إشارات السيسي للإخوان

إشارات السيسي للإخوان حول عودتهم للعمل السياسي، والإجراءات التي تمت بالإفراج عن عدد من أعضاء الجماعة، ثم تأجيل الانتخابات يجعلنا علي أعتاب مرحلة جديدة.

عبده مغربي*

 

الحديث في وسائل الإعلام المصرية عن المصالحة غائب تماماً، لكن في جلسات الساسة لا حديث  لهم إلا عنها، الكلام عن دور سعودي يرعاها يملأ جنبات المقاهي، وصالونات الأحزاب، وتصريح رئيس هيئة الرقابة المالية قبل أيام بأن الحكومة تعيد النظر في قانون الصكوك، مزيلاً حديثة بأن  الهجوم علي قانون  صكوك الإخوان  لم يكن مبرراً من الناحية الإقتصادية، يجعلنا امام حالة من تهيئة الأوضاع لإنبات أول بذور التفاهم بين النظام والجماعة.

نعم الكلام عن المصالحة مع الإخوان قديم جديد، والكلام عن وساطة سعودية لإنجازها قديم جديد أيضًا، لكن الجديد هي تلك القرارات التي تمت خلال الأيام القليلة الماضية، وتم تفسيرها علي أنها خطوات على طريق العدالة الانتقالية بعد 30 يونيو، فكما هو معروف فإن مسمى العدالة الانتقالية ينطبق على الأعمال التي تتم عقب الثورات، وتضمن التعايش بين أطياف الشعب الواحد في الدولة.

 ونشرت آراء كثيرة عن وساطة خليجية لإبرام المصالحة بين الإخوان والنظام الحاكم، تدفع فيها الدولة الخليجية الدية لمن سقطوا في المواجهات بين الطرفين، مقابل دمج عناصر الجماعة في المجتمع ومنحهم الحق في ممارسة العمل السياسي.

 هي آراء يتلاقفها الساسة، وقيل إنها تلميحات، فيما ذهب آخرون إلي أنها توصيات من حكومات خليجية، وتحديدًا السعودية، بدأ التعاطي معها بتهيئة الأوضاع لها في الحديث الذي أكد فيه الرئيس السيسي ضمنياً علي أنه علي المستوي الشخصي لا يرفضها لكن قراره مرهون بقرار الشعب المصري.
وكانت دعوة ملك السعودية لعناصر من حركة حماس لزيارة المملكة الأسبوع الماضي قريبة من هذا الاتجاه،  فالمملكة التي أيدت إعتبار الإخوان جماعة إرهابية، هي نفسها التي وجهت لهم الدعوة لزيارتها، فلا يمكن فصل الانتماء السياسي والديني لحماس عن تبعيتها التنظيمية للإخوان، فالقسم الرئيسي لأفراد حماس عندما ينخرطون في صفوفها هو قسم بالانخراط تحت راية الإخوان المسلمين. أيضًا قيام الحكومة المصرية بالطعن على حكم اعتبار حماس “جماعة إرهابية” هو خطوة أخرى في الاتجاه نفسه.
في  أغسطس / آب 2014 قال الرئيس عبد الفتاح السيسى: “إن أي مصالحة تجرى مع أي جماعة أو فصيل لا تتم إلا مع الشعب، مؤكدا أن الشعب هو من يقرر المصالحة”، قال ذلك خلال لقائه برؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والمستقلة في مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة.
وفي حواره مع جريدة الشرق الأوسط مطلع هذا الشهر، قال السيسي في رده عن سؤال حول وضع جماعة الإخوان المسلمين وهل يمكن عودتها إلى المشهد السياسي مرة أخرى: “هذا السؤال يوجه للمصريين وللشارع المصري وللرأي العام وما يرتضيه ويوافق عليه سوف أقوم بتنفيذه فورا”.
 مضيفا “لابد أن يعلم الجميع أنه وبعد ثورتين عظيمتين قام بهما المصريون، من الصعب أن يحدث أي ضغط خارجي على دولة مستقلة مثل مصر، مع التأكيد أن مصر تدفع ثمنا غاليا نتيجة رفضها التدخلات الخارجية”، وأكد الرئيس المصري :”المواطن العادي البسيط غاضب من كل ما فعله الإخوان بالبلاد، هناك بالفعل حالة غضب وألم مصرية منهم”.
هي إشارات يفهم منها أن السيسي علي المستوي الشخصي لا يعترض على عودة جماعة الإخوان من جديد في الحياة السياسية، شريطة أن يقبل الشعب بذلك، وأكد أكثر من مرة أن ما يقبله المصريون لا يمكن له أن يرفضه، وأن ما يرفضه المصريون لا يمكن له أن يقبله.
إنه  أول عربون  من السيسي للجماعة يؤكد فيه من أنه ليس لديه مانع من المصالحة إذا قبلها المصريون،  وهو مرتبط في قرار عودتهم إلى الحياة السياسية بقرار الشعب، هذا العربون تبعه إجراء آخر بالإفراج عن 120 من عناصرها؛ وفقًا لما نشره موقع “مبتدأ” لصاحبه عبد اللطيف المناوي، وثيق الصلة بالنظام الحالي، حيث جاء في الخبر: أن “المستشار هشام بركات، النائب العام، قرر إخلاء سبيل 17 شخصا من أعضاء جماعة الإخوان بمحافظة دمياط المحبوسين احتياطيا على ذمة عدد من القضايا”.
وأضاف الخبر، أنه “من الجدير بالذكر، أن المخلى سبيلهم ضمن 120 شخصا آخرين من أعضاء الإخوان، شملهم قرار النائب العام بالإفراج عنهم على مستوى الجمهورية، وكان المستشار إيهاب الحسينى، المحامى العام لنيابات دمياط، قد قدم مذكرة إلى النائب العام تتضمن ظروف الـ17 شخصا، ومعظمهم من كبار السن، وطلاب الجامعات والمدارس، والمرضى.
إشارات السيسي للإخوان حول عودتهم للعمل السياسي، والإجراءات التي تمت بالإفراج عن عدد من أعضاء الجماعة، ثم تأجيل الانتخابات وإعادة بحث القوانين المنظمة لها، ما يمكن أن تعطي فرصة لعناصرها من خوضها، ومع معلومات عن وساطات خليجية وخارجية ، يجعلنا علي أعتاب مرحلة جديدة من تهيئة الأرض لكلام جاد وواضح حول المصالحة بين النظام والجماعة

_______________

*كاتب وصحفي مصري

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه