المسلمون في أمريكا تحت المراقبة والتجسس

توصلت ولاية نيويورك إلى مسودة لتسوية قانونية مع المسلمين بشأن مراقبة الشرطة لهم والتجسس عليهم، وذلك بعد دعوى بأنها انتهكت الحريات الدينية، والضمانات الدستورية للمساواة.يتبع

مسلمون في امريكا يتظاهرون ضد التجسس عليهم
(أرشيفية)

أفادت أوراق دعوى قضائية عمرها عامان، أن ولاية نيويورك توصلت إلى الخطوط العريضة لتسوية قانونية مع المسلمين بشأن مراقبة الشرطة لهم والتجسس عليهم.

وتتهم الدعوى القضائية المنظورة أمام محكمة بروكلين الاتحادية شرطة نيويورك بأنها انتهكت الحريات الدينية، والضمانات الدستورية للمساواة بمراقبتها الجاليات المسلمة.

وتعود القضية إلى عام 2011 بعد أن تم وضع جميع المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية موضع اشتباه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وتجسست شرطة نيويورك على المسلمين بشكل منهجي طيلة أعوام، وسجلت عنهم كل شيء يخص معيشتهم، بما في ذلك المساجد وأماكن العمل، والمحلات التجارية التي يشترون منها والمطاعم التي يرتادونها.

وأقام الدعوى القضائية في يونيو/ حزيران 2013 اتحاد الحريات المدنية في نيويورك في إطار معركة بين إدارة الشرطة، والمدافعين عن الحريات المدنية بسبب أساليب إدارة الشرطة.

وقال محامون يمثلون مدينة نيويورك -في رسالة أرسلوها إلى قاضي التحقيقات الأمريكي جيمس أورنشتاين- إن  الطرفين توصلا إلى تسوية من حيث المبدأ، وأضافوا أن التسوية تتوقف على عدد من التفاصيل التي يجري العمل على إعدادها، وعلى المشاورات التي يجريها المحامون مع أولئك الذين أقاموا الدعوى.

وأقام الدعوى زعماء لمنظمات خيرية ودينية ومساجد. وسعت إلى وضع حد لمراقبة الشرطة للمسلمين وتدمير التسجيلات التي نجمت عن برنامج المراقبة، وتعيين مراقب مستقل للإشراف على إدارة الشرطة. وهناك دعوى مماثلة أمام محكمة الاستئناف الاتحادية في فيلادلفيا بعد أن رفضها قاض اتحادي في نيوجيرسي العام الماضي.

وامتنع متحدثون باسم الإدارة القانونية لمدينة نيويورك، واتحاد الحريات المدنية في نيويورك التعقيب. ولم يرد الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية على الفور على طلب للتعليق.

وفي تحقيق صحفي طويل أعده الصحفي الأمريكي غلين غرينوالد، ووالصحفي مرتضى حسين على موقع مجلة “ذا إنترسبيت” الإلكترونية، قال الصحفيان: “بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بات جميع المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية موضع اشتباه: ففي عهد الرئيس بوش تجسس مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الأمن القومي على الناشطين والمحامين المسلمين الأمريكيين المرموقين وشاركهم حتى في قراءة رسائل بريدهم الإلكتروني. لم تكن هناك أية أدلة على ممارسة نشاطات إرهابية أو ارتكاب جرائم، وكذلك تم وضع موظف أمريكي مسلم في وزارة الأمن الداخلي تحت المراقبة.

واشار التحقيق الصحفي إلى أن المسلمين خضعوا لمراقبة مشددة شملت قياداتهم وقال: إن كلا من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الأمن القومي راقبا في الفترة بين عامي 2002 و2008 نحو 7485 بريدا إلكترونيا تخص المسلمين، بما في ذلك مراقبة أربعة أشخاص مسلمين أمريكيين بارزين، لهم حضور كبير في الرأي العام الأمريكي وكثيرًا ما كانوا يظهرون مع كبار السياسيين من الديمقراطيين والجمهوريين. لم يثبت على أي منهم ارتكاب أية جريمة، ولم يتبيّن أنَّهم كانوا يدعون للجهاد أو أنَّهم كانوا متعاطفين مع تنظيم القاعدة. ولكن مع ذلك فقد كانوا يظهرون أحيانًا لبعض عملاء الاستخبارات الأمريكية من المشبه فيهم.”

وقال الصحفيان إن “أجهزة الاستخبارات الأمريكية هي من يحدِّد المزاج العام الذي ساد في أمريكا بعد الهجمات على مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون.. وقد عززت التسريبات الجديدة التي نشرها إدوارد سنودن لدى مسلمي أمريكا الشعور بأنَّهم يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية، وأنَّهم موضع اشتباه دائم. ففي شهر أبريل/نيسان قامت شرطة نيويورك بإلغاء وحدتها الديموغرافية، التي كانت طيلة أعوام عديدة تتجسَّس بشكل منهجي على المسلمين وتُسجِّل كلّ شيء عنهم: أين يأكلون ويعملون ويُقيمون صلاتهم، وأمَّا أنَّ هناك وثيقة تدريب خاصة بمكتب التحقيقات الفيدرالي تم فيها وصف المسلمين بصفة مسيئة على اعتبارهم “محمد صاحب العمامة”، فهذا في أحسن الأحوال أمر لا يراعي شعورهم – أو هو بالأحرى عنصرية”.

اختراق بريد نهاد عوض
ومن بين من تم التجسس عليهم ومراقبتهم واختراق بريدهم الالكتروني نهاد عوض أمريكي من أصل أردني فلسطيني المولد، يعيش في الولايات المتَّحدة الأمريكية منذ أكثر من عقدين. وقد
شارك عوض في  تأسيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) بالإضافة إلى أنَّه رئيسه التنفيذي؛ ويعدّ هذا المجلس واحدًا من أكبر المنظمات الإسلامية الحقوقية في الولايات المتَّحدة الأمريكية. وكان مستشارًا لنائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور، كما أنَّه التقى بالرئيسين بوش وكلينتون وكذلك بالعديد من وزراء خارجية الولايات المتَّحدة الأمريكية.

لقد تمت مراقبة رسائله الإلكترونية في الفترة بين عامي 2006 و2008. وحول ذلك يقول عوض نهاد: “بوصفي مواطنًا أمريكيًا، فأنا غاضب من كون الحكومة تتجسَّس على الناشطين. وعلى الرغم من أنَّنا قد فعلنا الكثير لصالح المجتمع في هذا البلد، إلاَّ أنَّنا لا نزال عرضة للاشتباه”. ويعتقد نهاد عوض أنَّهم تجسَّسوا عليه، لأنَّه قد عبَّر عن رأيه في عام 1994 بصورة إيجابية حول حركة حماس – أي قبل ثلاثة أعوام من تطرّفها. ويقول إنَّه في وقت لاحق قد نأى بنفسه دائمًا عن حركة حماس، بالإضافة إلى أنَّ مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية قد أدان هجماتها باستمرار.

ويخلص التحقيق إلى القول “يتعيَّن على جميع الأمريكيين أن يشعروا بالقلق من تجسُّس وكالة الأمن القومي الأمريكية على المسلمين بشكل خاص. وذلك لأنَّه إذا كان الدور الآن على المسلمين في هذا البلد، فمن الممكن أن يأتي الدور على كل الامريكيين في الغد”.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه