حنان علي تكتب: كارت أصفر للنظام

حنان علي*

أظهرت نسب التصويت المتدنية في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية في مصر، والتي أجريت يومي 18و19 الجاري أن الشباب أشهر “الكارت الأصفر” في وجه النظام، ليعلن بالمقاطعة رفضه للسياسات التي يتبعها بعد أن تم تجاهله وتجاهل مشاكله وسجن أغلب رموزه ولم يتم الإفراج عنهم حتى الأن .
وهذه المقاطعة تعد خطوة تدل علي بداية ثورة غضب داخل الشباب من جديد تعيد للأذهان ما كان يحدث قبل ثورة 25 يناير 2011، من إحجام لشباب عن المشاركة في العملية السياسية لعدم إيمانه بالنظام.
ورفض الشباب لسياسات النظام الحالي  ليس لمجرد الرفض أو للبحث عن جزء من التورتة مثلما يفعل سياسيون كبار. بل نتيجة للكثير من السياسات والقوانين المقيدة للحريات التي فرضت في الآونة الأخيرة والتي أعلن الشباب  رفضه لها رفضا تاما، ورغم ذلك تم إقرارها بعد أن تم الضرب بآرائه عرض الحائط وهو من صنع ثورة يناير وشارك أيضا في 30 يونيو.
ومن بين هذه القوانين قانون التظاهر الذي كان السبب في القبض علي العديد منهم وإلقائهم في السجون مثل أحمد دومة وعلاء عبد الفتاح وغيرهما من شباب ضحي بنفسه  في سبيل الحصول علي الحرية وتحقيق مبادئهم التي ثاروا من أجلها.
وكذلك التضييق علي ممارسة العمل السياسي داخل الجامعات المصرية والتي كانت متنفسا للشباب. وهذا التضييق جعله يشعر بأنه مثل من “اشتري الترام” وانه استدرج للمرة الثانية ليقوم بثورة لم يجد بعدها ما يصبوا إليه،  بل وجد أنه يعيش الأسوأ وقد رأي رجال مبارك يتقدمون الصفوف بشكل مستفز .. فشباب الثورة يتم التضييق عليه في حين يُترك العنان للعائدين من جديد وهم يخرجون ألسنتهم للجميع دون احترام لمشاعر هؤلاء الشباب الذين فقدوا زملاءهم داخل السجون أو استشهدوا في يناير.

ومما يجعل الشباب أيضا يخرج الكارت الأصفر للنظام، استمرار ارتفاع نسبة البطالة والوضع الاقتصادي المتردي الذي لا يبشر بأية بارقة أمل خاصة بعد الوعود التي طالما قطعها النظام من انتعاش للوضع الاقتصادي وخلق الآلاف من فرص العمل  بعد المؤتمر الاقتصادي في مارس الماضي وفي قناة السويس الجديدة وما قيل من أن لها مردودا كبيرا علي الشباب والذي وجد أن تلك الوعود جميعها تبخرت، فلا فرص عمل ولا اقتصادا تقدم بل نسير من تردي إلي تردي وانهار الجنية أمام الدولار عكس ما كان متوقعاً والذي أدي إلي استقالة محافظ البنك المركزي من منصبه.

هذا الكارت يجب أن يثير اهتمام النظام الحالي جيدا فيعيد النظر في سياساته ويعدل المسار السياسي بشكل كامل، حتى لا يعطي الفرصة للشباب لإخراج “الكارت الأحمر” رافضا النظام نفسه. ما يؤذن بثورة غضب ثالثة.

يخطئ أي نظام يتخيل أنه يستطيع أن يتجاهل الشباب أو لا يبحث في أسباب عزوفه عن المشاركة في العملية السياسية. ويخطئ من لا يري فيهم أنهم قادرون علي التغيير في أي لحظة. وأنهم إذا قرروا الثورة فلن يستطيع أحد أن يوقفهم أو يسيطر عليهم مهما كانت قوته .. ويناير كانت أكبر دليل على ذلك فقد ثاروا في ظل قبضة أمنية من حديد لا يتخيل أحد في يوم من الأيام مجابهتا.. فلا يجب أن يأخذ الغرور النظام الحالي وعليه إعادة النظر في سياساته ومراجعة القوانين التي أغضبت الشباب والإفراج الفوري عن شباب الثورة و عمل مصالحة معهم. بل ينبغي أن يبحث عما هو أبعد من ذلك وهو الحرية والعدالة الاجتماعية.

بوست
شاشات الطبل والزمر.. كفوا عن التدخل في حياتنا وإملائنا ما يجب أن نقوم به فلم تعينوا أوصياء علينا لكي نشارك أو لا نشارك فلستم أكثر وطنية منا فأنتم جنود أي نظام ونحن جنود الوطن.

_________________________

*كاتبة وصحفية مصرية 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه