تجريم سد النهضة وإحراج السيسي

اتهمت منظمة الأنهار الدولية في تقرير لها بعنوان “5 خرافات تحيط بسد النهضة الإثيوبي” نشر على موقعها الإلكتروني في 30 يناير الماضي، الحكومة الاثيوبية بتضليل شعبها والمجتمع الدولي من خلال التسويق لمشروع سد النهضة على أنه نجاح كبير ويتم بتمويل من السكان المحليين وأن من شأنه أن يوفر الكثير من الطاقة للبلاد وبتصدير الفائض منها إلى دول جوار وانه سيعود بالفائدة على كل من دول المصب في السودان ومصر.

وقالت المنظمة أن العملية السياسية المتعلقة بسد النهضة أصبحت أكثر تعقيدا وتنطوي على خرافات، وأن الحكومة الإثيوبية، رغم هذه الخرافات، لا تزال جادة في عزمها على استكمال بناء السد وأن معدل البناء وصل إلى 70٪ كاملة، رغم ادعاء الحكومة الاثيوبية على لسان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ديبرتشن جبريمايكل، أن أديس أبابا أتمت 56% فقط من أعمال البناء في سد النهضة.

وتُعنى الأنهار الدولية وهي منظمة عالمية لا تهدف إلى الربح، تُعنى بحماية الأنهار العابرة للحدود والدفاع عن حقوق المجتمعات التي تعيش حولها، وتعارض إقامة السدود المدمرة والضخمة وتساعد في الوصول للبدائل المناسبة لها وايقاف القائم منها وتعمل في أكثر من 60 بلدا منذ تأسست في عام 1985 في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.

وفندت المنظمة الدولية مزاعم الحكومة الاثيوبية والتي تعتبرها “خرافات” في خمسة محاور على النحو التالي:

الخرافة الأولى: سد النهضة هو وسيلة كافية لحل مشاكل الطاقة في إثيوبيا

من المعلوم أن إثيوبيا تعتمد على الطاقة الكهرومائية بنسبة 99٪ تقريبا في توليد احتياجاتها من الكهرباء، وهذا الاعتماد على الطاقة الكهرومائية ينطوي على مخاطرة في ظل مناخ متزايد التقلب، لا سيما بالنظر إلى توقعات انخفاض الأمطار وارتفاع وتيرة الجفاف في شرق أفريقيا، ومن الأفضل لإثيوبيا في هذه الحالة أن تنوع مصادرها من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بدلا من مواصلة الاستثمار في الطاقة الكهرومائية.

وبالرغم من تساقط ​​الإشعاع الشمسي على إثيوبيا بمعدل 5.2 كيلوواط / متر مربع في اليوم، فإن  أقل من 1% فقط من هذا المورد المتجدد يتم الاستفادة منه. وقد كشفت دراسة أنجزتها الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ضمن برنامج تطوير مشاريعها في شرق أفريقيا أن  شبكة الكهرباء الإثيوبية وحدها محرومة من طاقة كهربائية تقدر بـ 52 ميغاواط من الطاقة الشمسية.

كما أن قدرة سد النهضة الكهرومائية نفسها المعلنة هي محل شك، فتم تصميم السد لإنتاج 6000 ميغاوات من الكهرباء. ومع ذلك، وحسب معدل تدفق مياه النهر فإن معدل الإنتاج الأكثر منطقية، وفقا للمهندس الاثيوبي أسفاو بيين، سيكون 2800 ميغاواط في أحسن الأحوال، وتساؤلات بيين هنا هي لماذا يتم تصميم السد أكبر من حجمه بمعدل 3200 ميغاواط إضافية.

الخرافة الثانية: سوف يستفيد المواطنون من شراء السندات، ولن تتحمل إثيوبيا أي دين محلي على المشروع.

تردد الدول الداعمة في تمويل مشروع السد دفع الحكومة الإثيوبية إلى البحث عن وسائل غير أخلاقية لجمع الأموال للسد. الان، يُمول بناء السد من خلال إكراه المواطنين على شراء السندات الحكومية. كما يتم خصم جزء من رواتب الموظفين المدنيين سنويا دون موافقتهم، وهو انتهاك واضح لحقوق العمال.

وقامت الحكومة الإثيوبية مرتين حتى الآن بإغواء المواطنين للعب اليانصيب من أجل سد النهضة العظيم وإيهام الفائزين بأنهم سوف يحصلون على أكثر من 450 ألف دولار أمريكي، ما يعادل 10 مليون بير إثيوبي.

كما تُبين التقديرات المالية الأولية التي أجرتها منظمة الأنهار الدولية أن صافي القيمة الربحية الحالية للمشروع تبلغ 640 مليون دولار، وتقدر تكلفة المشروع بـ 4 مليارات و800 مليون دولار على مدار خمسين عاما، وهو ما يعني تنامي قيمة الدين المحلي (سانيانغا وآخرون ، 2016).

وبالنسبة لبلد فقير مثل إثيوبيا، فإن التحول إلى التمويل الذاتي أمر محفوف بالمخاطر، فهو يستحوذ على الموارد المتاحة لصالح هذا المشروع المحفوف بالمخاطر، ما يقلل من قدرة البلد على الاستثمار في مشاريع إنمائية أخرى.

الخرافة الثالثة: سيزيد السد الوصول إلى الكهرباء

لا يزال معظم المواطنين لديهم أمل في الحصول على حصة عادلة من الكعكة، بما في ذلك كلا من الأرباح من بيع الكهرباء فضلا عن ضمان الحصول على الكهرباء نفسها. ولكن في الواقع، فإن عددا قليلا جدا منهم هم من سيحصل بالفعل على الكهرباء. وما إذا كانت الأرباح سوف تتحقق فهذا أيضا محل شك، لأن احتمالات توليد السد أكثر من 2800 ميغاواط تبقى منخفضة وقد لا يكون هناك أرباح يمكن توزيعها.

وبالاضافة إلى إجبار المواطنين على شراء السندات، بحسب سي إن إن، 2012، تقوم الحكومة أيضا بتهجير الذين يعيشون حول موقع السد المقترح ثم إعادة توطينهم. وينتظر أن يصل ضحايا عمليات الاخلاء إلى 20 ألف شخص. ويقول المدير العام السابق لهيئة حماية البيئة الإثيوبية إن النزوح ليس قضية، بالنظر إلى أن النازحين سوف يحصلون على أرض ومال لإعادة توطينهم، فضلا عن فرص العمل من مشروع السد. ومع ذلك، فإن هذا التوطين يتم بالاكراه.

وتدعي اثيوبيا أن هذا المشروع سيزيد من فرص العمل في البلد من خلال خلق 12 ألف وظيفة، وليس من الواضح كيف حصلت الحكومة على هذه الأرقام، وما هي مستويات المهارة التي تنطوي عليها هذه الوظائف. ومن تجربتنا، فإن غالبية وظائف البناء تميل إلى أن تكون مؤقتة، وبمجرد الانتهاء من السد، سيتم الاحتفاظ فقط بالموظفين المطلوبين لصيانة وتشغيل النظام.

ويقوم النظام الإثيوبي بقمع مواطنيه وينتهك العديد من حقوق الإنسان في سعيه إلى بناء سد النهضة. ولم يتم التلاعب بالمواطنين في شراء السندات لدعم المشروع فحسب، بل أبلغوا أيضا عن وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان. فالحكومة تحجب معلومات التنمية عن الجمهور، بما في ذلك الأشخاص المتضررين وتحرمهم كذلك من حرية التعبير عن أرائهم فيما يتعلق بسد النهضة.

وفي 4 مايو / أيار 2013 أعتقل صحفي بسبب كتابته تقرير عن عودة الآلاف من المزارعين الذين أجبروا على مغادرة أراضيهم في منطقة بنيشانغول – غوموز، وهي المنطقة نفسها التي تقوم فيها إثيوبيا ببناء السد الملياري. وحوكم صحفي آخر بتهمة الإرهاب وحكم عليه بالسجن لمدة سنتين بسبب كتابته تقريرا عن اجبار موظفي الحكومة على المشاركة في بناء السد. والمواطنون والمجتمع المدني لا يملكون أي مجال للدفاع عن احترام حقوق الإنسان أو معارضة التنمية الحكومية دون التعرض للسجن أو حتى الموت.

الخرافة الرابعة: السد ليست له آثار سلبية

لا يؤدي السد إلى تشريد الناس فحسب، بل يعرض البيئة لخطر التدهور الشديد. وتسهم السدود في إحداث تغيرات في المناخ والدورات الهيدرولوجية الإقليمية، إلى جانب التأثير في أنماط الطقس ليكون أكثر تطرفا، مما يؤدي إلى حدوث فترات غير منتظمة من الفيضانات والجفاف والانهيارات الطينية. وتتحدى اثيوبيا أن أي ضرر لن يحدث، ولكن حتى الآن، لم تعلن الحكومة عن أي دراسة بيئية واجتماعية.

كما سيؤدي انخفاض إمدادات المياه في موسم الجفاف إلى تسهيل تسرب مياه البحر إلى منظومة النهر، ما سيهدد الزراعة ومصائد الأسماك والبيئة في الدلتا. وقد تؤدي زيادة درجات الحرارة إلى خفض إنتاجية المحاصيل الرئيسية وزيادة احتياجاتها من المياه. وسوف يؤدي غمر 168 ألف هكتار في بحيرة السد إلى تحلل النباتات وتزايد انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان، حيث تساهم هذه الغازات في الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

من جهة أخرى يقع سد النهضة في منطقة ذات درجات حرارة عالية للغاية ومعدل هطل الأمطار فيها منخفض، ومعدلات التبخر المحتملة سوف تكون مرتفعة جدا، وقد تصل خسائر التبخر من خزان السد إلى ثلاثة مليارات متر مكعب سنويا ومن شأن فقدان المياه أن يحد من التدفق الكلي للمياه الذي يصل إلى نهر النيل.

كما تعتبر مرتفعات إثيوبيا من أكثر المناطق عرضة للتعرية على وجه الأرض، كما أن الترسيب في الخزان يشكل خطرا كبيرا على كل من الطاقة المنتجة وكذلك العمر الافتراضي للسد نفسه. والتضاريس الجبلية في إثيوبيا شديدة الهشاشة من حيث استقرار المنحدرات، ما قد يؤدي بسهولة إلى انهيارات أرضية وانجراف المنحدرات.

الخرافة الخامسة: السودان ومصر تستفيدان من سد النهضة العظيم

بالرغم من تأكيد الحكومة الإثيوبية لجيرانها أن السد لن يؤثر على بلدان المصب، لكن السودان كدولة مصب قد يعاني من انخفاض خصوبة التربة حيث يحتجز السد الرواسب، ما يؤثر على الإمكانات الزراعية لهذا البلد الذي يعتمد على النيل. وهناك أيضا انخفاض متوقع في سعة الخزان في سد سنار على النيل الأزرق في السودان.

وبالنسبة لمصر، فسوف تنخفض التدفقات المائية في الوقت الذي تملأ فيه إثيوبيا خزانات سد النهضة، والتي من المتوقع أن تستغرق من 5 إلى 7 سنوات، وقد تؤدي التطورات الأخرى في دولة المنبع، إثيوبيا، إلى زيادة ملوحة الأراضي الزراعية حول منطقة دلتا النيل في مصر بسبب انخفاض تدفقات المياه العذبة.

وقد يسبب سد النهضة أيضا قلاقل جيوسياسية، ففي مصر، يمثل هذا السد أحد التحديات الرئيسية للدبلوماسية المصرية، حيث تعتمد مصر بشكل كبير على مياه النيل، وتستحوذ الاحتياجات المنزلية والصناعية والزراعية على 97٪ من مياه النيل. إن قرار إثيوبيا ببناء سد النهضة سوف يهدد الموارد المائية في مصر من خلال زيادة فجوة الغذاء والمياه فضلا عن مخاطر الصحة العامة.

في عام 1997، امتنعت إثيوبيا، شأنها شأن بلدان حوض النيل الأخرى، عن التصويت على اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية الدولية، ورفضت التصديق عليها. والاتفاقية وفقا لأعراف القانون الدولي، تنص على “تتخذ الدول جميع التدابير المناسبة لمنع التسبب في ضرر جسيم لدول المجرى المائي الأخرى” وبالنظر إلى فقدان المياه المتوقع بالتبخر، والآثار الخطيرة المترتبة على السد، وكذلك حقيقة أن إثيوبيا لم تقم أبدا بتقييم الأثر البيئي لمشروع السد، فإن حكومة إثيوبيا لم تف بالتزاماتها باتخاذ جميع التدابير المناسبة التي من شأنها منع وقوع أضرار كبير من سد النهضة على بلدان المصب.

التوصيات

توصي منظمة الأنهار الدولية بأن تجلس إثيوبيا على طاولة المفاوضات مع جيرانها، مصر والسودان، مع وسيط أمين يضمن أن تكون تدفقات المياه من السد كبيرة بما يكفي لعدم المساس بتدفقات دول المصب. كما أن من شأن تقييم محايد للأثر البيئي والاجتماعي (يأتي متأخرا أفضل من عدمه) أن يساعد في وضع خطة مجدية لإدارة نهر عابر للحدود. وينبغي أن تتضمن المناقشات أيضا خططا لإتاحة الوصول الكافي إلى المعلومات المتعلقة بالعمليات الخاصة بالسد وتطورها.

وفي الوقت نفسه، توجد بدائل متجددة للطاقة الكهرومائية مؤكدة في إثيوبيا، كما لم يتم استغلال الكثير من الطاقة الكهرومائية الصغيرة والطاقة الشمسية وطاقة الرياح الواعدة في إثيوبيا، وهو ما قد يقلل بدوره من مخاطر التقلبات في الموارد المائية الناتجة عن اختلاف المواسم والتغيرت المناخية.

وتمتلك إثيوبيا طاقة الرياح وهي موارد متجدد تكفي لإنتاج كهرباء بإمكانيات تفوق تلك المرجوة من سد النهضة وتقدر بـ 10 آلاف ميغاواط، وأخرى من الطاقة الحرارية الأرضية تكفي لتوليد كهرباء بنحو 5 آلاف ميغاواط.

بناءا على هذه الأسباب، ينبغي على هذا البلد أن يعيد التركيز في مصادر طاقته نحو البدائل المستدامة والتي سوف تجعل منه مركزا للطاقة المتجددة لهذه الأسباب الحقيقية السابقة، بدلا من التعويل على خرافات تدفعها إلى الإدانة واللعنة الأبدية.

أثيوبيا ترد

في 03  مارس/آذار  الماضي، نشرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية مقالا للرد على اتهامات منظمة الأنهار الدولية بعنوان، حقيقة سد النهضة الإثيوبي العظيم، ولكن من غير أن تقدم دليلا أو دراسة فنية واحدة تنفي عنها هذه الاتهامات الضخمة، ما يعد تأكيدا لاتهامات المنظمة ودليل إدانة أخرى للحكومة الاثيوبية. ومما جاء في مقال الوكالة الإثيوبية ما يأتي:

منذ بدء البناء، يعمل من سماهم رئيس الوزراء الراحل ملس بالمتطرفين ضد تنمية الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. وكان من أهم هؤلاء منظمة الأنهار الدولية ومقرها الولايات المتحدة، وفي أحدث تعليقها على سد النهضة قدمت منظمة الأنهار الدولية مجموعة مضللة وغير دقيقة من المزاعم، وذلك باستخدام المعلومات الخاطئة والمضللة في “حملة بالوكالة ضد إثيوبيا

وقالت وكالة الأنباء الإثيوبية أن منظمة الأنهار الدولية تدعي أنه في غياب التمويل الأجنبي لسد النهضة لجأت الحكومة الي وسائل غير أخلاقية لجمع الأموال وإجبار الناس قسرا على شراء السندات واستدراجهم إلى المشاركة في لعب اليانصيب، وأن” التمويل الذاتي “هو مخاطرة كبيرة، وكل هذه أكاذيب لا اساس لها من الصحة، وأصبح سد النهضة رمزا حقيقيا للفخر الوطني، ومشروع رئيسيا لجهود التخفيف من وطأة الفقر ونهضة البلاد.

وادعت الوكالة أن الحكومة دعت فريق خبراء دولي إلى مراجعة المشروع بعد فترة قصيرة من بدء البناء للمساعدة في حل هموم السودان ومصر وكذلك ضمان الشفافية. وشارك الفريق خبراء من كل بلد وأربع شخصيات دولية إضافية، واستعرض وثائق المشروع وقدم تقريرا الي الحكومات الثلاث في مايو عام  2013، وخرجت نتائج التقرير الي ان سد النهضة يجري بناؤه وفقا للمعايير الدولية وسيكون له فوائد لجميع الدول الثلاث.

الفريق الذي تشير إليه الوكالة ما هو إلا “اللجنة الثلاثية الدولية لتقييم الدراسات الأثيوبية لسد النهضة” والتي أقرت في تقريرها النهائي في 31 مايو 2013 بالآثار الخطيرة لتصميمات السد الإنشائية التى أعدتها إثيوبيا، وأوصت بإعادة واستكمال الدراسات الإنشائية والهيدرولوجية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، ثم توقفت في يناير 2014 بسبب اعتراض أثيوبيا على اشتراط مصر استمرار وجود الخبراء الدوليين ضمن اللجنة والاكتفاء بالوطنيين فقط، وتنازل السيسي عن الشرط ما أحال اللجنة إلى حلبة للصراع بين الدول الثلاث دون وجود الرأى الحيادى الفاصل فى النزاعات خلال مفاوضات عبثية من منتصف 2014 حتى الآن لتتم اثيوبيا ما بدأته وأصبح السد أمرا واقعا.

الطريف في تقرير الوكالة الاثيوبية الرسمية الادعاء بأنه ليس هناك شك في أن سد النهضة سوف يلعب دورا محفزا في جدول أعمال الاتحاد الافريقي 2063 للـ “التكامل الإقليمي حيث تشارك إثيوبيا الإنتاج مع دول حوض النيل الأخرى، وهي التصريحات ذاتها التي أطلقها عبد الفتاح السيسي في منتدى شرم الشيخ في فبراير 2016، ووعد فيها بتحقيق التنمية الشاملة عام 2063، وسخر منها المصريون على شبكات التواصل الاجتماعي واعتبروها الأغرب من نوعها واستمرارًا لحالات مماثلة من الهذيان بعد تصريح آخر مثير له حول تطبيق الديمقراطية في مصر بعد 25 سنة.

إحراج السيسي

رغم التداعيات الخطيرة للسد على الحياة في مصر والتي وردت في تقرير اللجنة الفنية في يونيو 2013، وفي جرأة لا يحسد عليها، فاجأ السيسي المصريين بتوقيع اتفاق المبادئ مع إثيوبيا، في مارس/ آذار 2015، وأصبح السد عملا مشروعا يحظى بالتمويل الدولي والدعم الفني، بعد أن كان عدوانيا محروما منهما، سوّقت الأذرع الإعلامية للسيسي على أنه “الدكر” الذي سيحل أزمة السد، ليرد عليهم بأن مصر تساند حق الشعب الإثيوبي في التنمية!

وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر الدين علام، أكد في جريدة اليوم السابع، في 12 ديسمبر 2015، أن المفاوض المصري في ملف سد النهضة ارتكب أخطاء فنية وسياسية جسيمة وتنازلت مصر عن النص على الحصة المائية فى إعلان المبادئ، وتنازلت عن النص على التفاوض على سعة السد، فلم يتبق إلا الإقالة الفورية لكل من شارك في هذا التهريج ومحاكمتهم وتغيير مسار المفاوضات قبل حلول الخراب! فحرمه السيسي من اللحاق بمهرجان البراءة للجميع وعاقبه بالسجن سبع سنوات مشددة في قضية إهدار المال العام في عهد المخلوع مبارك.

في سبتمبر 2015، نصح مجموعة من الخبراء المصريين بينهم وزير الري السابق وتضم 15 أستاذًا وخبيرًا وسفيرًا بجامعة القاهرة السيسي باللجوء إلي محكمة العدل الدولية، استنادا إلي الاتفاقيات الدولية المعنية بمياه الأنهار الدولية التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة عام 1997 والتوجه إلي مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يلزم إثيوبيا بوقف أعمال البناء في السد لحين إتمام الدراسات الفنية، حتي لا يؤدي التوتر الذي خلفته الأزمة إلي اشتعال الصراع، بما يهدد السلم والأمن الدوليين، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل سيفعل السيسي بنصيحة الخبراء بعد تقرير منظمة الأنهار الدولية ويرفع عن نفسه وأنصاره الحرج؟!

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه