هل يكون خاشقجي هو حريري المملكة؟؟

ايّام عصيبة سوف تمر بها المملكة خصوصا ومنطقة الخليج عموما وتعم أثارها مصر ومناطق تأثيرات المملكة ونقول حينها إن رفيق الحريري للسعودية والخليج هو جمال خاشقجي

 

يعيش العالم الْيَوْمَ على نبأ اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي والتي تقول كل التسريبات والتحاليل إنه في عداد الموتى (تغمده الله برحمته الواسعة)

ولم يبق الْيَوْمَ وحسب التسريبات المبرمجة من السلطات التركية سوى لمن يوجه له الاتهام في إعطاء الأمر باغتياله

وإذا اخذنا بعين الاعتبار تصريحات أمريكية خلال الأسبوع الماضي بأنها رصدت مكالمات لموظفين في سفارة المملكة منذ مدة لاختطافه دون أن تحذر الضحية ودون أن تأخذ بشأنها إجراءات

وأن سفارة بلاده بالولايات المتحدة هي من طلبت منه التوجه لأخذ إثبات شهادة الانفصال عن زوجته من سفارة السعودية بتركيا (حسب التسريبات الإعلامية) والترتيبات المالية لممتلكاته ببلده

وإذا تجاوزنا التحليل بأن المقصود ممن رسم خطوط هذه الأزمة كان لا محالة يستهدف بها تركيا وكذا إحداث شرخ في العلاقات بينها وبين السعودية بل وقطيعة

وإذا سلمنا بكل التسريبات الإعلامية والتصريحات الامريكية 

وإذا لم تحدث هناك تسويات تركية سعودية وتركية أمريكية لمقايضة ما، كانت تبحث عنها تركيا من السعودية ومن حليفها الرئيس ترمب

وعلى فرض مما يقوله البعض بأن أخلاق تركيا لن تقع في مثل هكذا مقايضات

وإذا بالفعل ثبت قتله وفي قنصلية المملكة وتوجه الاتهام القضائي التركي رسميا لاتهام السلطات السعودية بذلك،

فإنه يحق لنا أن نسجل هنا بأننا أمام حريري السعودية والجزيرة العربية

نقطة تحول

فكما كان دم الحريري واغتياله تغييرا في خارطة الشام الكبرى وتمهيدا لما يعيشه لبنان الْيَوْمَ وسوريا وجزءا مما يعرفه العراق من احداث

وكما كان الإذن لصدام بدخول الكويت بنقطة تحول وتغيير في موازين القوى وتشتيت الجهد في المنطقة

فإنه يحق لنا أن نتوقع أن تكون حادثة اغتيال جمال خاشقجي هي الفتيل في التغيير للجغرافيا ولموازين القوى في الخليج عموما والسعودية خصوصا، خاصة إذا ما رصدنا جملة من الفواعل الحاضرة في المنطقة والتي كلها تؤدي لنتيجة واحدة:

عاصفة الحزم والتي تستنزف من المملكة ما معدله 60 مليار دولار سنويا دون أن تحقق الأمن والاستقرار لها ولا السلم والعيش الكريم لليمن ولم تقوض من قوة الحوثي بل زادته ومكنته.

استهداف ما يسمى بقوى الشرعية اليمنية وحزب الاصلاح خصوصا من الإمارات وحلفائها قد يمزق التحالف الهش بين مكونات ما يمسي بتحالف الشرعية، وإذا زاد الاستهداف للإصلاح فانه لا يستبعد أن يكون هناك تقدير موقف لحزب الإصلاح والقبائل بالخروج من المعركة ضد الحوثي ولا نقول التحالف معه، وإذا حدث ذلك فالتوقع الأسوأ سوف يكون هنا على أمن المملكة وتصبح المعركة في العمق السعودي وليس على الارض اليمنية.

شرخ في النسيج

إن موروثات الدولة الدينية (السلفية وهيئة الأمر بالمعروف وغيره) والتي كانت تطبق بطريقة ميكانيكية وعنيفة على المجتمع وبين ما سمي بالحداثة المتبناة الْيَوْمَ من ولي العهد قد تؤدي لشرخ داخلي في النسيج الاجتماعي للمملكة بين تربية دينية متأصلة لعقود وبين تغييرات جوهرية مناقضة تماما للموروث الديني.

وإن ما سمي بحملة محاربة الفساد والتي طالت أغلب رؤوس العائلة المالكة من الأمراء دون تمييز، وبعضا من محاور المجتمع المالي وكذا الأشراف من منطقة الحجاز، من شأنه إحداث شرخ في مكونات العائلة المالكة وأقطابها وتعاضداتها

ثم إن الابتزاز الكبير الذي يمارسه الرئيس ترمب بحلب المملكة والذي إذا استمر قد يؤدي لعجز المملكة في تسديد النفقات العمومية وعدم وفاء الدولة بالتزاماتها تجاه المجتمع مما سيؤدي لنقمة إن لم نقل ثورة شعبية.

وإن التصدع الحاصل في العلاقة بين المملكة وقطر وبوادر أزمة تلوح في الأفق مع الكويت وخروج السلطنة منذ أمد بعيد من عباءة المملكة أدى الى تصدع في النطقة الحيوية للأمن القومي الخليجي وإدخال فواعل أخرى غير تقليدية مثل الإيرانيين والأتراك إضافة للأمريكان الموجودين تقليديا لجغرافيا الخليج.

محاولة توريط المملكة بشكل غير مسبوق ومعلن في محاولة التفريط بالحقوق الفلسطينية والدفع بها لأن تكون الضامن لنجاح صفقة القرن بالضغط على الفلسطينيين لمزيد من التنازل حسب التصريحات الأمريكية والإسرائيلية المتكررة.

تشتت فعل المملكة في عديد من ساحات اللاستقرار وساحات الاحتراب مثل مصر ولبنان والعراق وليبيا وسوريا وغيرها سوف يفقدها قوة التركيز في حماية أمنها المباشر.

العداء المتزايد لإيران ومقارعتها لها في كل الساحات. وادخال الإرباك في العلاقة بينها وبين تركيا.

استهدافها لما يسمى بتيار الإسلام السياسي في أغلب ساحات الأمة.

أيام عصيبة

 إن تلك الفواعل متعاضدة وإذا تم توجيه الاتهام رسميا الى قيادة المملكة من طرف القضاء التركي، حينها سنقول بأن أيّاما عصيبة سوف تمر بها المملكة خصوصا ومنطقة الخليج عموما وتعم آثارها مصر ومناطق تأثيرات المملكة ونقول حينها إن رفيق الحريري للسعودية والخليج هو جمال خاشقجي، إلا إذا تم تدوير للسلطة في المملكة إلى حين. لأن من خطط لهكذا وضع جرد المملكة من أغلب نقاط قوتها لتركها تواجه مصيرها بنفسها بعيدا عن اَي حليف أو نصير، وهذا ما لا نتمناه لأي كيان عربي أو كيان صديق أو غيرهما

اللهم احم أمن خليجنا ومغربنا وشامنا وكل اراضينا.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه