409 ألف دولار سنويا لرعاية المصريين بالخارج

ممدوح الولي*

 
شكلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج المورد الأكبر من موارد العملات الأجنبية ، داخل ميزان المدفوعات المصري لتصل الى 4ر18 مليار دولار خلال العام المالي الأخير 2013/2014 ، بينما بلغت قيمة صادرات السلع المصرية المتنوعة 7ر13 مليار دولار ، وصادرات البترول والغاز 5ر12 مليار دولار ، ومعونات دول الخليج 9ر11 مليار دولار ، وايرادات قناة السويس 3ر5 مليار دولار ، وايرادات السياحة الوافدة 1ر5 مليار دولار .
واذا كانت تلك الإيرادات من التحويلات تخص ما تم إرساله عبر القنوات المصرفية، فإن هناك مبالغ أخرى تم إرسالها مع الأقارب والمعارف لم تمر على الجهاز المصرفي ولم يتم حصرها ، مثلما يقوم بعض المصريين بإحضار مبالغ معهم عند عودتهم ، الى جانب قيمة الهدايا التي يرسلونها لذويهم أو يجلبونها معهم من ملابس وسلع معمرة وأجهزة الكترونية ولعب أطفال وغيرها .
كما تستفيد الخزانة العامة من الضرائب والرسوم التي تخص المصريين بالخارج ، بأكثر من 5ر2 مليار جنيه خلال العام المالي الأخير 2013/2014 ، منها 276ر1 مليار جنيه رسوم الإجراءات القنصلية ، و5ر220 مليون جنيه رسوم على جوازات السفر ، الى جانب 96 مليون جنيه رسم تنمية على جوازات السفر . و146 مليون رسوم تصاريح العمل ، و221 مليون ضريبة تضامن اجتماعي على تذاكر السفر للخارج و496 مليون جنيه ضرائب على تذاكر السفر المستخرجة بالعملة المحلية ، وذلك من خلال الحساب الختامي لموازنة ذلك العام المالي أي أنها موارد قد تحققت بالفعل .
ولا يقتصر الأمر على ذك حيث يقوم المصريين بالخارج بدفع أنواعا أخرى من الضرائب ، منها الضرائب على السيارات وعلى الأراضي والمباني  ،وعلى الاتصالات الدولية وعلى استهلاك الغاز والكهرباء والبوتاجاز والملاهي ورسوم للخدمات بأنواعها الى جانب ما يدفعونه من جمارك .
كما تساهم مدفوعات المصريين بالخارج في انعاش الأسواق المحلية ، خلال فترة تواجدهم الصيفية خاصة سوق البناء والأثاث والسيارات والمصايف وغيرها .
وعلى الجانب الآخر يكون السؤال وماذا قدمنا لهم مقابل تلك الاستفادة المتنوعة ؟ وتأتى الإجابة بتخصيص قطاع للهجرة والمصريين بالخارج داخل وزارة القوى العاملة والمصريين بالخارج يتولى متابعتهم ورعايتهم ، بلغت مخصصاته خلال العام المالي الحالي 2014/2015 نحو 188ر3 مليون جنيه بزيادة 34 مليون جنيه عن العام المالي السابق ، أي ما يوازى 409 ألف دولار بالعام بالسعر الرسمي بمتوسط شهري 34 ألف دولار .
وتتوزع مصروفات قطاع الهجرة والمصريين بالخارج ما بين 525ر2 مليون جنيه للأجور و310 ألف جنيه لمستلزمات العمل الحكومي من كهرباء ومياه وصيانه ومطبوعات ووقود ، و275 ألف جنيه للدعم ، حيث يوجد 12 مكتب عمالى بالدول العربية الى جانب ثلاثة مكاتب عمالية بدول أوربية .
وتتحدد مهام قطاع شؤن الهجرة في : اجراء الدراسات حول احتياجات ومتطلبات أسواق العمل الخارجية ، وزيادة تدفق المدخرات الى مصر ، وتجميع المعلومات المتعلقة بالقوانين الخاصة بالهجرة فى مختلف الدول المضيفة ، وتوعية الشباب المصرى بمخاطر الهجرة غير القانونية .
 وتدعيم التعاون مع الجهات المعنية بشؤن الهجرة من خلال اللجنة العليا للهجرة وهى اللجنة المكونة من ممثلي 13 وزارة يتعلق عملها بالمصريين بالخارج ، الى جانب تفعيل دور الاتحاد العام للمصريين بالخارج ودعم وتشجيع التجمعات للجاليات المصرية بالخارج ، والقيام بدور فى الحفاظ على اللغة العربية بين الأجيال المتعاقبة من أبناء المصريين بالخارج ، وعمل حصر للموارد البشرية والمالية للهجرة المصرية بالخارج .
وتشكلت اللجنة العليا للهجرة  عام 1983 من ممثلي وزارات : التعليم والبحث العلمي والدفاع والداخلية والخارجية ، والتعاون الدولي والتخطيط والاعلام والسياحة والطيران المدني ، والتأمينات والشؤن الاجتماعية والمالية والتنمية المحلية ، وكانت اختصاصاتها كالتالي :
انشاء مراكز متخصصة لتدريب الراغبين في الهجرة ، وتنظيم دورات متخصصة لتأهيل الراغبين في الهجرة ، وتوفير احتياجات المصريين بالخارج من مواد ثقافية واعلامية وقومية تحفظ صلاتهم بالوطن ، واقرار اليسيرات التي تمنح للمهاجرين بالخارج سواء قبل سفرهم أو خلال فترة تواجدهم بالخارج أو عند عودتهم .
إلا أن الواقع العملي يشير الى غياب الدور المنوط بكلا من قطاع شؤن الهجرة بوزارة القوى العاملة ، أو باللجنة العليا للهجرة ، فلا توجد مراكز تدريب متخصصة لتدريب الراغبين في الهجرة ، أو تنظيم دورات لتأهيل الراغبين في الهجرة ، والنتيجة تدهور سمعة العمالة المصرية بالخارج ، بالمقارنة للانضباط المشهود للعمالة الآسيوية ، كما ضعفت الصلات مع تجمعات المصريين بالخارج بدعوى وجود مشاكل فيما بينهم على رئاسة تلك التجمعات .
ولعل النظرة السريعة الى الموقع الإلكتروني لقطاع الهجرة بوزارة القوى العاملة يوضح ذلك القصور ، فيما يخص وجود نشرة دورية من القطاع للتواصل مع المصريين بالخارج فآخر نشرة متاحة بالموقع هي النشرة رقم 60 الصادرة في يوليو 2010 .
وباعتبار وزارة الخارجية إحدى الجهات الممثلة في اللجنة العليا للهجرة ، والتي تضم ادارة للهجرة منذ عام 1969 ، فقد تضمنت صفحتها الإلكترونية عنوان مؤشرات الاقتصاد المصري ، كان مضمونه عباره عن استعراض النشرة الأسبوعية لأسعار الأسهم بالبورصة المصرية ، والتي توقفت عند 21 نوفمبر 2013 .
ويكفى أن الجهات الرسمية المصرية ما زالت عاجزة عن تحديد عدد تقريبي للمصريين بالخارج ، حيث توقفت وزارة الخارجية عن اعلان تقديراتها لعددهم عند عام 2011 بنحو 3ر7 مليون شخص ، بينما أعلنت وزارة القوى العاملة فى اكتوبر الماضى أن عددهم 5ر3 مليون شخص

_________ ________________

*خبير اقتصادي، نقيب الصحفيين المصريين سابقاً

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه