ممدوح الولي يكتب: أدنى صادرات منذ 8 سنوات

كانت قيمة الصادرات قد أخذت اتجاها مستمرا في الهبوط منذ عام 2011 عام ثورة 25 يناير ، واستمر الهبوط بلا انقطاع خلال السنوات التالية.

ممدوح الولي* 
حققت الصادرات السلعية  المصرية بالعام الماضي، أدنى قيمة لها خلال السنوات الثماني الماضية ، لتصل إلى 4ر21 مليار دولار ، مقابل 8ر28 مليار دولار بالعام الأسبق ، بنقص 4ر5 مليار دولار بنسبة تراجع 20 % حسب بيانات جهاز الاحصاء .

وكانت قيمة الصادرات قد أخذت اتجاها مستمرا في الهبوط منذ عام 2011 عام ثورة 25 يناير ، واستمر الهبوط بلا انقطاع خلال السنوات التالية .

وتعددت أسباب تراجع الصادرات، ومنها صعوبة تدبير الدولار لاستيراد المواد الخام والسلع الوسيطة للإنتاج ، وتوالى انخفاض قيمة الجنيه مما زاد من تكلفة استيراد تلك المكونات، الأمر الذى قلل الميزة التنافسية السعرية للصادرات المصرية.

والانخفاض العالمي لأسعار النفط، حيث يشكل البترول ومنتجاته نسبة 19% من أجمالي  الصادرات، وكذلك فقدان عدد من الأسواق العربية بسبب الاضطرابات الداخلية بها مثل ليبيا واليمن وسوريا والعراق .

وفيما يخص جهات وصول الصادرات المصرية ، فقد تراجعت قيمة الصادرات بالعام الماضي بالمقارنة بالعام الأسبق إلى كل الجهات الجغرافية، وإن كان أكثرها حدة منطقة أمريكا اللاتينية بتراجع 36 %، وآسيا غير العربية 34 % ، والاتحاد الأوربي 25 % والدول العربية 14%، وكلا من شرق أوربا والدول الأفريقية غير العربية 7 % والولايات المتحدة بتراجع 3 % .

وبالنسبة  لنوعية الصادرات فقد تراجعت غالبية السلع ، وكان أكثرها حدة في التراجع البترول الخام ومنتجاته بنسبة 37 % ، والكيماويات والأدوية بتراجع 34 % والمعادن ومصنوعاتها  26 % ، والجلود ومنتجاتها 21 % والكتب والورق 20 % ، والسلع الهندسية والإلكترونية 15 % ، والقطن والغزل والمنسوجات والملابس والمفروشات 8 % ، ونفس النسبة للتراجع لصادرات الصناعات الغذائية .

نمو مستمر للواردات
وعلى العكس من هبوط الصادرات، أخذت قيمة الواردات المصرية اتجاها متصاعدا مستمرا منذ عام 2009 وحتى العام الأخير ، والغريب أن ترتفع قيمة الواردات المصرية بالعام الماضي الى 4ر74 مليار دولار ، مقابل 9ر70 مليار دولار ، بزيادة 5ر3 مليار دولار بنمو 5 %.

 رغم الإجراءات المتشددة التي اتخذها البنك المركزي لتقليل الواردات ، واعلان محافظ البنك المركزي استهداف خفض قيمة الواردات حوالى 20 مليار دولار ، وما قامت به الجمارك من فرض أسعار استرشادية أعلى ، لقيمة السلع المستوردة ، لفرض معدل الجمارك على تلك القيم المرتفعة ، مما أدى  لارتفاع تكلفتها ، وما تلاها من رفع معدل الجمارك على 615 سلعة .

 وقيام وزارة التجارة بوضع ضوابط للاستيراد تحت مبرر الحفاظ على  جودة  السلع المستوردة ، واشتراط تسجيل الشركات الأجنبية التي  يتم الاستيراد منها ، في سجل بهيئة الرقابة على الصادرات والواردات المصرية ، والتجهيز لتعديل لائحة المستوردين وبما يؤدى للتقليل  من أعداد المستوردين.
 

ورغم انخفاض الأسعار العالمية للنفط ، فقد زادت قيمة الواردات المصرية من البترول الخام ومنتجاته بنمو 21 % ، بسبب زيادة معدلات الاستهلاك المحلى ، وبدء استيراد الغاز الطبيعي للمرة الأولى منذ أبريل من العام الماضي .

 والذى يتوقع استمرار تزايد كمياته المستوردة بالسنوات القادمة ، خاصة أن انتاج الغاز من حقل ظهر  الذى اكتشفته شركة إينى الإيطالية ، بالمياه الإقليمية المصرية بالبحر المتوسط لن يبدأ قبل نهاية العام القادم .

معدل غير مسبوق للعجز
وهكذا تراجعت نسبة تغطية الصادرات إلى الواردات ، من 7ر50 % عام 2011 الى 7ر28 % بالعام الماضي ، وتوافق ذلك مع تزايد قيمة العجز التجاري السلعي من 8ر30 مليار دولار عام 2011 إلى 53 مليار دولار بالعام الماضي، وهو رقم غير مسبوق .

 لا تستطيع فوائض التجارة الخدمية بالإضافة الى التحويلات تغطيته ، خاصة مع توقف المعونات الخليجية الأمر الذى أدى لزيادة العجز بميزان المعاملات الجارية المصري واللجوء للاقتراض لتعويض نقص الموارد الدولارية
وتأتى خطورة تراجع قيمة  الصادرات المصرية كونها المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية لمصر ، حيث كانت تشغل المركز الأول بين موارد النقد الأجنبي ، قبل التحويلات والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة ، إلا أنه مع تراجع الصادرات حل محلها بالمركز الأول للموارد القروض والودائع الأجنبية .

والمعروف أن قيمة الصادرات تمثل كل ما يخرج من مصر من صادرات، أي يتضمن صادرات الشركات الأجنبية العاملة بمصر، ونظرا لصعوبات تحويل الأرباح لتلك الشركات ، فإن بعضها يحتفظ بقيمة تلك الصادرات بالخارج بدلا من دخولها لمصر .
 وبالنسبة لما يخص الشركات المصرية من قيمة للصادرات ، فالجانب الأكبر منها لشركات قطاع خاص، وجزء أقل لشركات قطاع أعمال عام ، وفى ضوء صعوبة تدبير العملة اللازمة لاستيراد مكونات الانتاج ، فإن غالب تلك الشركات الخاصة لا تحتفظ بحصيلة صادراتها لدى  البنوك .
 مما يقلل من أرصدة البنوك الدولارية ويعمق مشكلة نقص الدولار ، حيث أصبحت تلك الأرصدة سالبة منذ شهر نوفمبر الماضي وحتى يناير ، والتي تمثل آخر بيانات أعلنها البنك المركزي المصري  .

_____________________________

*خبير اقتصادي مصري

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه