هل يملك ترمب الشجاعة لشن حرب على إيران؟!

منذ بداية حكمه والرئيس الأمريكي دونالد ترمب يحك جلده كما يقول التعبير السياسي من أجل شن حرب بأي طريقة وبأي ثمن، ولكن وكما قال أحد معلقي الـ CNN في برنامج 360 درجة الذي يقدمه اندرسون كوبر فإن ترمب لا يملك القدرة ولا الشجاعة على شن تلك الحرب الموعودة ضد إيران كما فشل في شنها ضد كوريا الشمالية وفنزويلا التي تهيئت له كل الظروف لتدخل عسكري لعزل رئيسها المنتخب من شعبه ولكنه وفي اللحظة الأخيرة تراجع عن ذلك وخذل زعيم المعارضة الذي تهيأ لاستلام السلطة عبر الفضائيات العالمية.

قرار الحرب

يمارس ترمب الضغوط على إيران تماما كما مارسها على كوريا الشمالية وتعلم إيران تمام العلم أنها واقعة تحت ضغوط سياسية واقتصادية هائلة لكنها تدرك وبخبرة السنين التي أعقبت ثورتها في 1979 م أن قرار الحرب الذي يمكن أن يشنها ترمب ليس أحادي الجانب فالحروب تقع بين طرفين أو أكثر، وقد جرب الأمريكان ذلك في الحرب العالمية الأولى والثانية واللتان استع نطاق المشاركة فيها حتى تحولتا إلى حروب عالمية شارك فيها عشرات الدول وراح ضحيتهما ملايين البشر بين قتلى ومصابين.

كما جرب الامريكان الحصار من قبل على إيران عقب قيام الثورة ولمدة ثلاثين عاما وخرجت إيران أقوى بالمعنى السياسي، إذ أصبحت شريكا في إدارة المنطقة من غزو أمريكا للعراق في عام 2003 إلى دورها في دعم حزب الله في لبنان والحوثي في اليمن وبشار الأسد في سوريا، بينما بدت أمريكا أضعف إذ لم تستطع تركيع إيران لا بالأمس ولا حتى تاريخه.

 لن تنسى أمريكا وأظن أن أحدا ما في الإدارة الامريكية يذكر أو يجب أن يذكر لترمب بأن إيران احتجزت الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران في الرابع من نوفمبر 1979 وهي التي انتهت باتفاق الجزائر عام 1981 بعد أن فشلت محاولة تحرير الرهائن عسكريا وراح ضحيتها ثمانية جنود امريكان وتم تدمير طائريتن أمريكيتين وكانت سببا في سقوط الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في الانتخابات الرئاسية كما يرى محللون.

نفوذ إيران في المنطقة

ويعرف الرئيس الأمريكي  الحالي ترمب أو يجب أن يعرف أن نفوذ ايران في المنطقة وتأثيرها على الشيعة من سكان العالم العربي هائل ومؤثر ولا أعتقد أن أحدا في الإدارة الامريكي يخفى عليه كيف اضطرت ادارة الرئيس الأسبق ريجان إلى تسليح إيران في حربها ضد العراق ومدها بأسلحة متطورة من أجل سعي إيران للإفراج عن سبعة رهائن  أمريكان أحتجزوا في لبنان واضطرت إدارة ريجان للتعامل مع ايران رغم حظر التعامل معها بوصفها حكومة ارهابية ، وتمت الصفقة التي أطلق عليها فضيحة -ايران كونترا وخرجت إيران فائزة من تلك الأزمة التي كان يتوقع البعض أن تشن أمريكا بسببها الحرب على إيران ، كما توهم البعض فعل نفس الشئ بعد احتجاز العاملين بالسفارة الأمريكية في طهران بعد ثورة الشعب الإيراني في 1979 .

توقع البعض الحرب وتمناها، ولكن في كل مرة وعلى مر العصور منذ اربعين عاما إلى اليوم، لم تجرؤ أي إدارة امريكية على شن الحرب على إريان بينما فعلتها ضد العراق وبدعم خليجي غير مسبوق، والنتيجة هي أن العراق اصبحت الحديقة الخلفية لإيران، وأداة من أدوات إيران في المنطقة.

بوش يهدد

في خطابه عن حالة الإتحاد في يناير 2002 هدد  بوش الإبن وتوعد إيران جنبا إلى جنب مع كوريا الشمالية والعراق ولكنه لم يجرؤ على اطلاق صاروخ واحد ولو على سبيل الخطأ أثناء ولا بعد غزوه للعراق ، وبالطبع لم يفعل مثل ذلك مع كوريا الشمالية ، وكأنه موّه بالحرب على الثلاثة لكي يضرب العراق بالمال الخليجي وبتحريض وتمويل سعودي لاينكره أحد وأرجعوا إلى تصريحات ومقابلات الأمير بندر بن سلطان السفير السعودي الملكي في واشنطن وصديق ورسول المحبة بين آل سعود وآل بوش كما ذكر الكاتب الأمريكي (كريج أونجر ) مؤلف كتاب آل بوش وآل سعود.

الرئيس الأمريكي السابق أوباما تفاوض مع إيران على سلاحها النووي رغم معارضة دول التمويل الخليجية التي كانت ترى في ذلك منح إيران سيادة المنطقة بامتلاكها للطاقة النووية وللسلاح النووي لاحقا ، لكن أوباما قال في تصريحات علقت عليها في عام2015 في برنامجي “مع زوبع” الذي يذاع على قناة “مكملين” إنه لن يسمح بشن حرب على إيران ولا على أي من المنطمات التابعة لها أو المتحالفة معها طالما لم تبدأ ايران بشن حرب على أي من  دول الخليج ، وهو الأمر الذي أغضب الملك عبد الله ملك السعودية السابق وقررت السعودية من بعدها البحث عن مرشح جمهوري يكن العداء لإيران لكي تدعمه وقد حدث ووجد السعوديون ضالتهم في دونالد ترامب ولكنهم للأسف اعتقدوا أن موقف ترامب نهائي وأنه سيشن الحرب على إيران بمجرد منحه المليارات ، واليوم نحن نشهد أن المليارات ذهبت إلى ترامب والإهانة كانت من نصيب السعودية ملكا ووليا للعهد ، ولا يزال ترامب يلعب بورقة الحرب ويلوح بها لحلب البقرات العربية ،حتى تيقن أن الحرب على إيران ليست في صالح بلاده ولا الحلفاء ، وتأكد أيضا أن التهديدات والحرب الكلامية لا تغني ولا تسمن من جوع وأن إيران ليست من هذا النوع الذي ترهبه التهديدات الفارغة ، وأن عليه أن يقدم شيئا آخر ويستخدم لغة مختلفةوأكثر تهذيبا وهو يخاطب إيران ، وهو ما حدث بالفعل إذ صرح قائلا ” إن ايران دولة عظيمة وأن امريكا لا تسعى لتغيير النظام كما لا تسعى لشن حرب عليها ” .

مانحو الجزية

وفي الوقت الذي يخذل ترمب مانحيه الجزية، يحاول الملك سلمان اقناع بعض الدول الفقيرة بتشكيل تحالف عربي وإسلامي فشلت السعودية في تشكيلة قبل عامين من أجل اثبات أن السعودية لا تزال تقف على قدميها كدولة كبرى في المنطقة بينما الحقيقة أن هذه أضغاث أحلام بل ربما تتحول إلى كوابيس إذا علم القائمون على الحكم في المملكة أن إيران لم ولن تكون عدوا لأمريكا وأن أمريكا لا تراها عدوا بل العدو هو المملكة نفسها ونظام حكمها وأن الخطة الحقيقية هي تفكيك المنطقة بما في ذلك تفكيك المملكة.

 

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه