جربت تموت؟!

“أبو أدهم.. يا رب الجواب ده يوصلك مش زي الجوابين اللي فاتوا..
كل ما “ملك” تسألني بابا جاي امتى ..معرفش أرد عليها

رأيي يا ابو ادهم أبيع الغويشة المكسورة اللي اتكسرت ومصلحنهاش من يومها، علشان ابو فرج قابلني في الشارع وسألني عن الإيجار المتأخر.

أدهم أول امبارح قاللي مش رايح المدرسة، وهنزل اشتغل في الورشة لغاية لما أبويا يرجع.. ضربته بالحزام وقلت له هقول لابوك يتصرف معاك..

الله يسامحك كان لازم يعني تمشي في المظاهرات، كان مالنا احنا ومال السياسة.. ربي يعلم أنا عامله إيه من غيرك”.

قصة الفيلم

يروي فيلم الزيارة قصة من آلاف القصص التي تعاني منها بيوت في مصر التحفت بالدموع والألم..

ليست هناك لحظات في الوجود أقسى من انتظار فتاة لتنفيذ حكم الإعدام في أبيها بعد شهور أو أيام أو ساعات، وهي تعلم، ونحن نعلم، وقاتله يعلم أنه بريء.

إنها الأيام المميتة لكل أم ولكل زوجة ولكل ابن ولكل أم ، من جراء نظام عبد الفتاح السيسي، الذي يحاول طوال الوقت خلق عدو لبقاء نظامه، فيعتقل أبرياء، أو أناسا آمنوا بمبدأ وقيمة، فيقتلهم لأجل ما آمنوا به.

ربما هذه اللحظات أيضا هي الأسوأ على كل من له ضمير، ويرقب عن كثب ما يحدث من قبل هذا النظام، دون أن يستطيع أن يفعل شيئا.

يتم الاعتقال ثم الحبس والإعدام بمحاكمات وهمية، عبر تحريات ملفقة تختصر البشر في أسماء منظمات وهيئات، على الأغلب لا علاقة لهم بها، مثل منظمة أنصار بيت المقدس، وعرب شركس، وقضية390

والتهم دائما جاهزة، ما بين قتل جنود في سيناء، أو الإنضمام إلى تنظيم إرهابي. وبعد تعذيب يفوق ألم الموت في سجون لا آدمية مثل سجن العازولي، وسجن العقرب، يتم تصوير فيديو للضحية يعترف فيه بتهم لم يرتكبها ولا سمع عنها، ولا شاهد ضحاياها، الذين هم على الأغلب جنود من الجيش المصري استشهدوا بسبب إهمال السلطة في حمايتهم، وعدم تدريبهم التدريب الكافي، وخلق مظلة وقوة لحمايتهم.

هذه اللحظات اليومية التي تعاني منها آلاف الأسر في مصر، ربما لم تثبت في ذهنك إلا من خلال رؤيتك للأهالي الصابرين أمام سجن العقرب، في انتظار السجان لأن يفتح الباب لدقائق، بعد أن يأخذ منهم ما يحملون لأهاليهم من أكل.. وابتسامة.

أو بعد سفرهم لأكثر من 6 ساعات حتى يصلوا إلى سجن المستقبل- يالبذاءة المسمى،ومن سماه- ثم يتم إلغاء الزيارات.

بعد الإعدام

ربما وجعك ضميرك بعد اعلان قبول النقض في قضية شباب عرب شركس، لكن بعد أن تم إعدامهم!

ربما انتبهت وانت تفغر فاك مندهشا، من ابتسامة لسجين أو محكوم عليه بالإعدام، شرعها في مواجهة كاميرا تلفزيونية، أو فوتوغرافية، ليثبت أنه ما زال على العهد، وليمنح أولئك الذين يتقلبون على الجمر في بيوتهم ليل نهار بردا وسلاما.

في فيلم ” الزيارة”- مدته 4 دقائق  رؤية فنية بسيطة لكنها تدخل إلى القلب مباشرة، من له قلب، قدمها تامر عمار وكتبها وأخرجها هشام عاصم، وانتجها ائتلاف نساء من أجل حقوق الإنسان،  فينا صمت .. لن يعدل الله حالنا، ولا حال مصر، ما دمنا كذلك، لا نزيل ذلك الظلام عن آلاف البيوت ، وقبلها آلاف الزنازين التي فيها عيون بريئة لا تغفو إلا على ألم وهم وعذاب، وربما انتظارا للحظة إعدام لأجل نظام لا يعيش إلا بخلق عدو وهمي وبريء.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه