دور الموساد في اغتيال العقول العربية

اغتالت أجهزة المخابرات الصهيونية العشرات من العلماء في التخصصات النادرة، وعلى سبيل المثال لا الحصر من العلماء المصريين الذين اغتالتهم”الدكتور مصطفى مشرفة “

 

في العدد 366 من مجلة ” الرسالة ” المصرية الشهيرة الصادر في 8/7/1940 ينتقل الدكتور إسماعيل أدهم من الكتابة الأدبية المعتادة إلى مقال احتل 4 صفحات مليئة بالمعادلات الفيزيائية المعقدة والمعلومات العلمية أسماه ” الذرة وبناؤها الكهربائي” وقد كتبه الدكتور ـ لسوء حظه لربما ـ بالإنجليزي كذلك ذكر ضمنه أن ما وصل إليه العالم الألماني ” هينزنبرغ ” قد أثبته هو في معامل البحث العلمي في موسكو قبله بسنوات، وأن ما أعلنه البروفيسور الروسي ” سكوبلزن ” عام 1938 ينسجم مع مبادئ الفيزياء الحديثة التي أثبتها إسماعيل أدهم عام 1933.

اغتيال في جليم

لم يمر على هذا المقال سوى أيام قليلة حتى أُعلن عن وفاة الدكتور إسماعيل أحمد أدهم غرقا على ساحل “جليم” بالإسكندرية ولم يبلغ عمره 29 عاما، وقيل إنه وجدت في جيبه رسالة يعلن فيها انتحاره ويطلب حرق جثته وتشريح مخه، ومعروف أن قصة الانتحار هي أقدم وأشهر وسائل الاغتيال المخابراتي، وكان الغريب أن الرسالة لم يبللها ماء البحر وهي في جيب معطفه ، كما أن من يريد حرق جسده وتشريح دماغه لا يلقي نفسه في البحر حيث قد تختفي الجثة أو تأكلها الأسماك ، وقد أعلن شقيقه الدكتور إبراهيم أدهم أن جميع أوراق وكتب وأبحاث شقيقه ومنها 3 كتب في الفيزياء والذرة قد اختفت في ظروف غامضة ولا يعرف مكانها أحد.

ومنذ أيام قليلة تم اغتيال الشاب الفلسطيني فادى البطش في ماليزيا أثناء توجهه لصلاة الفجر، وهو أستاذ هندسة كان يعمل محاضرا في إحدى جامعات كوالالمبور، وطبقا لما أعلنته السلطات الماليزية، فإن اثنين من المسلحين يستقلان دراجة بخارية أطلقا عليه وابلا من الرصاص، وقال رئيس الوزراء الماليزي إن منفذي اغتيال البطش على صلة باستخبارات أجنبية، وأنهم سيطلبون من الشرطة الدولية تعقبهم.

اصطياد العلماء

تأتى أهمية البطش من كونه حاصلا على الدكتوراه في الهندسة الكهربائية ويحاضر في جامعة كوالالمبور، ولديه براءة اختراع في زيادة كفاءة شبكات الطاقة الكهربائية، كما اخترع جهاز تحسين نقل الطاقة الكهربائية ويعد من أول المبادرين في تأسيس التجمع الدولي للمهندسين الفلسطينيين في ماليزيا، وحصل على العديد من الجوائز العلمية.

عندما تتابع سلسلة الاغتيالات التي تمت وتتم للعلماء العرب المسلمين والمصريين لابد أن تعرف المستفيد من وراء هذه العمليات، وأنت لست في حاجة لعصر الذهن لتعلم أن الصهاينة هم المستفيدون من ذلك، وبتواطؤ غربي ملحوظ.

ففي هذا العام فقط ومنذ بداية 2018 تم اغتيال المهندس هشام مبارك الطالب اللبناني تخصص الفيزياء النووية في فرنسا بتاريخ 28/2/2018، وسبقه اغتيال حسن على خير الدين اللبناني أيضا في كندا يوم 25/2/2018 بسبب أطروحته لنيل الدكتوراه حول سيطرة اليهود على الاقتصاد العالمي، وسبق تهديده قبلها عن الاستمرار في بحثه عن اليهود.

وفى 25 / 3 /2018 وجدت جثة المهندسة إيمان حسام الرزة “27 عاما”، معلقة في منزل بمنطقة البيرة برام الله، وكانت تعمل مستشارة في الكيمياء رغم سنها الصغيرة، وسبق واستفزها ضابط مخابرات إسرائيلي عندما قال لها قبل عام: ” أنت محرومة من دخول إسرائيل مدة112 سنة “، فأجابته: وهل تعتقد أن بقاءكم على أرضنا أبدي؟!

لا مجال للصدف

وهكذا لا يترك الصهاينة الأمر للصدفة فهم يتابعون العلماء العرب ومن يخرج عن السيطرة أو من يخشون من أن يصبح علمه ودراساته ونظرياته العلمية سلاحا قويا في أيدينا، لا يتوانوا عن قتله واغتياله، وهم هكذا منذ بدايات القرن الماضي حيث كانت لهم اليد الطولي في اغتيال علماء ذرة مصريون وعرب، كان وجودهم على قيد الحياة سلاحا قويا في أيدي أمتهم.

وقد اغتالت العشرات من العلماء في التخصصات النادرة، وعلى سبيل المثال لا الحصر من العلماء المصريين الذين اغتالتهم أجهزة المخابرات الصهيونية “الدكتور مصطفى مشرفة ” و”الدكتورة سميرة موسى” و”الدكتور سمير نجيب” و” الدكتور يحيى المشد” و” الدكتور سعيد السيد بدير”، وجميعهم متخصصون في مجال الطاقة النووية، لمنع مصر من الاستفادة من عقولهم.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه