه وسط مريدي الشيخ، حيث لعبت الحكومة المصرية وقتها دوراً في إثبات التهم عليه، وتم سجنه منذ عام 1995، ورفضت مصر في عهد مبارك تسلمه رغم عرض واشنطن ذلك عليها أكثر من مرة، وقد رحبت قطر في وقتها باستعدادها لاستضافته لرفع الحرج عن الحكومة المصرية، لكن مبارك رفض.

وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الانقلاب، وقبل أن يفي الدكتور مرسي بوعده وهو المسجون حاليا، ودع الشيخ عمر الحياة عن عمر يناهز 79 عاما، شاكياً لربه ظلم العباد.

رحم الله الشيخ عمر عبد الرحمن، سجين الاستبداد هنا وهناك. في مصر وفي واشنطن.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه