أقوى منافسين للسيسي

 

بالرغم مما يبدو أنه نهاية التاريخ باستتباب الأمور للمؤسسة العسكرية كحاكم أبدى، إلا أن التدقيق في المشهد يعكس ظلالاً لا تشير الي انتهاء الأمر بل على العكس، تبدو الأمور محتقنه -ربما- بأكثر مما يلزم.

يجلس عبد الفتاح السيسي منفرداً على عرش مصر، حاملاً صولجان مخيف على شكل هراوة يستخدمها بتوسع وبأكثر مما استخدمها حاكم مصري ربما في تاريخها الطويل، يسيطر عليه طوال الوقت هاجس الثورة الشعبية ويحاول جاهداً وبكل الطرق غير المشروعه قبل المشروع منها تفادي هذا المصير محولا المعادلة إلى معادلة صفرية بامتياز، منهياً كل مظاهر السياسة حتى الديكورية منها المتبقية من عهود سابقة “مبارك والسادات”.

جمال مبارك

بالتدقيق في الأمر نجد أن لعبد الفتاح السيسي منافسين في الأفق المنظور لا ينقصهم سوى فرصة ضعف القبضة العسكرية القادمة حتماً لا محاله لأسباب متعددة.

الرجل الأول هو جمال مبارك، قد يبدو للبعض الطرح بعيداً عن التوقعات، ولكن حقيقة موازين القوى لا تجعله غريباً، جمال مبارك يحتشد خلقة كل رجال مبارك الأقوياء الذين كونوا ثروات هائلة، وأصبحوا مهددين في عهد عبد الفتاح السيسي بسبب تغول المؤسسة العسكرية في الاستحواذ على مناطق نفوذهم وتأميم الاقتصاد بشكل كامل لصالح شركات تابعة للمؤسسة العسكرية.

 يبدو المال دائماً في المشهد السياسي لاعباً رئيساً، يستطيع من يمتلكه أن يكون رقماً صعباً وحاسماً في المعادلة، وهؤلاء لا يملكون رقماً هيناً، من خلال تلك الأموال يستطيعون عمل الكثير، فقط تنقصهم الفرصة، فمن خلال نفوذهم في وسط العائلات القوية المنتمية سابقاً للحزب الوطني المنحل، يعلمون جيداً أين تكمن مواضع القوة، ومن خلال قربهم ممن يدير دولاب العمل، يستطيعون التحكم في حركة مفاصل الدولة والسيطرة عليها، فقط عليهم انتظار اللحظة التي تضعف فيها قبضة السلطة العسكرية بقيادة عبد الفتاح السيسي، أما مسألة المانع القانوني لترشح جمال مبارك فما هكذا تمضي الأمور في دولة مثل مصر.

أبو اسماعيل

أما الرجل الثاني فهو الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل، بدون شك وبدون تردد أعتقد جازماً أن الشيخ هو أقوى شخص منتم للتيار الإسلامي على الإطلاق بعد ما حدث للإخوان علي يد عبد الفتاح السيسي، ولن يجرؤ مخلوق في التيار الإسلامي كله على معارضة نفوذ الشيخ حازم، ولا الاقتراب من شعبيته وحتي جماعة الإخوان بكل قوتها وتنظيمها الحديدي، لن تكون قادرة علي الوقوف أمام طموحات الشيخ، ولا أعتقد إلا أن الجماعة بنفسها سوف تفسح الطريق له لقيادة التيار الاسلامي خوفاً من تآكل شعبيتها إذا أصرت على الوقوف أمام الشيخ، الذي سيخرج بكل تأكيد رمز القوة والحكمة في عيون جحافل التيار الإسلامي القوي، والذي لم يفقد قوته ولا حشده، فقط هو كسابقه ينتظر ضعف القبضة الحديدية للأجهزة الأمنية المتفرية عليه، والتي وجهت للتيار الإسلامي ضربات موجعة جعلت جسده الضخم مثخناً بالجراح، ولكن لم تقضي عليه ولا يمكن لأي سياسات أمنية القضاء على الفكرة المتغلغلة في النفوس، ولا على التنظيمات التي تمتلك رؤوسا  متعددة تظهر وكلما قطعت رأسًا تطل رأس أخرى، نعم حازم صلاح ابو اسماعيل هو الرجل القوي في تيار الإسلام السياسي، “أليس هو من حذر من عبد الفتاح السيسي وقت مهادنة الإخوان له اثناء حكم الدكتور محمد مرسي؟”…هكذا يقول الإسلاميون في مجالسهم الخاصة، كان موقف الشيخ حازم من المؤسسة العسكرية منذ الإطاحة به من انتخابات الرئاسة في العام٢٠١٢ موقفاً عدائياً جداً، ولم يٌخفِ الشيخ أبداً موقفه الحاد من المؤسسة في أي لقاء تلفزيوني أو ندوة أو مؤتمر، وبعد الإطاحة بجماعة الاخوان والزج بهم في السجون، يرى المنتمون للتيار الاسلامي الشيخ بطلهم ورجلهم القوي الذي يستطيعون الاحتشاد خلفه مطمئنين له.

التيار الليبرالي

ومن هنا نحن أمام اثنين قويان لديهما القوة والرغبة في الحكم ، ولا أرى غيرهما يستطيع المنافسة، ولا يمكن الحديث عن مرشح التيار الليبرالي/اليساري في أوضاع مثل أوضاع مصر، فبعد خروج الدكتور البرادعي من المشهد وانعزاله الاختياري لا يملك التيار الليبرالي/اليساري أي فرصة للدخول في المعترك وفي المستقبل المنظور لن يكون الصراع إلا ثلاثياً (السيسي، حازم، جمال) رغم عدد التيار الليبرالي/اليساري الكبير الذي يبقي غير منظم وغير قادر على التنظيم في ظل الوضع الحالي وعدم وجود خطاب جاذب للعوام كما يفعل أصحاب الرجال الثلاثة، أو يمتلك الأموال وبالطبع السلاح،…والي هنا نحن فقط علي بعد خطوات من تفجر صراع ثلاثي تلوح نذره في الأفق…وللأسف لا يبدو الأمر مطمئناً.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه