أرقام ” طق حنك” ومشاريع للجن والشياطين!!

مجرد أرقام تتلى لتكتب في العناوين الرئيسية للصحف

 

 

” أنا لن أبيع الوهم، نحن نتحدث على الأقل من وجهة نظرنا، حتى لو كان هناك مرشحين قادمين يروا الأمر كما رأيناه، حتى لا يتحدث أحد للناس ويقول “هنعمل هنعمل” وهو لن يستطيع أن يعمل”.

هذه الجملة غير المفهومة جاءت في خطاب السيسي خلال كلمته بمؤتمر “حكاية وطن “، وغير أنه هو الوهم نفسه ويبيع الوهم وغير الوهم منذ 3 يوليو 2013 ولكن في هذه الجملة يظهر فيها وكأن على “رأسه بطحة” ، فيكاد المريب أن يقول خذوني ، ولكن المتابع لكلامه وكلماته في هذا المؤتمر يجد أنه قبل هذه الجملة  وبعدها ذكر أرقاما كثيرة، يمكن لأى إنسان لا يفهم في الاقتصاد وفى الأرقام مثلى الرد عليها بسهولة ويثبت أنها مجرد كلام ” طق حنك “، ومجرد أرقام تتلى لتكتب في العناوين الرئيسية  للصحف ، ولا صحة لها من قريب أو بعيد ، متأكدا أنه لا يوجد برلمان يحاسبه أو شعب يستطيع منعه من هذه الترهات ، و”طق حنق” وهى من التعبيرات العامية الشائعة التي يستعملها أولاد البلد من المصريين وأهل الشام  للتدليل على الكلام الذى لا معنى ولا مضمون له.

وكل كلامه “فض مجالس” كما تقول العرب بمعنى إنهاء مجلس بكلام لن ينفذ، ويقال إن فلان فنجرى بق – الفنجرى هو الذي ينفق بسخاء – ولكن “فنجرى بق” أي أن كل فنجريته هى كلام فقط من “البق ” وهى نفس المعنى في “حنك “.

أرقام ومشاريع وهمية

فهو في نفس كلمته قال إن الدولة أنجزت 11 ألف مشروعا ، خلال 4 سنوات بمعدل 3 مشروعات في اليوم الواحد ، و” أن حجم الأموال في هذه المشروعات نحو 2 تريليون جنيه ، وفيه كتير من اللى بيتعمل متعرفهوش ولا تسمعوا عنه شيء” ، وبما أن الكلام كله هراء فى هراء ، فإن أي تلميذ في المرحلة الابتدائية يستطيع بدون استخدام آلة حاسبة أن يعرف أن بهذا المعدل فإن المشروعات تبلغ أكثر من 7 ونصف مشروعا يوميا ، والمثل يقول أن الكذاب دائما ما ينسى ، وتم نشر هذه الأرقام دون دقة وتمحيص في عناوين الصحف ، كما أن مخصصات المشروعات في الموازنة المصرية خلال الـ 4 سنوات لا يتجاوز بأي حال من الأحوال الـ 600 مليار جنيه – على اعتبار أن كل المصروفات ستذهب للمشروعات – حيث أن آخر ميزانية للدولة المصرية – وبالمناسبة هى أكبر ميزانية في تاريخها – بلغت تريليون و106 مليار جنيه للعام المالي 2017/2018 ، وبلغت فيها جملة مبلغ الاستثمارات 135 مليارا و431 مليون جنيه ، بما يؤكد بحساب تلك الأرقام أن جملة الاستثمارات حتى لو أخذنا بهذا المبلغ الكبير الذى وضع في آخر موازنة للدولة لن تصل بأي حال من الأحوال إلى 600 مليار جنيه ، فمن أين جاء رقم 2 تريليون جنيه ؟ ثم أين هذه المشروعات وهذه الانجازات على الطبيعة؟!

مشاريع للجن والشياطين

 وأنت تستمع وتتابع ما يقوله الجنرال تشعر بأن من يذكر هذه الأرقام يقدم كشف حساب لأشخاص خارج مصر لكي يخبرهم أين أنفق الأموال التي وصلت إليه سواء على هيئة منح أو ديون، حيث بلغ بند الفوائد المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية في مشروع الموازنة 380 مليارا و986 مليون جنيه بزيادة 88 مليار و466 مليون جنيه عن العام المالي 2016/2017، مما يؤكد أن الوضع كارثي بعد أن وصل حجم الدين الخارجي لحوالي 100 مليار دولار.

وهكذا نرى الوهم الذى يتحدث عنه السيسي يمشى في مصر على قدمين في جميع أرجاء المحروسة ،حيث نجد أنفسنا أمام أرقام غير حقيقية بالمرة ، ولو كانت هذه الأرقام حقيقية لشعر بها المواطنون وأصبح الدولار أقل من الجنيه ، ووجد كل عاطل عمل ، ولو أنها حقيقية لزاد دخل المواطن المصري الذى يكتوي بنار الأسعار التي ترتفع يوميا دون هبوط ، ولكن ما العمل وكل المشروعات كما يتحدث عنها الجنرال سرية وتلبس ” طاقية الإخفاء “ولا يعرف عنها أحد شيئا كما يؤكد هو في كل كلماته حيث قال ” وفيه كتير من اللى بيتعمل متعرفهوش ولا تسمعوا عنه شيء” ، بما يؤكد أنه يقوم بهذه المشروعات الخفية للعفاريت والجن أو لشعب آخر، لأن المصريين لم يشاهدوا هذه المشاريع التي يذكرها في انجازاته  ولم يشعروا بها أو بأثرها على حياتهم ، ولكنه يستمر في ترديدها في كل كلامه بأنه أنجز مشروعات وهمية تدشينا لنفسه لفترة رئاسية جديدة ينافس فيها نفسه تقريبا مع الأصوات الباطلة .

الكذاب ينسى

من ضمن الأرقام التي ذكرها السيسي، خلال كلمته أيضا  ” أنه في 30 يونيو 2018 سيكون لدينا مساحة 200 ألف فدان زراعية خلاف مشروع المليون ونصف المليون فدان التابع لشركة الريف المصري، ولو وزير الزراعة صدق معايا وعمل الـ20 ألف فدان هيكون عندنا 220 ألف وبنهاية عام 2019 سيكون لدينا مليون فدان  بخلاف المليون فدان بتوع شركة الريف المصري أيضاً”، ونظرة واحدة على هذه الأرقام نجد أنها رغم التضارب فيها حيث ذكر أن شركة الريف المصري عندها مشروع مليون ونصف فدان ينسى في نهاية كلامه ويقول أنها مليون فدان ، هو يتكلم عن ملايين الأفدنة كأنه يتكلم عن أراضي في لعبة ” المزرعة السعيدة” ويحصل عليها بمجرد الضغط على مفاتيح الكيبورد في جهاز الكمبيوتر، وليس أراضي تحتاج لمياه وتكاليف مالية وآلات ومعدات واستثمارات بالمليارات ، وحتى لو وجدت فلا توجد المياه التي يمكن أن تروى كل تلك الأفدنة وهناك أراضي في شمال الدلتا لا تصل إليها المياه، ولو حدث وبدأ التخزين في سد النهضة الأثيوبي في فترة ثلاث سنوات ستفقد مصر نصف أراضيها وأكثر من ذلك كما يؤكد الخبراء المتخصصين في المياه والسدود .

مشروعات ذوي الأربة

وبغض النظر عن إقامة مشروعات عملاقة متنوعة كما يراها هو وكما يقول عنها ، ونحن لا نراها على أرض الواقع ، منها كما ذكر في كلماته في مؤتمر ” حكاية وطن ”  100 ألف صوبة ومليون رأس ماشية، و40 ألف فدان مزارع سمكية، ، وهى كما قلنا مشروعات خفية لشعب خفى ، لذلك لا يمكن تكذيب كلامه والأرقام التي ينطق بها فهي قد تكون أرقام ومشاريع حقيقة يراها دراويشه من الإعلاميين، ولكن الشعب الجاحد للمعروف لا يراها بسبب عدم إيمانه وقلة تدينه ، لتبقى في النهاية مشاريع وأرقام في الهواء حتى يرفع الله عن الشعب الحجب فيرى مشروعات تسر الناظرين.

النصب بعدد اللاجئين

أرقام كثيرة ذكرها السيسي خلال كلماته في هذا المؤتمر الذى استمر لمدة ثلاثة أيام أعلن في يومه الأخير عن ترشحه لتولى فترة رئاسية قادمة ، منها قوله  ” أن مصر يوجد لديها ما يقرب من 5 ملايين لاجئ، يتم التعامل معهم مثل المصريين دون تمييز، مشيراً إلى أن مصر الدولة الوحيدة، التي لا يوجد بها معسكرات لاجئين”، وهو رقم غير حقيقي وكذبته المفوضية العليا للاجئين العام  الماضي ، ولكنه منذ توليه السلطة وهو يعمل على المبالغة الشديدة في الإعلان عن عدد اللاجئين في مصر من أجل الحصول على دعم دولي، وقد أحرجت الأرقام الصادرة عن المفوضية المصرية لشؤون اللاجئين، كلا من السيسي والمستشارة الألمانية “إنغيلا ميركل”، العام الماضي بعدما أظهرت تقديرات المنظمة لأعداد اللاجئين في مصر بنحو 186 ألف لاجئ، بينهم حوالي 131 ألف سوري ، والحقيقة أنهم يعملون ولم يدخلوا مصر كلاجئين ولكنهم دخلوا بطرق مختلفة ليعملوا في العديد من المهن ولا تنفق عليهم الحكومة المصرية شيئا ، ولكنها تتاجر بهم دوليا وتضغط على الحكومات الغربية من خلال تصوير نفسها بأنها شرطي المنطقة الذى يمنع الهجرات غير الشرعية لأوربا .

ومن جملة الأرقام الغريبة التي اختم بها مقالي قوله «اثنين بيتعشوا بـ 50 مليون دولار كانوا عايزين يوقعوا مصر» وهذا الرقم وحده كفيل بأن تقول بعد أن تسمعه رفعت الأقلام وجفت الصحف، لأن هذا الرقم لا يحتاج لمناقشة أو حتى تعليق لأنه كما يقول العرب كلام فض مجالس، وكما يقول العامة ” طق حنك.. وفنجرة بق”.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه