عبده مغربي يكتب: كأنهم يواجهون حزب “شاس” الإسرائيلي

عبده مغربي*
لا فرق بينه وبين وغيره، لا فرق بين قائمة إنتخابية تضم “مصطفي بكري” وأخري تضم “ناجي الشهابي” أو “تهاني الجبالي” أو حتى شيوخ السلفية رغم التباينات الواضحة في أفكارهم ومعتقداتهم. المتنافسون في الإنتخابات البرلمانية الجارية الآن في مصر لا يختلفون كثيراً في شعاراتهم الإنتخابية، تصريحات “مصطفي بكري” وقائمة “في حب مصر”  الإنتخابية هي نفسها تصريحات شيوخ السلفية من حزب النور، وهي  نفسها أيضاً تصريحات “تهاني الجبالي” مقرر قائمة التحالف الجمهوري، كلهم يحبون مصر، ويهيمون عشقاً فيها، كأنهم يخوضون الانتخابات في مواجهة حزب “شاس” الإسرائيلي.
غاب الإبداع واختفي التميز، وراح الجميع يتراقصون عشقاً في المرحلة،  فلأي سببٍ إذن سيخرج الناخب  إلي الصندوق للإختيار من بينهم طالما هم جميعاً سواء في الرؤية والهدف، وأنهم جميعاً يحبون مصر. القائمة التي تحمل شعار “في حب مصر” تضم شخوصاً في غالبيتهم لا يتمتعون بقبول حقيقي في الشارع، وهذه القائمة التي يشيع أصحابها بأنها مدعومة من الدولة ستستيقظ علي أكبر “خازوق” يمكن أن يتخيله أصحابها، وهو أن المصري الذي سيخرج للصندوق قاصداُ في الأساس مرشحاً فردياً ستكون إختياراته للقوائم مجرد استكمال إجراء.
 قائمة “مصر” التي يتزعمها أمين شرطة مفصول لا تختلف كثيراً عن قائمة “في حب مصر” التي يتزعمها شلة منتفعين لايعرف المصريون منهم إلا ضابط سابق أسس شركة أمن تحوم حولها الشبهات، وصحفي مل المصريون من تحولاته السياسية، ووزير إعلام تولي الوزارة ورحل عنها دون أن يحفز أذهان المصريين على مجرد حفظ اسمه.
سيفرح نظام السيسي كثيراً  لو سقطت قائمة “في حب مصر” لأنه سيبرهن بسقوطها علي نزاهة العملية الإنتخابية، فلا أدل علي نزاهة العملية الانتخابية من أن القائمة المتهم بدعمها قد سقطت، وهو في الغالب لا يهمه كثيراً أن ينجح “مصطفي بكري” مثلاً عن قائمة الجيزة والصعيد أو أن ينجح  “عبد المنعم سلام”  من قائمة “مصر”.. لا تسألني من هو “عبد المنعم سلام” لأني لا أعرفه وهو مجرد إسم من مجموعة أسماء تشكلت منها قائمة “مصر”، وما بين قائمة “في حب مصر” وقائمة  “مصر” توجد ميزة واحدة تقريباً في الأخيرة، أنها لا تضم مصطفي بكري، وهذه كفيلة بحد ذاتها لأن يختارها المصريون الذين سيكون دافعهم في الخروج للتصويت في الأساس هو جو المنافسة بين ذويهم علي المقاعد الفردية.
حزب “النور” فهم المعادلة السياسية، وقرر أن ينافس فقط علي قائمتي “غرب الدلتا” و”القاهرة” بدلاً من المنافسة علي القوائم الأربعة، قائمته في “غرب الدلتا” لا يكاد ينافسه فيها أحد، ومصلحته  فيها تتكامل مع مصلحة الأجهزة الأمنية في مصر التي تسعي إلي تعاون معلوماتي بينها وبين”حزب النور” السلفي، تعاون  يساعد في فرز “السلفية المسالمة” عن “السلفية الجهادية” التي تهدد الحدود الغربية مع مصر، بحيث يقوم حزب النور السلفي بتحديد رجاله للتمييز بينهم وبين السلفية  المسلحة القادمة من ليبيا أو المتعاونة معها في “غرب الدلتا ومطروح والحمام والإسكندرية” خاصة بعدما رصدت الأجهزة الأمنية في مصر تداخلات في الأنشطة بين السلفية الجهادية في ليبيا وعناصر تابعة لها داخل الحدود المصرية، وبالتالي فإن من مصلحة الجميع فوز حزب النور في غرب الدلتا، وهو فوز يستحقه فعلاً بحكم قواعده الشعبيه فيها.
في الصعيد لا ترتكز قائمة”في حب مصر” علي أرضية قبائلية في مجتمع تعتبر فيه القبيلة هي المعيار الحاسم في الإختيار، بالعكس فإنها تحمل عوامل سقوطها من الداخل، حيث اعتمدت في تشكيلها علي شخصيات ليس لها  رصيد شعبي في الشارع، أو لها رصيد واستنزفته بنفاق مفضوح للسلطة أوتقبلبات ممجوجة في المواقف، وقائمتها في القاهرة تتنافس بقوة مع قائمتي “التحالف الجمهوري” التي تنسق لها  القانونية “تهاني الجبالي”  وقائمة “حزب النور” ما يعني أن القائمة الأكث حضوراً في الإعلام ستستيقظ في الغالب علي “مقلب” كبير.
مصطفي بكري أشهر مكون لقائمة “في حب مصر” يمكن تخيل حجم قوته في الشارع بمتابعة أي تغريدة له علي موقع التواصل الإجتماعي “تويتر”، فقط إقرأ التعليقات، لتعرف كيف يكون مصطفي بكري لوحده كفيلاً بإسقاط قائمتها في الصعيد، إن لم يمتد تأثيره “الباتع” إلى بقية قوائمها الأربعة، وأظن أن التدخلات الأمنية التي تحدث عنها  السيد البدوي  رئيس حزب الوفد  للتأثيرفي تشكيل قائمة “في حب مصر” عمدت فعلاً إلي فرض شخصيات بعينها مثل “مصطفي بكري” الذي يحسب نفسه بقوة علي النظام، لتضرب عصفورين بحجر، الأول أنها قدمت له ما يرضيهم نظير ما يقدمونه، والثاني أن هذه القائمة المتهمة بدعم الدولة لها ستضيف كثيراً إلي تعميق مفهوم نزاهة الإنتخابات حال سقوطها.
الجميع يدينون بالولاء للنظام، والإنتخابات أياً كانت نتيجتها فإنها لن تأتي بما يزعجه، بل والأفضل له منها أن يسقط فيها هؤلاء الذين يحسبون أنفسهم عليه، فهو يعرف أن رصيدهم قد نفذ، وان سقوطهم أفضل كثيراً له من نجاحهم، لهذا فإن سقوط “في حب مصر” سيسعد الرئيس المصري كثيراً.
___________________________

*كاتب وصحفي مصري 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه