هل العيب في سيد قطب أم في محمد كمال؟

مر عام على استشهاد د. محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين وأحد أبرز قيادتها بعد انقلاب العسكر في الثالث من يوليو/تموز على الرئيس المنتخب

ولد محمد كمال في 12 من مارس/آذار 1955 في قرية الشيخ “زين الدين” التابعة لمدينة “طهطا”، في محافظة سوهاج وقد بدت عليه مخايل النجابة والنبوغ مبكرا، فإن صفات القائد تولد معه ولا تأتي صدفة ولا على كبر.

التحق بكلية الطب وتخرج فيها وفي عام 2003 أصبح رئيسا لقسم الأنف والحنجرة بجامعة أسيوط والتي تدرس فيها زوجته وثلاثة من أبنائه.

لم ينس قريته ولا مدينته لذا عرفناه في “طهطا” معالجا ومربيا وداعية بالقول والعمل.

ارتبط الناس بلطفه وكرمه وتواضعه ورقته فربطهم بدينه ودعوته ودلهم على مورده العذب وثماره الطيبة، وقد عايشت ذلك ورأيته، حتى إذا جد الجد واستباح العسكر الأرض والعرض رأينا الطبيب الحيي هو القائد القوي والمجاهد الأبي، حاملا الراية في وقت الغرم لا الغنم، وكان من يراه قبل ذلك يظن أنه لا يعرف إلا علاج الأذن أو استئصال اللوزتين، فإذا به يملأ السمع والبصر، وانبرى لاستئصال الورم الذي ينهش الوطن والبشر.

محاصرة سيد قطب

لكن مجريات الأمور أذهلت المتابعين، وكأنه كتب على من لدغ من جحر العسكر مرتين

أن يضيق بطوق النجاة، ويتبرم بمن يملك علاجه وشفاهحدث هذا مع انقلاب عبد الناصر في 1954 وبعد انقلاب السيسي في 2013 على حد سواء!

ففي الوقت الذي أبصر فيه سيد قطب حقيقة العسكر مبكرا وأدرك مخططهم من بداياته وكان للحركة الإسلامية بمثابة المحرك الذي تحتاجه لتقوم من وهدتها وتكمل مسيرتها

ضاق به أعداء المبدعين الذين يتوجسون من التغيير والتفكير واستطاعوا محاصرة الرجل إلى حين.

فلما جاء الربيع العربي وما تلاه من كبوات عاد صاحب الظلال إلى الواجهة ونال بعض حقه ومنزلته، بسابقته وسبقه؛ لكن الحالة المصرية لم تراوح مكانها وبقيت على ما كانت عليه قبل ستين سنة فلم يفطن لقيمة محمد كمال إلا القليل، في الوقت الذي أدرك فيه أعداؤه أنه الخطر الأكبر عليهم، وأن الخلاص منه هو الانتصار الأكبر علينا.

إن الذي لا يحسن النظر في التاريخ لا يستطيع أن يبصر المستقبل؛ لقد كان محمد كمال هو قطب المرحلة وسيد العارفين بطبيعتها وكيفية التغلب عليها

لكن، هل هي صفقة كاملة وحزمة واحدة تقضي بأن من يلدغ من العسكر عليه أن يفر من المصلحين؟

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه