وليد شرابي يكتب: مستقبل الاصطفاف

شباب الثورة غير الداعم لعودة الرئيس محمد مرسي إلى منصبه سيكون مظلوما لو تم استغلاله ليصطف مع أخرين على أساس خلع السيسي. يتبع

المستشار وليد شرابي*
سمعت مؤخرا أصواتا تقول إننا يجب أن نصطف أولا لإزالة الحكم الاستبدادي القائم ثم بعد ذلك نتحدث عن الشرعية. وقد رأيت أن هذا الرأي قد ارتكز على فلسفات تضيع معها الحقائق، وقد تؤدي إلى نكبات.

فإذا سلمنا بصحة هذه الافتراض ، وأن قوى الثورة قد اصطفت لإسقاط (الحكم الاستبدادي) فكان لها ما أرادت وتم خلع السيسي؛ فتخيل معي عزيزي القارئ هذه المشاهد التي ستحدث بمجرد خلع الطاغية.

اليوم هو يوم تنحي السيسي، وكل قوى الثورة (مصطفين) في الميادين، والفرحة تعم كل ربوع مصر
– المجلس الأعلى للقوات المسلحة يهنئ جماهير الشعب المصري العظيم بنجاح ثورته، ويطالبهم بضبط النفس
انسحاب كامل للشرطة، وانفلات أمني كامل في كل مكان.

عيسى والإبراشي ومنى وأديب ولميس يبكون على الشاشات من الفرحة، ويلعنون أيام السيسي.

– النائب العام يأمر بضبط واحضار عبد الفتاح السيسي ومنع جميع أفراد اسرته من السفر.

هيييييييييييييه الثورة نجحت يا جماعة ،ومبروك علينا الاصطفاف.

بيان الإخوان المسلمين : يهنئون الشعب المصري على ثورته العظيمة ويطالبون الجيش بتسليم الرئيس محمد مرسي مهام منصبه كرئيسا للبلاد.

بيان للقوى الثورية: إن الشرعية الثورية هي التي ستقود البلاد في المرحلة القادمة، وإن شرعية الشعب شرعية متجددة، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء.

بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمهل الأطراف المتناحرة ثمانية وأربعين ساعة للتوافق حول المرحلة القادمة، وإلا سيضطر إلى ادارة البلاد فترة انتقالية ستستغرق …… سنوات.

الدولة العميقة  ترسل مجموعة من الوجوه السياسية المشهورة، ومعهم قطعان البلطجية ليضعوا حزم البرسيم أمام مقرات حزب …… ، وذلك مع تغطية إعلامية مكثفة لهذا المشهد لكي تكون الفضيحة بجلاجل.

وفي المساء على إحدى قنوات الفضائية نجد الإعلامي (…..) يستضيف الشاب الثوري (…..) عضو ائتلاف (……) والمصاب في أحداث الثورة الأخيرة ، ويستضيف معه متحدثا عن الشرعية الدكتور (……). وعضو المجمع العلمي لاتحاد العلماء (……) والمتحدث باسم جماعة (….).

الشاب الثوري: عندما فشلتم وعجزتم عن تحقيق أهدافكم  قمتم بدعوتنا (للاصطفاف) معك ، ولم يقل لنا أحد إننا سنثور معكم من أجل عودة السيد (مرسي)؛ ولكنكم قلتم إننا سنصطف من أجل خلع هذا النظام الاستبدادي، والثورة لن تستبدل الفاشية العسكرية بفاشية ديني ، والحقيقة إننا لا نذكر لكم في هذه الثورة الا الغدرات منذ الدستور أولا أم البرلمان مرورا بأحداث محمد محمود، وعدم ترشيح رئيس جمهورية من طرفكم …. الخ.

متحدث عن الشرعية الدكتور (…. ): إننا متمسكون بشرعية الرئيس مرسي واحترام الإرادة الشعبية التي انتخبته، ولن نفرط في هذه الشرعية مهما كلفنا هذا الأمر.

الشاب الثوري: لقد فرطتم في هذه الشرعية يوم أن دعوتمونا للاصطفاف دون أن تعلنوا عن نواياكم وإنكم متمسكون بشرعية رئيسكم.  انتهى المشهد

الحقيقة إنني اطلقت العنان لخيالي لكي يبحث فيما هو قادم فوجدت أن شباب الثورة غير الداعم لعودة الرئيس محمد مرسي إلى منصبه سيكون مظلوما لو تم استغلاله ليصطف مع أخرين على أساس خلع السيسي، ثم تكون الصدمة عندما تعلم هذه القوى الثورية أن البعض أراد أن يتلاعب بها، وأن المستهدف لدى هذا البعض من هذا الاصطفاف هو عودة الرئيس الدكتور محمد مرسي. أما أنصار الرئيس الدكتور محمد مرسي فأقول لهم
إننا لا يوجد لدينا ما نخجل منه، وإن عودة الرئيس الدكتور محمد مرسي هو حق لكل أبناء الشعب المصري لا يجوز لأحد أن يتنازل عنه، أو أن يفرط فيه (ولو مؤقتا)، وإن الواقع الذي تعيشه مصر أثبت أن النكبات التي تعرضت لها مصر على يد العسكر لن يصلح لحلها إلا من هو في قيمة وقامة الرئيس الدكتور محمد مرسي فلا يجب أن نراوغ في الحق أو نلتف على الشرعية ظنا منا أننا أذكياء وغيرنا أغبياء.

لقد تجرع أبناء التيار الإسلامي السم في ثورة يناير فحموا الميدان وصدوا الغوغاء والرعاع عنه، وناموا تحت مجنزرات العسكر ثم قيل لهم لقد سرقتم الثورة فلن يكون من الفطنة أن يتجرعوا السم مرة أخرى خاصة وهم يدافعون عن حق مسلوب.
_________________________

*كاتب وقاض مصري

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه