نصيحة ألمانية للتداوي بالبصل

ما أدهشني حقاً أن البعض في ألمانيا مازال يؤمن بالعلاجات القديمة، أو الطب الشعبي أوكما يسمونه هنا “وصفة الجدة الطبية” رغم كل هذا التقدم الطبي الهائل في ألمانيا!

أخذت على محمل الجد نصيحة جارتي الألمانية بوضع قطعة من قلب بصلة في أذني اليمنى للتخفيف من التهاب طارئ، ولم تمنحني الجدة العجوز وقتا كافيا للتدقيق في صحة نصيحتها، فبادرت بإرسال مقال لي في موقع مجلة” كريواكتوبس” يتحدث بإسهاب عن الفوائد الجمة للتداوي بالبصل.

ليس وحده البصل، بل أن هناك قائمة طويلة من أعشاب ونباتات كثيرة تعالج الأمراض، أو يستخدمها البشر في طعامهم من أجل صحة أفضل.  وفي كل دول العالم يسمون لك أنواعا من النباتات الطبية التي تنمو في أراضيهم، ويحددون لك خواصها العلاجية، إنهم يتوارثون أسلوب العلاج هذا عن أجدادهم القدماء، لكن ما أدهشني حقاً أن البعض في ألمانيا مازال يؤمن بالعلاجات القديمة، أو الطب الشعبي أوكما يسمونه هنا “وصفة الجدة الطبية” رغم كل هذا التقدم الطبي الهائل في ألمانيا!

الغرابة

تتبدد الغرابة شيئا ما عندما نعرف أن علم ”  Homöopathie” أحد أفرع الطب البديل، هو اختراع ألماني، ومؤسسه هو الطبيب الألماني” صامويل هانيمان”، إنهم  يسمون هنا هذا النوع من العلاج متمم علاجي”،  وفي مدينة ميونيخ  قسم خاص في أكبر مستشفياتها  جروس هادرن”  للعلاج بالأعشاب،  والطب الشعبي الألماني القديم  . 

وفق مقال مجلة “كريواكتوبس” فإن أهم خواص البصل أنه يحتوي ليس فقط على الفيتامينات والمعادن إنما مركبات أخرى مهمة جدا لصحة الإنسان، فهو يحتوي على مادتي ” الأليسين واللين” وهما من المضادات الفعالة للبكتريا ويعملان كمضاد حيوي قوي. يحتوي البصل أيضا على مادة “الكريستين” المعروفة بأنها مضادة للأكسدة، وهي موجودة في البصل الأخضر بكثرة، وتعمل على تخفيف الالتهابات وتنظيم ضغط الدم كذلك.
ليس هذا فحسب، بل يحتوي البصل أيضا على حمض” الجليكوليك” المفيد في علاج حب الشباب، وإزالة خلايا الجلد الميتة، ونضارة البشرة، وقد يصنع منه مسحوقا بوضعه، على الوجه للتقليل من البثور وتهيج الجلد، أما طريقة عمل قناع للوجه من ” لبخة” البصل وفق الطريقة الألمانية فهي تتلخص في غلي كوب من اللبن به قطعة من الخبز الأبيض، ثم إضافة البصل المهروس والتقليب المستمر حتى يصبح الخليط متجانس ثم يوضع على الوجه.

زيوت البصل تستخدم لعلاج السعال وعلاج حب الشباب أيضا، كذلك فان وضع شريحة من البصل في جورب المريض تخفف من ارتفاع درجة الحرارة، وينبه المقال إلى وجودة عادة قديمة في ألمانيا وهي حرص الجدات على وضع قطع من البصل في جوارب أحفادهن أثناء النوم لتخفيف درجة حرارة الجسم أثناء النوم. أيضا أكل البصل أو تناوله كحساء مهم جدا للشفاء من نوبات البرد التي تصيب الإنسان دائما في فصل الشتاء.  

 لا يبالي كثيرون من الذين يعرفون أهمية البصل بالحروق التي تصيب أجسامهم من أشعة الشمس الحارقة في الصيف، فيكفي أن تغطي الأجزاء المحروقة بشرائح البصل إلى أن يخف الألم. وهناك من يري أن استخدام شرائح البصل الطازج من الثلاجة ووضعها على المناطق المتضررة لمدة 5 دقائق تخفف من أثار تلك الحروق ويمكن استخدام نفس الطريقة للتحفيف من لدغات الحشرات ولسعات النحل.

يحث مقال المجلة الألمانية ربات البيوت باستخدام أجزخانة المطبخ التي تحتوي على البصل، وعدم اللجوء إلى اجزخانة المنزل التي تحتوي على العقاقير، فالعلاج بالطبيعة أهم وأنفع لصحة الإنسان طالما كان ذلك متاحا!

في ألمانيا بشكل عام هناك إتجاه عام يتنامي مع الوقت للاستشفاء بأجواء الطبيعة، لما يتوافر فيها من أعشاب ونباتات تهم صحة الإنسان، وفي العالم المتقدم هناك زيادة مستمرة في أعداد النباتيين الذين يفضلون تناول الخضروات فقط، ويبعدون عن أكل اللحوم الحمراء. 

هنا في القرى الجبلية في منطقة جبال الألب يهتمون بالأعشاب واستخدمها في العلاج والطعام، وهم يعرفون بدقة أنواعها وقد رأيت ذلك أكثر من مرة، فهم يضعون الأعشاب في آنيات شرب الماء، ويطهون الأعشاب الجبلية أيضا في وجباتهم الخاصة. 

من الصعب أن تجد طبيبا في ألمانيا يكتب لك روشتة متعددة أنواع الدواء، على أكثر تقدير هو يكتب صنف دواء واحد لا أكثر، والأطباء الألمان متحفظون في صرف الأدوية خاصة المضادات الحيوية والكيرتيزون ويعالجون نزلات البرد دون دواء إنما فقط بالتوصية من الإكثار في شرب السوائل الساخنة لاسيما اليانسون وأنواع أخري من الاعشاب. الصيداليات لاتصرف الدواء في ألمانيا خاصة الذي يحتوي على الكورتيزون أو المضادات الحيوية إلا بروشتة الطبيب حفاظا على صحة الإنسان. 

الصراع

بالطبع الصيادلة يعرفون أن هناك صراعا عالميا محتدما بين شركات الأدوية العالمية،  والمعالجين بالطب الشعبي، فليس من مصلحة تلك الشركات الدعاية للعلاج بالأعشاب الطبية، فالشركات تبحث عن الربح وهو  أكثر ما يهمها،  كما أنها ضد أي علاج بديل يغني عن العلاج الكيماوي لأنه يؤمن لها الربح المادي الكبير، لذلك فهي تحارب الطب البديل بلا هوادة ، ووفق حديث لي سابق مع أحد الصيادلة  في مدينة ميونيخ فإنه يقول:  “لا يمكن الاستغناء كلية عن الأدوية الكيماوية لأنها منقذة للمرضي في بعض الحالات، لكن في نفس الوقت لابد من التأكيد علي أن الكثير منها كاذب وخادع للمرضي   ولم يحقق نتائج شافية كما في حالات مرضي السرطان والسكري علي سبيل المثال” .

في النهاية يجب أن يهتم الإنسان بصحته، ويعرف أنها ثمينة وغالية، ولابد أن يصاحب الإهتمام بها ثقافة عامة في طرق وأسلوب التغذية والعلاج، عندها فقط يمكن له أن يضمن نوعا من الحياة الهانئة بعيداًعن ماقد يسببه جهله بنفسه من أضرار جسيمة لصحته.

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه