حصار النقابات المصرية بمشاكلها الداخلية

لتبق النقابات ثروة مهدرة تنكفئ داخل جدران مقارها ، وغاب دورها حتى في الدفاع عن أعضاءها المعتقلين بسبب جبروت نظام الحاكم الذى يمكن أن يلحق بهم الضرر في أعمالهم

بلغ عدد أعضاء النقابات المهنية المصرية عام 2015 نحو ستة ملايين و973 ألف عضو ويتوزع أعضاء النقابات على عشرين نقابة ، كان أكثرها حسب جهاز الإحصاء نقابة المهن التعليمية بنحو مليون و752 ألف عضو .

 وتأتي نقابة التجاريين في المركز الثاني بعضوية مليون و465 ألف تجارى ، وتحل نقابة التطبيقيين ثالثا بـ 868 ألف عضو، والمهن الهندسية 619 ألف مهندس ،  وبالمركز الخامس نقابة المحامين بـ588 ألف والمهن الزراعية 511 ألف عضو والأطباء البشريين 263 ألف طبيب  .

أما اقل النقابات بالعضوية فكانت نقابة المهن التمثيلية بنحو 3213 عضوا ، والمهن السينمائية 5237 عضوا والمهن الصحفية عشرة آلاف صحفي ،  ونقابة العلاج الطبيعي 12 ألف عضو ونقابة المرشدين السياحيين 16 ألفا و500 مرشد  .

وعاشت النقابات المهنية  في حكم الرئيس مبارك فترة من المد والجزر ، وأصبح شائعا وقتها أن الانتخابات الوحيدة التي تتم بدون تزوير هى انتخابات النقابات المهنية، مما سمح ببروز أنصار التيار الإسلامي بعدد من النقابات ، جمعوا بين الدور القومي والخدمي للنقابات .

وسعت بعض النقابات بفترة الرئيس محمد مرسى للقيام بدور لخدمة القضايا القومية ، في قضايا تدوير القمامة والمرور والصناعات الصغيرة وزيادة المحاصيل الزراعية وتقابل الرئيس مرسى مع قيادات النقابات المهنية لبحث مشاكلهم.

إلا أن نظام الانقلاب العسكري سعى مبكرا لإخماد صوت النقابات المهنية ، من خلال التخلص من النقباء التي حسبهم على التيار الإسلامي ومنهم المهندس ماجد خلوصي نقيب المهندسين ، رغم أنه كان ينتمى للمؤسسة العسكرية .

كما تم التخلص من نقباء المعلمين، والصيادلة، والعلميين وطب الأسنان ، وقيادات نقابة الأطباء المحسوبين على التيار الإسلامي ، ليتم حصر دور النقابات بالدور الخدمي مثل تقديم العلاج والمعاشات والرحلات الترفيهية .

   الدمغة النقابية مصدر رئيسي للإيرادات

وتشير البيانات المالية للنقابات بعام 2015 لبلوغ إيرادات النقابات مليار ين و500 مليون جنيه ، وجاءت نسبة 25 % منها من طوابع الدمغة النقابية ، والتي تنتشر بنقابة المهندسين للصقها بالرسومات الهندسية ، وبنقابة المحامين للصقها بأوراق الدعاوى القانونية ، وبنقابة التطبيقيين، وباتحاد المهن الطبية .

وقد تركزت إيرادات الاستثمارات بنسبة 13 %  بثلاث جهات هى : اتحاد المهن الطبية الذى يضم نقابات الأطباء والبشريين والبيطريين والأسنان والصيادلة ، ونقابة المهندسين والمحامين .

 ومثلت  اشتراكات الأعضاء أقل من 13 % ، واستحوذت الإيرادات الأخرى التي لم يتم تفصيلها على نسبة 45 % من الإيرادات وتدخل بها إعانات الدولة للنقابات وأبرزها نقابة الصحفيين ، مما يجعل بيانات الفائض المالي  بتلك النقابات غير حقيقي .

وبتوزيع مجمل الإيرادات على النقابات تصدر اتحاد المهن الطبية بنحو 734 مليون جنيه ،  أي بنسبة 29% من إجمالي إيرادات النقابات معظمها من الاستثمارات ، وبنقابة المهندسين 561 مليون جنيه معظمها من الطوابع الهندسية .

 وبنقابة المعلمين 401 مليون أغلبها من اشتراكات الأعضاء نظرا لكبر عددهم ، وبنقابة المحامين 334 مليونا معظمها من الطوابع القانونية ،  ونقابة التطبيقيين 133 مليونا معظمها من الطوابع التطبيقية والمهن الزراعية 126 مليونا معظمها من الإيرادات الأخرى غير المُفصح عنها .

أما مصروفات النقابات فبلغت مليارين و48 مليون جنيه ، اتجهت نسبة 81 % منها الى معاشات الأعضاء ، و12 % لمصروفات علاج الأعضاء و2 % للإعانات المرضية وفى حالات الزواج والوفاة ومصاريف الجنازة ، وتدنى نصيب الأنشطة الاجتماعية والرياضية الى نسبة ثلاثة بالألف فقط ونفس النسبة لنفقات الصيانة .

 أكبر عجز بنقابة الزراعيين

وبتوزيع مجمل المصروفات بين النقابات كانت الصدارة لنقابة المهندسين بنحو 600 مليون جنيه ، واتحاد المهن الطبية  457 مليون جنيه ونقابة المعلمين 394 مليونا ، ونقابة المحامين 225 مليون جنيه  .                  

وبمقارنة إجمالي إيرادات النقابات بمصروفاتها كان هناك عجز بلغ 463 مليون جنيه ، وتركز العجز بست نقابات كان على رأسها نقابة الزراعيين بنحو 70 مليون جنيه خلال عام واحد ، ونقابة المهندسين 38 مليونا ونقابة التجاريين 24 مليونا .

بينما كان هناك فائض بباقي النقابات وعلى رأسها اتحاد النقابات الطبية بنحو 278 مليون جنيه ، والمحامين 109 ملايين والتطبيقيين 107 ملايين والعلميين 11 مليونا.

إلا أن ضآلة إيرادات كثير من النقابات والتي تركز على سداد أجور العاملين بها والبالغ عددهم 2361 شخصا ، ونفقات الكهرباء ومياه الشرب والصيانة والنظافة والحراسة والمطبوعات والإعلانات ، تحجم من دورها لتقديم خدمات أفضل لأعضائها .

 كما تسبب ذلك في ضآلة معاشات معظم النقابات ليصل المعاش الشهري بنقابة التجاريين خمسين جنيها ، يتم سدادها كل عدة أشهر كلما توفرت أرصدة ، وتقترب من ذلك معاشات نقابات الزراعيين والمعلمين والاجتماعيين وغيرها . وسعت كثير منها للحصول على إعانات حكومية تمكنها من سداد المعاشات المتأخرة ، أسوة بما يحدث مع نقابة الصحفيين التي يتم الإغداق عليها

وعلى الجانب الآخر تراجع دورها القومي ، فلم تساهم نقابة المهندسين بمناقشة تفريعة قناة السويس والمشروعات القومية رغم أنها تعتبر الاستشاري الأول للدولة ، وتعدد تخصصات أعضائها حيث تضم 146  ألف عضو بمجال الهندسة الميكانيكية ، و208  ألفا بالهندسة الكهربائية و154 ألفا بالهندسة المدنية ، و68 ألفا بالعمارة.

ونفس الغياب لنقابة التجاريين عن الإسهام بمناقشة القضايا الاقتصادية ، رغم عضوية  380 ألفا بمجال إدارة الأعمال و591 ألفا بالمحاسبة و494 ألفا بمجال الإحصاء .

 لتبق النقابات ثروة مهدرة تنكفئ داخل جدران مقارها ، وغاب دورها حتى في الدفاع عن أعضائها المعتقلين بسبب جبروت النظام الحاكم الذى يمكن أن يلحق بهم الضرر في أعمالهم ، وإمكانية استبعادهم من مواقعهم النقابية .

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه