الطب الهندي القديم يعالج الأمراض المزمنة في ألمانيا!

مبدأ العلاج بالطب البديل يترسخ هنا في ألمانيا ويزداد في التوسع والانتشار. حتى أصبح هو عنوان المرحلة الصحية الآن

قرى ألمانية كاملة تقع في أماكن غنية بعناصر الطبيعة التي تعالج المرضى، كاليود،  والمياه المعدنية،  والكبريت، تحولت إلى قبلة للباحثين عن الاستشفاء من الأمراض المزمنة. 

ليس هذا فقط،  بل إن الكثير من تلك المصحات العلاجية ينتهج أسلوب العلاج بكل أنواع الطب البديل الموجودة في دول العالم المختلفة، مثلاً في مصحة “غراند اوتيل بنز”  في جزيرة “روجن” الألمانية الواقعة في بحر البلطيق، عشت تجربة شخصية كنت شاهدا فيها على كيفية العلاج بالطب الهندي القديم ” الايروفيدا”،  فالطبيب الهندي “راجيفندر شيتي” الذي يقود العلاج في تلك المصحة يقول: ” إن الايروفيدا تعالج الكثير من الأمراض،  وهى معروفة منذ 5 آلاف سنة،  وفلسفتها تكمن في أن الصحة النفسية للإنسان لا تنفصل عن صحته العامة،  لهذا إذا ساءت الصحة النفسية ساءت صحة البدن،  أو بمعني آخر أصبحت مصدرا للكثير من الأمراض،  لهذا يلجأ إلينا الكثير من المرضى الذين يئسوا من العلاج التقليدي بالعقاقير”.  

تنظيف الجسم أولى خطوات العلاج

يحدد الطبيب الهندي طريقة العلاج بعد أن يقوم بفحص المريض عن طريق توجيه العديد من الأسئلة له، خاصة التي تتعلق بكل دقة بمختلف الجوانب المتعلقة بشخصيته،  كالهوايات،  وبؤر الآلام،  والحالة النفسية،  وأسلوب الطعام،  وعلاقات الصداقة، على سبيل المثال يسأل عن النوم هل هو متقطع؟،  أو قصير وعميق؟، أو طويل وعميق؟،  الذاكرة مثال آخر ـ هل الشخص سريع النسيان؟، أم أن ذاكرته عادية؟، أم يتمتع بذاكرة حادة وقوية..هكذا تسير الأسئلة، ثم  بعدها يقوم الطبيب بتصنيف الحالة وفق علوم الايروفيدا.. وهي تنقسم إلى واحدة من ثلاث مكونات “البيتا” أي الطاقة المسؤولة عن الطعام وهضمة والتمثيل الغذائي في جسم الإنسان،  و “الكافا” وهي المختصة بالعظام وأعضاء جسم الإنسان، ثم “الفاتا ” المسؤولة عن الحركة والأعصاب والدورة الدموية، وهذه الطاقات الثلاث هي أساس الجسم البشري،  وعند وجود أي خلل في واحدة منها يؤدي ذلك إلى المرض، لهذا يحاول الأطباء في البداية تشخيص الطاقة التي بها خلل ثم إعادتها إلى كفاءتها السابقة بالعلاج وفق تعاليم الايروفيدا . 

التوسع في فهم العلاج بالطب الهندي القديم، الذي يعالج الروح والجسد في نفس الوقت قد يبدو معقدا كلما توسع الإنسان في محاولة فهمه،  لكن خبراء الايروفيدا يبسطون القضية بقولهم إن جسم الإنسان يعمل كوحدة واحدة،  فالعقل والنفس والروح،  لا يمكن فصلها عن باقي الجسد،  لذلك يبدأ العلاج بإخضاع المريض لعملية تنظيف واسعة عن طريق برنامج خاص لتخليصه من المواد السامة المختزنة في جسمه عبر سنوات طويلة باستخدام الماء ومستحضرات الأعشاب بالتوازي مع الرياضات الروحية كاليوغا وتدليك الجسم بالزيوت النباتية المعتمدة في طب الايروفيدا .

الأمراض ومدة العلاج

الأمراض التي تعالجها الايروفيدا هي عديدة ومتنوعة،  مثل الأمراض الناتجة عن التوتر،  والضغط العصبي،  والقلق،  واضطراب النوم، وأمراض الدورة الدموية،  والتغذية،  والمفاصل والعمود الفقري،  والتنفس،  والحساسية،  وأمراض الجلد،  واكتئاب النساء ، وأمراض العيون،  وأمراض السمنة .

 أما “كورس ” العلاج فيتراوح من 3 أيام و 14 يوما وفق تشخيص الحالة،  وفي حالات مرضية أخرى يأخذ وقتا أطول،  ويتم على عدة مراحل، أما الأسعار فتتراوح وفقا للمدة التي يحتاجها المريض،  فمثلا تكلفة “كورس” يستغرق 3 أيام في مصحة غراند اوتيل بنز يتراوح من 500 إلى 700 يورو  أما “كورس” العشرة أيام فيتراوح من 2300 إلى 3300 يورو كل هذا يشمل العلاج والإقامة وطعام العلاج الذي يحدده الطبيب للمريض،  وهو طعام طبي مكون من الأعشاب النباتية،  يقوم بتجهيزها مجموعة من الطهاة وفق وصف الطبيب،  فأطباء الايروفيدا يدرسون مئات الأنواع من النباتات ويعرفون استخداماتها .  

عندما يبدأ المريض الفترة العلاجية فإنه يتوقف عن تناول الطعام العادي،  ويسمح له فقط بتناول الطعام الذي يحدده الطبيب بالتوازي مع الرياضة وتدليك الجسم بالمستحضرات العشبية.

 تجربة خاصة عشتها في مركز الدكتور شيتي بسبب الأرق،  واضطراب النوم،  فبعد الفحص الدقيق للحالة عن طريق الكثير من الأسئلة المتعلقة بالنشاط اليومي والطعام الذي أتناوله صنف حالتي  ” بالكافا ” ثم أعطاني مشروبا عشبيا مكونا من خليط كبير من أنواع عديدة من الأعشاب ذات المذاق المر،  ونصح بتناولها لمدة شهر،  شعرت بعدها بتحسن كبير .

 أحد المرضى في هذا المركز يعاني من الروماتويد والتهاب المفاصل، يقول: إنه يخضع للعلاج وفق الحالة “فاتا”..والآن بعد مرور أسبوعين من العلاج والتوقف التام عن أكل اللحوم والحلويات،  وفقط يتناول طعام الأعشاب الذي وصفه الطبيب مع مواصلة دورة الرياضة وتدليك الجسد يوميا بخلاصة الاعشاب،  بدأ يشعر بتحسن كبير. 

هناك دراسات خاصة كثيرة قارنت بين شفاء الأمراض بالعقاقير وبالايروفيدا،  مثلا في أمراض العظام كالتهاب المفاصل أثبتت تلك الدراسات أن العلاج بالايروفيدا جد فعال بالضبط  كفاعلية العقاقير ولكن دون ترك أي أعراض جانبية. 

علاج الأوكسجين

علاجات عديدة جدا تجري هنا في مصحات ومراكز الاستشفاء في ألمانيا،  تستخدم فيها علاجات الطب البديل،  مثلاً في مصحة “كايزر هوف”  الواقعة في احدى القرى الصغيرة على الحدود النمساوية الألمانية ..شاهدت كيف يخضع المرضى الذين يعانون من اضطرابات النوم والتوتر والقلق وضغوط الحياة،  أو من الأمراض التي تتسبب في قلة وصول الدم إلى المخ أو الأطراف إلى العلاج بالأوكسجين،  فيتم استنشاقه في صورته النقية 100% عن طريق استخدام أجهرة خاصة في ذات الوقت الذين يجلسون فيه على كرسي تدليك يقوم بتدليك الجسم أثناء استنشاق الأوكسجين، بعدها يشعر المريض بالتحسن بسبب التأثير الفسيولوجي على خلايا الجسم حيث يتشبع الدم بالأوكسجين الذي يصل إلى كل خلايا الجسم عن طريق الدورة الدموية فتعمل أجهزة الجسم بكفاءة عالية.

في مصحات ” كيمزي البنلاند، في جنوب ألمانيا يعالجون المرضى بمياه عدة ينابيع هناك تشتهر بما تحويه من عناصر اليود والحديد والكبريت التي تشفي الأمراض وتعالج الالتهابات وتمنح الجسم الطاقة، أما الماء الذي يجري بين وديان الجبال أو في باطن الأرض في تلك المنطقة فهو مشحون بطاقة مغناطيسية هائلة، وله أهمية كبرى في العلاج سواء للمقيمين في تلك المنطقة أو للزائرين، ويأتي إلى المنطقة المرضي من كل مكان للاستشفاء،  وهي تعتبر أكثر مناطق العالم كثافة علاجية، فهي بها 35مستشفي تحتوي علي  5.500 سرير، فقط يتم فيهاالعلاج  بعناصر الطبيعة.

 

 

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه