السيسي مفجر الثورة المشتهاة

(1)

هل تؤدي أزمة تيران وصنافير إلى ثورة شعبية تطيح عبد الفتاح السيسي من رئاسة مصر؟

يقول المتشائم: انسوا هذه الأوهام، لأن النظام تعلم درس يناير، ويسيطر الآن على كل شيء: الإعلام والبرلمان وأجهزة الأمن والأحزاب (إلا قليلا).

ويقول المتفائل: ليه لأ؟ اللي خلع مبارك يخلع “خِلفته”.

وبرغم تفاؤل المتفائل يبقى السؤال مشرقاً ومقلقاً: وكيف تقوم هذه الثورة المشتهاه؟

(2) 

برأيك.. ما هو الشيء الذي ساعد على قيام “ثورة يناير” ونفتقده اليوم؟

هكذا طرح “أنس” سؤاله على الأصدقاء في مجموعة “لن نفرط” الإلكترونية التي تأسست لمواجهة مخطط التنازل عن تيران وصنافير، وتنوعت الردود بين الخفة والجدية، لكنها في الحالين لم تفقد المغزى العميق والإشارات الذكية، فقد قال حسام: “الحشد الجماهيري”، وقال سيد: “إنكار الذات”، وقال وهدان: “عدم الخوف”، وقال شادي: “الكل في واحد”، وهي القيمة التي تكررت في كثير من الردود بصياغات متقاربة، فقد صاغها زكي في عبارة: “التلاحم وانكار الذات الشخصية والفئوية”، وصاغها يونس في عبارة “الاتفاق على أن نكون إيد واحدة، مقتنعين بالثورة ومش خايفين من الشرطة”. وبعد أن كرر حازم كلمة “الإعلام” 3 مرات أشار إلى “توحيد الصف على هدف واحد”، وقالت نهال: “وحدة الهدف. والاهتمام بالعام قبل الخاص”، قبل أن تتطرق إلى الإعلام وتؤكد أنه لعب دوراً خطيراً في دعم واستمرار الثورة، ولم يذهب مصطفي بعيدا فتحدث عن “الالتفاف والوحدة الثورية”، وبكلمة واحدة أجاب كل من أبو الخير: “الوحدة”، وعبير: “الاتحاد”، وطلعت: “الرجولة”، ونبيل: “المخابرات”!

(3)

فجرت إجابة نبيل المفارقة بين العوامل الميدانية الإيجابية، وبين عوامل المؤامرة الخفية التي تلعب في خلفية الأحداث الجماهيرية وتعيد توظيفها لمصالح القوى المتصارعة داخل النظام، لكن الإجابة استفزت “أنس” فقاطع الإجابات معلقاً: المخابرات لم تساعد الثورة في يناير. كانت ضدها، لكنها ساعدتها في يونيو، وعملت ضد الإخوان، وعاد “أنس” إلى الصمت وتلقي الإجابات عن العامل الذي أدى إلى نجاح ثورة يناير في خلع مبارك، فقالت نور: “المفاجأة”، وقال حسنين: “الجيش”، وقال أحمد: “مشروع توريث جمال مبارك، مع تحرك المعارضة وشوية فلوس وتنظيم للميدان”، وقال حمزة: تقليد نموذج الثورة في تونس بالإضافة إلى الكبر والغرور بتاع الحزب الواطي (يقصد الحزب الوطني الحاكم حينذاك). بينما اشار بهجت إلى الشباب وتكتلات الألتراس، وقال وليد: إن صمود المتظاهرين واعتصامهم أرهق الأمن كثيراً، لأن القوات لا تستطيع البقاء في الشارع 72 ساعة متتالية فى حالة إستنفار، فلم تصمد من الثلاثاء 25 يناير إلى جمعة الغضب في 28 يناير، وبينما قالت هبة: “الأمل في الحرية”، قالت نهى: إرادة ربنا.. ثم تحدثت عن غضب الناس وأهمية دور الإعلام، وكسر حالة الخوف في الميدان، وكما فعل نبيل فاجأنا محسن بإجابته عن العامل الذي أدى إلى نجاح ثورة يناير في الإطاحة بنظام مبارك قائلا:  “مبارك.. هههههههه”، والضحكة ضمن إجابة محسن وليست من عندي.

(4)

إذا تعاملنا مع هذه الإجابات بجدية، فماذا يبقى لنا من العوامل التي تساعد في قيام ثورة ضد السيسي ونظامه؟

– بترتيب الإجابات، سنكتشف بسهولة أننا نفتقد “الحشد الجماهيري” و”إنكار الذات” و”التوحد والتلاحم” و”عنصر المفاجأة” و”الإعلام” و”حافز القضاء على التوريث” و”دعم الجيش والمخابرات” و”تكتلات الألتراس” و”ثورة تونس”، لكن هذا لا يعني أن الأمل في الثورة مفقود. فلا تزال لدينا عوامل أخرى لم نخسرها مثل: “الأمل في الحرية” الذي تحدثت عنه هبة، ومثل “غضب الناس” الذي تحدثت عنه نهى، ويبقى لدينا أهم وأضمن عامل يساعد في إشعال الثورة المنتظرة، وهو: “السيسي نفسه” بسياساته وتصريحاته وتنازلاته، وإصابته بنفس الأعراض التي وصفها حمزة: “الكبر والغرور بتاع الحزب الواطي”.

هذا يعني أن السيسي هو أقوى سبب للثورة على السيسي. وهذا قمة الإعجاز العلمي في “نظام الكفتة”.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه