وعود مكررة لا تتحقق بالموازنة المصرية

كلها وعود تكررت في السنوات المالية الماضية ولم تتحقق ، وتسعى وزارة المالية من خلال تضخيم الإيرادات خاصة الضريبية وتحجيم المصروفات، لإيجاد رقم ضخم للناتج المتوقع.

وبدأ مولد الموازنة الحكومية المصرية للعام المالي 2017-2018 والذى يبدأ أول يوليو/تموز القادم، حيث الوعود البراقة التي لا تتحقق من انحسار للعجز بالموازنة لتصبح رقما واحدا، وزيادة الحصيلة الضريبية وزيادة مخصصات أجور العاملين بالحكومة، وزيادة الدعم للطبقات الفقيرة .

وكلها وعود تكررت في السنوات المالية الماضية ولم تتحقق، وتسعى وزارة المالية من خلال تضخيم الإيرادات خاصة الضريبية وتحجيم المصروفات ورفع نسبة النمو المتوقع للناتج المحلى الإجمالي لإيجاد رقم ضخم للناتج المتوقع عندما يتم قسمة رقم العجز المتوقع للموازنة عليه ، فيتم الخروج بنسبة للعجز من رقم واحد أي أقل من الـ10%.

وتوقعت المالية المصرية بلوغ نسبة العجز الكلى 9.2 % بالعام المالي الجديد ، ويتم تداول تلك النسبة إعلاميا خلال الشهور المقبلة حتى يتم الإيهام بتحققها، بينما تتخطى نسبة العجز الكلى 12 %، لكن ذلك لا  يظهر إلا  خلال الحساب الختامي للموازنة، وهو أمر يتم تأجيل إعلانه  لفترة طويلة.

 حتى أن الحساب الختامي للعام المالي الأخير 2015-2016 لم يتم اعتماده من البرلمان حتى الآن ، رغم النص على اعتماده خلال ثلاثة أشهر من السنة المالية أي في سبتمبر/أيلول الماضي، بل أن البرلمان اعتمد منذ أسبوعين  فقط الحساب الختامي للعام المالي 2014-2015 .

ومن أساليب التلاعب المبالغة في تقدير الإيرادات الضريبية والتي توقعوا بلوغها 604 مليارات جنيه بالعام المالي الجديد ، فحين أعلن مسؤولو وزارة المالية تحسن الإيرادات الضريبية خلال الثمانية الشهور الأولى بالعام المالي الحالي بزيادة 25 % لتصل الى 201 مليار جنيه ، أي بمتوسط شهري 25 مليار جنيه ، يعنى ذلك أن تكراره بالعام المالي الجديد يشير لبلوغ الإيرادات الضريبية 302 مليار جنيه وليس 604 مليارات جنيه .

  مستهدفات ضريبية لم تتحقق

ولعل مقارنة المستهدفات الضريبية التي تم إعلانها ببداية العام المالي الحالي والبالغ 433 مليار جنيه أي بمتوسط شهري 36 مليار جنيه بما تحقق بتلك الشهور الثمانية والبالغ متوسطه الشهري 25 مليار جنيه ، خير دليل على عدم تحقيق المستهدفات .

وتسعى الحكومة لتعويض ذلك من خلال التوسع في برنامج الخصخصة للشركات والبنوك العامة ، لتحقيق موارد إضافية ذكرت أنها ستصل إلى 6 مليار جنيه، خاصة وأن توقعات الحكومة عن الإيرادات من المنح والمعونات الدولية بالعام المالي الجديد بلغت 1.1 مليار جنيه فقط ، أي حوالى 69 مليون دولار فقط بسعر الصرف الذى توقعته الموازنة والبالغ 16 جنيها للدولار، أو 61 مليون دولارا فقط حسب سعر الصرف الرسمي حاليا ، بما يعنى توقعها استمرار انقطاع المعونات الخليجية .

أما عن المصروفات فبينما تتحدث الحكومة عن زيادة مخصصات الدعم الغذائي ، فإنها تتجه لخفض عدد المستفيدين من البطاقات التموينية، وإذا كانت هناك زيادة في مخصصات الدعم الغذائي أو دعم المشتقات البترولية فإنها ترتبط بتغير سعر الصرف، وارتفاع تكلفة الاستيراد للسلع التموينية والمشتقات .

بل إن الالتزام بروشتة صندوق النقد الدولي يشير إلى زيادة أسعار الكهرباء ومياه الشرب والمشتقات البترولية خلال العام المالي الجديد ، مما جعل دعا وزير المالية للاعتراف بأن الأسعار لن تنخفض بالأسواق المحلية قبل شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول من العام الحالي .

     5 % زيادة الأجور والعلاوة 7 %

وعندما تذكر المالية أن مخصصات أجور العاملين  بالحكومة ستزيد بنحو 18 مليار جنيه إلى 240 مليار جنيها ، لأن تقديرات أجور العام المالي الحالي تصل 229 مليار جنيه أي أن الزيادة 11 مليار فقط بنسبة زيادة أقل من  5%، بينما قانون الخدمة المدنية قد حدد نسبة العلاوة السنوية لهؤلاء بنحو 7%، أي أن الفرق سيتم تعويضه من خفض عدد العاملين بالحكومة .                                  

أما الأرقام المعلنة للاستثمارات الحكومية فقد جرت العادة على عدم تحققها منذ سنوات ، حين استهدفت الحكومة بالعام المالي الحالي استثمارات بنحو  147 مليار جنيه وهو مالم يتحقق ، حيث تركز أولويات الحكومة على دفع أقساط وفوائد الديون ، على حساب باقي بنود المصروفات ، حتى تضمن استمرار الجهات المقرضة لها بالداخل والخارج في إقراضها ، وهكذا نجد أن بند فوائد الديون والبالغ 380 مليار جنيه يعد أكبر بنود المصروفات بالموازنة، أي أنه أكبر من مخصصات الدعم بكل نوعياته والأجور والاستثمارات .

وهكذا ستسدد الحكومة أكثر من مليار جنيه يوميا لفوائد الديون ومثلها لأقساط الديون ، أي أن هناك أكثر من 2 مليار جنيه يوميا إنفاق لا يستفيد منه المواطنون بشكل مباشر ، علاوة على اقتراض جديد لسد العجز الكلى المتوقع بالموازنة والبالغ 370 مليار جنيه .

 وهو رقم قابل للزيادة عمليا في ضوء ارتفاع سعر الصرف بالسوق عن السعر الذى توقعته الحكومة خلال العام المالي الجديد والبالغ 16 جنيها للدولار ، وكذلك في ضوء ارتفاع أسعار زيت الطعام وغيره من السلع الغذائية بالأسواق العالمية ، علاوة على توقع عدم تحقق الإيرادات المتوقعة في ضوء حالة الركود بالسوق ، كما أن بعضها غير قابل للتكرار مثل الحصول على 6.4 مليار جنيه بالعام المالي الحالي مقابل رخصة الجيل الرابع للمحمول .

ولهذا يتوقع اتجاه الحكومة للمزيد من الاقتراض من الداخل والخارج حيث أعلنت وزارة المالية اعتزامها اللجوء إلى الأسواق  الدولية لطرح سندات بالعام المالي الجديد ، وكان صندوق النقد الدولي قد توقع زيادة الدين الخارجي لمصر بنحو16.3 مليار دولار بالعام المالي الجديد .

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه